۰.مع ما أرى من دَوَران الفَلَكِ بقدرته ، وإنشاء السَّحابِ ، وتصريفِ الرياحِ ، ومَجْرَى الشمسِ والقمرِ والنجومِ ، .........
قبيل أن يقال: ما بين «أ» و«ب» أقلّ من ذراع، وكذا ما بين «أ» و«ج» فإنّه يلزم منه أنّه إذا اُخذ «ج» مع الواقع بينه وبين «أ» لم يزد على الأقلّ من ذراع إلّا بالطرف الذي هو «ج» وهو حكم صحيح.
وفيه نظر؛ لأنّ الحكم في هذه الصورة بيّن بخلاف الصورة المبحوث عنها؛ إذ لا يلزم من تناهي كلّ جزء من الأجزاء الواقعة بين النقطتين تناهي الكلّ؛ لأنّه غير واقع بين الطرفين أصلاً.
وقيل ۱ في جوابه: إنّ هذا البرهان حدسي، وصاحب القوّة الحدسيّة يعلم أنّ هناك واحدة من العلل هي مع الطرف يحيطان بما عداهما وإن لم تتعيّن تلك الواحدة عنده، ولم يمكن له الإشارة إليه على التعيين.
واُورد عليه ۲ أنّ الفطن اللبيب يعلم ما في هذا الاعتذار؛ فإنّ هذه المقدّمة ـ يعني وجوب توسّط الكلّ بين المبدأ وواحد ـ ليس أجلى من المطلوب حتّى يثبت به، أو ينبّه عليه بل يكاد يكون عينه؛ إذ لا معنى للانتهاء إلّا إحاطة النهاية به، وكيف يعتري الخفاء في هذا المطلب مع جلاء تلك المقدّمة؟!
الوجه الثاني ۳
وهو ما أشار إليه عليه السلام بقوله: (مع ما أرى) وفي بعض النسخ بدله «على ما أرى» إلى قوله: «وغير ذلك» ـ استدلال بالعِلْويات وحركاتها المنتظمة المتّسقة، وبما يحدث بينها وبين
1.قائله الإيجي في المواقف، ج ۱، ص ۴۵۸.
2.المورد الدواني في رسالة إثبات الواجب القديمة (المطبوعة في رسائل سبع) ص ۱۰۳. اقتبس المؤلّف هذا البرهان بهذه العبارات من هذه الرسالة.
3.أي في البرهان على وجود الواجب بالذات، وتقدّم الوجه الأوّل في ص ۲۸۰.