الأجزاء وكثرتها، يلزم أن يكون المتّصل بالذات معلولاً ممكنا كما ذكرت. وأمّا إذا كان باختلاف المقدار زيادة ونقصانا ـ على ما حرّرت من الاحتمال على ما هو المشهور ـ فلا يلزم إلّا معلوليّة المقدار لا المتّصل بذاته.
نقول: مخصّص هذا المقدار المعيّن لا يكون طبيعة المتّصل بالذات على ما مرّ، ولا ما هو متّصل باتّصال هذا المتّصل بالذات، أو متقدّر بمقداره، وإلّا لكان متقدّما على ذلك الاتّصال والمقدار بالذات بالضرورة، فيلزم صيرورة المجرّد مادّيا على ما حقّق في موضعه وهو ممنوع.
ولا يكون متّصلاً مغايرا لهذا المتّصل؛ لتناهي المتّصلات، فينتهي إلى المجرّد الواجب بالذات الذي هو المطلوب.
على أنّ الحقّ عند الإشراقيين هو الاحتمال الأوّل، وهذا البرهان على طريقتهم؛ فلا تغفل.
فإن قلت: لِمَ لا يجوز أن يكون المتّصل بالذات مختلفا بالكمال والنقص بحسب اختلافه في المدّ والبسط، ويكون بعض مراتبه الكاملة واجبا، فلا يلزم التسلسل، ولا الانتهاء إلى مجرّد واجب بالذات كما هو المطلوب؟
قلنا: لا يجوز ذلك؛ لما قيل من أنّ طبيعةَ المتّصل بذاته، المشتركة بين جميع أفراده المختلفة بالكمال والنقص إن كان لأنّه متّصل بالذات واجبا لازما أن يكون ۱ في غاية الكمال، كان كلّ مرتبة من مراتب هذا المعنى كذلك، فلا يتعدّد ولا يختلف أصلاً؛ لأنّ لازم المعنى الواحد لا يتخلّف عنه قطعا، وإن لم يجب؛ لأنّه متّصل بالذات، وبمحضه أن يكون في غاية الكمال، يحتاج كونه في غاية الكمال أيضا إلى علّة بالضرورة، فلم يكن الكامل واجبا بالذات.