435
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

التشكيك الطبيعة المشتركة لا تتحقّق ۱ في الخارج؛ إذ ما به الاختلاف في المقول بالتشكيك من جنس ما به الاشتراك من غير امتياز بينهما في الخارج أصلاً، ففي الخارج تارة ليس إلّا الكامل، وتارة ليس إلّا الناقص، وليست في الخارج الطبيعة المطلقة المشتركة أصلاً، بخلاف ما إذا كان متواطئا؛ فإنّ ما به الاختلاف فيه ليس من جنس ما به الاشتراك، بل أمر خارج عنه، فيكون الطبيعة المطلقة فيه موجودة في الخارج، بخلاف الطبيعة المطلقة في المشكّك؛ فإنّه إنّما حصلت بمحض تعمّل العقل واختراعه كما ذهب إليه بعض الأفاضل.
لكنّ الحقّ ـ كما ثبت وحقّق في موضعه ـ أنّ الذاتي لا يكون مقولاً بالتشكيك بالنظر إلى ما هو ذاتي له أصلاً.
وبالجملة، فالجواب المذكور وإن كان حقّا في الواقع لكنّه غير مطابق لما ذكره صاحب الإشراق، فالأصوب أن يجاب عنه بما أقول وهو أنّه لا يتصوّر ذلك في المتّصل بذاته أصلاً؛ فإنّ كلّ مرتبة كاملة من المتّصل بذاته فرضت أنّها واجبة الوجود، فلا ريب في أنّه يتصوّر أكمل منها في المدّ والبسط، فهو أولى بأن يكون واجبا بالذات، فلا يتعيّن الواجب بالذات أصلاً، فإمّا أن يكون كلّ مرتبة من مراتبه واجبا بالذات، أو لا يكون شيء منها واجبا بالذات، والثاني هو المطلوب، والأوّل ـ مع أنّه باطل بالضرورة ـ مستلزم لعدم تناهي الأبعاد، ممتنع على ما بيّن في موضعه؛ فتدبّر.
ويمكن تقرير هذا الدليل بعبارة اُخرى فنقول: الجسم والجسماني إمّا متّصل بالغير أو متّصل بالذات، والمتّصل بالذات لا يكون واجبا بذاته؛ فإنّ لكلّ متّصل بالذات بسطا وامتدادا ونظما خاصّا، فلو وجب وجوبا ذاتيا أن يكون طبيعة الواجب المتّصل بالذات بهذا البسط والامتداد الخاصّ لا أقلّ ولا أكثر، يلزم أن يكون كلّ جزء منه مثل الكلّ في هذا البسط، فيكون الجزء مساويا للكلّ، ولو لم يجب أن يكون الكلّ بهذا الامتداد والبسط

1.في النسخة: «لا يتحقّق».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
434

وفيه بحث؛ لأنّه قد عرفت أنّ هذا الدليل على طريقة الإشراقيين، وهذا الجواب وإن كان صحيحا في نفسه لكنّه مخالف لما قال صاحب الإشراق في إشراقه من أنّ الطبيعة المشتركة بين تلك المراتب معنىً كلّي موجود في الذهن، وليست بمشتركة في الخارج بينها، فإنّ ما في الخارج ليس مركّبا من أصل المهيّة وكمالها مثلاً بل تلك المهيّة والطبيعة تارة بنفسها كاملة، وتارة ناقصة من غير تميز في الخارج بين أصل المهيّة وكمالها، أو نقصها، فالمراتب المختلفة متباينة في الخارج، فإنّ ذات الكامل مباين لذات الناقص من غير أمر مشترك بينهما في الخارج، فيجوز أن تختلف تلك المراتب في اللوازم، والاشتباه إنّما نشأ من أخذ ما في الذهن مكان ما في الخارج، هذا ما ذكره صاحب الإشراق.
و لي فيه نظر؛ لأنّ الحقّ الحقيق بالتصديق أنّ الكلّي الطبيعي موجود في الخارج، ففي الخارج أمر لو حصل في الذهن عرض له الكلّيّة المنطقيّة والاشتراك بين الكثيرين، فالأمر المشترك موجود في الخارج وإن كان ظرف عروض الاشتراك إنّما هو الذهن.
ثمّ المعنى الواحد المختلف بالكمال والنقص ذاتي لأفراده ومراتبه المختلفة كما هو مذهب صاحب الإشراق وأتباعه على ما صرّحوا به، فيكون ذلك المعنى ـ وهو الطبيعة من حيث هي هي ـ على هذا التقدير موجودا في الخارج في ضمن كلّ مرتبة من مراتبه الكاملة والناقصة؛ لكونه ذاتيا لتلك المراتب.
فنقول: ذلك المعنى وتلك الطبيعة المتحقّقة في ضمن كلّ فرد ومرتبة إن كانت مقتضية للكمال، يجب أن يكون في كلّ مرتبة وكلّ فرد كاملاً؛ لتحقّق المقتضي للكمال في الكلّ، وإن كانت مقتضية للنقص يجب أن يكون في الكلّ ناقصا؛ لما عرفت من تحقّق المقتضي للنقص في الكلّ، وإن لم يكن مقتضيا لشيء منهما، كان كلّ منهما لعلّة ومرجّح، وهو خلاف الفرض.
اللّهمّ إلّا أن يفرق بين الذاتي إن كان متواطئا، وبينه إن كان مشكّكا، ويقال: على تقدير

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125464
صفحه از 739
پرینت  ارسال به