433
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

الأجزاء وكثرتها، يلزم أن يكون المتّصل بالذات معلولاً ممكنا كما ذكرت. وأمّا إذا كان باختلاف المقدار زيادة ونقصانا ـ على ما حرّرت من الاحتمال على ما هو المشهور ـ فلا يلزم إلّا معلوليّة المقدار لا المتّصل بذاته.
نقول: مخصّص هذا المقدار المعيّن لا يكون طبيعة المتّصل بالذات على ما مرّ، ولا ما هو متّصل باتّصال هذا المتّصل بالذات، أو متقدّر بمقداره، وإلّا لكان متقدّما على ذلك الاتّصال والمقدار بالذات بالضرورة، فيلزم صيرورة المجرّد مادّيا على ما حقّق في موضعه وهو ممنوع.
ولا يكون متّصلاً مغايرا لهذا المتّصل؛ لتناهي المتّصلات، فينتهي إلى المجرّد الواجب بالذات الذي هو المطلوب.
على أنّ الحقّ عند الإشراقيين هو الاحتمال الأوّل، وهذا البرهان على طريقتهم؛ فلا تغفل.
فإن قلت: لِمَ لا يجوز أن يكون المتّصل بالذات مختلفا بالكمال والنقص بحسب اختلافه في المدّ والبسط، ويكون بعض مراتبه الكاملة واجبا، فلا يلزم التسلسل، ولا الانتهاء إلى مجرّد واجب بالذات كما هو المطلوب؟
قلنا: لا يجوز ذلك؛ لما قيل من أنّ طبيعةَ المتّصل بذاته، المشتركة بين جميع أفراده المختلفة بالكمال والنقص إن كان لأنّه متّصل بالذات واجبا لازما أن يكون ۱ في غاية الكمال، كان كلّ مرتبة من مراتب هذا المعنى كذلك، فلا يتعدّد ولا يختلف أصلاً؛ لأنّ لازم المعنى الواحد لا يتخلّف عنه قطعا، وإن لم يجب؛ لأنّه متّصل بالذات، وبمحضه أن يكون في غاية الكمال، يحتاج كونه في غاية الكمال أيضا إلى علّة بالضرورة، فلم يكن الكامل واجبا بالذات.

1.خبر لقوله: «أنّ طبيعة المتّصل».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
432

كانت العلّة نفس الجسميّة فلا تكون ۱ تلك الصفة مختصّة بالبعض دون البعض الآخر، بل كانت الصفة التي بها الامتياز لازمةً لكلّ جسم، فلا تكون الصفة المميّزة مميّزة، هذا خلف.
وإن كانت العلّة خارجة فإن كانت واجبة ثبت المطلوب، وإن كانت ممكنة، فلا بدّ من الانتهاء إلى علّة واجبة الوجود لذاتها ۲ . انتهى.
وفيه تأمّل كما لا يخفى.
فالأولى أن يقال: الجسماني إمّا متّصل بالغير وهو مع المتّصل بالذات، أو متأخّر عنه، واختصاصه بمقدار معيّن تابع للمتّصل بالذات، وإمّا متّصل بالذات، ولا ريب أنّ طبيعة المتّصل بالذات يمكن تعدّد أنحاء وقوعاتها وحصولاتها، كما هو المشهور باختلاف مراتبها مدّا وبسطا، واختلاف أجزائها قلّة وكثرة على ما هو الحقّ عند الإشراقيين، أو باختلاف مقاديرها الخارجة عنها، كما هو مذهب المشّائين، فلا بدّ في وقوعه في كلّ مرّة بنحو خاصّ من المدّ والبسط، وقلّة الأجزاء وكثرتها، أو بحدّ معيّن من المقدار من مرجّح مقتضٍ لها، أو له (ظ) بخصوصه، أو بعينه، وإلّا يلزم ترجّح بلا مرجّح؛ ضرورة أنّه لا يمكن أن يكون طبيعة المتّصل بالذات مقتضيا لنحو خاصّ من تلك الأنحاء، أو حدّ معيّن من المقدار؛ إذ هي مشتركة بين الكلّ والجزء المختلفين في المدّ والبسط، أو في المقدار، وإذا كان كذلك يكون كلّ متّصل بذاته معلولاً ممكنا.
وكذا المتّصل بالغير الذي هو معه، أو متأخّر عنه بالذات، فكلّ جسم وجسماني معلول، فعلّته إن كان مجرّدا واجبا بالذات فهو المطلوب، وإن كان جسما أو جسمانيا آخر، فننقل الكلام إليها حتّى ينتهي إلى مجرّد هو الواجب بالذات؛ لاستحالة الدور والتسلسل.
فإن قيل: إذا كان اختلاف وقوع المتّصل بالذات باختلاف مراتبه في المدّ والبسط ، وقلّة

1.في النسخة: «فلا يكون». وكذا في المورد الآتي.

2.الشجرة الإلهيّة، ج ۳، ص ۲۴۸، في الفنّ الثاني، الفصل الأوّل في إثبات واجب الوجود.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 126357
صفحه از 739
پرینت  ارسال به