427
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

السِفْليات، وانتظام الجميع نظما دالّاً على وحدة ناظمها ومدبّرها، على ۱ أنّ لهذا العالم ـ المنتظِم المشاهَد من السماوات والأرضين وما فيهنّ وما بينهنّ ـ مقدِّرا ومُنشئا واجب الوجود بالذات، ينتظم النظام بتقديره، ويوجد الأشياء بإنشائه.
فهو عليه السلام استدلّ على وجود الواجب بالذات هنا بأربع مسالك:
الأوّل الاستدلال بأحوال الأجسام وأوصافه على وجوده تعالى.
والثاني الاستدلال بوجود الحركة على وجوده تعالى.
والثالث الاستدلال بحدوث الحوادث على وجوده تعالى.
والرابع الاستدلال بانتظام أجزاء العالم واتّساقها وترتّب الحِكَم والمصالح التي لا تعدّ ولا تحصى عليه على وجوده تعالى، وبالحريّ أن نذكرها هاهنا مفصّلاً:

المسلك الأوّل في الاستدلال على وجوده تعالى بأحوال الجسم وأوصافه، وفيه طرق

الطريق الأوّل على مذاق المشّائين وهو أنّ كلّ جسم مركّب من المادّة الاُولى والصورة الجسميّة، وبين الصورة والمادّة تلازم ومعيّة بالذات في مرتبة الوجود على ما حقّقهم كلّ ذلك في مظانّه، والمتلازمان يجب أن يكون أحدهما علّة للآخر، أو يكونا معلولي علّة ثالثة، فلا يكون بين الواجبات المتعدّدة على تقدير وجودها والاُمور الاتّفاقيّة تلازم أصلاً، والمادّة والصورة لمعيّتهما في مرتبة الوجود لا يكون أحداهما علّة للاُخرى، فلا بدّ أن تكونا معلولينن ۲
لعلّة ثالثة، فكلّ منهما معلول ممكن، فالجسم المركّب منهما ـ لكونه محض الممكنات المعلولة ـ ممكن معلول، فعلّة الجسم إن كان جسما آخر، يتسلسل الأمر إلى غير النهاية، أو يدور وهما محالان، وإن كان أمرا آخر غير الجسم، ننقل الكلام إليه فإن كان

1.متعلّقة بقوله: «استدلال».

2.في النسخة: «أن يكونا معلولين».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
426

۰.مع ما أرى من دَوَران الفَلَكِ بقدرته ، وإنشاء السَّحابِ ، وتصريفِ الرياحِ ، ومَجْرَى الشمسِ والقمرِ والنجومِ ، .........

قبيل أن يقال: ما بين «أ» و«ب» أقلّ من ذراع، وكذا ما بين «أ» و«ج» فإنّه يلزم منه أنّه إذا اُخذ «ج» مع الواقع بينه وبين «أ» لم يزد على الأقلّ من ذراع إلّا بالطرف الذي هو «ج» وهو حكم صحيح.
وفيه نظر؛ لأنّ الحكم في هذه الصورة بيّن بخلاف الصورة المبحوث عنها؛ إذ لا يلزم من تناهي كلّ جزء من الأجزاء الواقعة بين النقطتين تناهي الكلّ؛ لأنّه غير واقع بين الطرفين أصلاً.
وقيل ۱ في جوابه: إنّ هذا البرهان حدسي، وصاحب القوّة الحدسيّة يعلم أنّ هناك واحدة من العلل هي مع الطرف يحيطان بما عداهما وإن لم تتعيّن تلك الواحدة عنده، ولم يمكن له الإشارة إليه على التعيين.
واُورد عليه ۲ أنّ الفطن اللبيب يعلم ما في هذا الاعتذار؛ فإنّ هذه المقدّمة ـ يعني وجوب توسّط الكلّ بين المبدأ وواحد ـ ليس أجلى من المطلوب حتّى يثبت به، أو ينبّه عليه بل يكاد يكون عينه؛ إذ لا معنى للانتهاء إلّا إحاطة النهاية به، وكيف يعتري الخفاء في هذا المطلب مع جلاء تلك المقدّمة؟!

الوجه الثاني ۳

وهو ما أشار إليه عليه السلام بقوله: (مع ما أرى) وفي بعض النسخ بدله «على ما أرى» إلى قوله: «وغير ذلك» ـ استدلال بالعِلْويات وحركاتها المنتظمة المتّسقة، وبما يحدث بينها وبين

1.قائله الإيجي في المواقف، ج ۱، ص ۴۵۸.

2.المورد الدواني في رسالة إثبات الواجب القديمة (المطبوعة في رسائل سبع) ص ۱۰۳. اقتبس المؤلّف هذا البرهان بهذه العبارات من هذه الرسالة.

3.أي في البرهان على وجود الواجب بالذات، وتقدّم الوجه الأوّل في ص ۲۸۰.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125374
صفحه از 739
پرینت  ارسال به