429
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

فلكونهما معا في الوجود على ما مرّ آنفا، وأمّا ثانيا فلأنّ الصور والهيئات اُمور مختلفة متباينة لا يمكن أن يكون علّة لأمر واحد متشابه على ما بيّن في موضعه.
وإذا لم يكن كلّ ۱ من الجسميّة المطلقة والصور والهيئات اللازمة علّةً للآخر، فلا بدّ أن يكونا معلولي علّة ثالثة، فيكون الأجسام النوعيّة ممكنا معلولاً بالضرورة. وكذا الحال في عوارضها؛ لاحتياجها في الوجود إليها، وننقل الكلام إلى علّتها، فيدور، أو يتسلسل، أو ينتهي إلى الواجب بالذات غير جسماني، والأوّلان محالان، فثبت الثالث؛ فتأمّل.
[الطريق الثاني:] ۲ كلّ جسم وجسماني له مهيّة كلّيّة؛ لاشتراك حقيقته بين أجزائه الوهميّة والفرضيّة، فإنّ كلّ جسماني منقسم على ما بيّن في موضعه ولو وهما وفرضا. والنقطة غير موجودة في الخارج على ما حقّق في محلّه، وما هو المشهور عند الجمهور فيه قصور، وما له مهيّة كلّيّة يمتنع أن يكون واجبا بالذات؛ لأنّ الواجب هو الموجود البحت، لا الشيء الموجود، ولو كان له مهيّة كلّيّة، لكان شيئا موجودا لا الموجود البحت، هذا خلف، فكلّ جسم وجسماني ممكن، وكلّ ممكن موجود لا بدّ له من علّة، فإن كانت علّته واجبا بالذات غير جسماني، ثبت المطلوب، وإلّا فننقل الكلام إليها حتّى ينتهي إلى الواجب بالذات الغير الجسماني؛ لاستحالة الدور والتسلسل.
الطريق الثالث أيضا على مذهب المشّائين وهو أنّ كلّ جسم وجسماني إمّا متّصل بالذات، أو متّصل بالغير، والمتّصل بالغير يجب أن يكون له معيّة ذاتيّة في مرتبة الوجود بالمتّصل بالذات، أو يكون متأخّرا عنه في المرتبة بالضرورة، والمتّصل بالذات ـ وهو الصورة الجسميّة ـ مهيّته غير إنّيّته. أمّا أوّلاً فلكون الصورة الجسميّة مشتركة بين الأجسام كلّها على ما حقّق ذلك في محلّه، وأمّا ثانيا فلما قيل من أنّ المتّصل بذاته ذاتُه من حيث هي هي، وبمحض نفس ذاته مصداق للمتّصليّة والاتّصال، والمتّصليّة والاتّصال من لوازم

1.في النسخة: «كلّاً».

2.موضعه في النسخة بياض.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
428

واجبا بالذات ثبت المطلوب، وإن كان ممكنا ينتهي إلى الواجب؛ لاستحالة الدور والتسلسل، بل نقول: كلّ واحد من الأجسام النوعيّة مركّب من المادّة والصورة، سواء قلنا بمادّة أبسط من الجسم، كما ذهب إليه المشّاؤون، ۱ أم لا، كما هو مذهب الإشراقيين، وسواء اعترفنا بالصور الجوهريّة المنوّعة لمحلّها، أو لم نعترف، فإنّه لا بدّ من وجود هيئات واُمور زائدة على الأجسام، بها امتازت الأجسام، والمجموع المركّب من الجسم من حيث هو جسم ومن تلك الاُمور المميّزة هو الجسم النوعي، فكلّ جسم نوعي مركّب منهما، فنقول: لا يمكن تحقّق الجسميّة المطلقة؛ أعني الجسم من حيث هو جسم، في مرتبة من مراتب الوجود بدون تلك الصور والهيئات؛ ضرورة امتناع تحقّق المبهم على إبهامه في الخارج في مرتبة من المراتب. وكذا لا يمكن تحقّق الصور والهيئات بدون الجسم المطلق، التي هي محلّها؛ لقيامها بها، بل لو تحقّقت الصور والهيئات بدون الجسميّة في مرتبة من المراتب، لزم صيرورة المجرّد مادّيا، وهو محال على ما حقّق في موضعه، فبين الجسم من حيث هو جسم ـ وهو المسمّى بالمادّة الثانية عند المشّائين، والمادّة الاُولى عند الإشراقيين ـ وتلك الهيئات والصور تلازم ومعيّة بالذات في مرتبة الوجود، والمتلازمان كما مرّ آنفا يجب أن يكون أحدهما علّة للآخر، أو يكونا معلولي علّة ثالثة، أو علل متلازمة، وذلك يرجع بالأخرة إلى الثاني، ولا يكون بين الواجبين والأمرين الاتّفاقيين تلازم أصلاً؛ لما بيّن في موضعه.
ولا يمكن أن يكون الجسميّة المطلقة علّة لتلك الصور والهيئات. أمّا أوّلاً فلكونها معها في مرتبة الوجود على ما مرّ، وأمّا ثانيا فلأنّ الجسم من حيث هو جسم مشترك بين الأجسام، متشابه فيها، والصور والهيئات اُمور مختلفة متباينة ولا يصدر من العلل المتشابهة الاُمور المختلفة المتباينة بالضرورة.
ولا يمكن أيضا أن يكون الصور والهيئات علّة للجسم من حيث هو جسم. أمّا أوّلاً

1.في النسخة: «المشّائين».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125365
صفحه از 739
پرینت  ارسال به