437
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

متّصل بالذات، أو متّصل بالغير، وكلّ منهما ممكن العدم، أمّا المتّصل بالغير فلكونه مع المتّصل بالذات، أو متأخّرا عنه في الوجود، وإذا أمكن عدم المتّصل بالذات أمكن عدمه بالضرورة، وأمّا المتّصل بالذات فلأنّه في حدّ ذاته وبنفس ذاته نظرا إلى نفس ذاته من غير اعتبار غيره قابل للقسمة الوهميّة والفرضيّة بأن يفرض فيه شيء دون شيء، وكلّ قابل للقسمة الوهميّة والفرضيّة فهو بنفس ذاته من حيث هو من غير اعتبار أمر خارج عنه يمكن انفصال أجزائه الوهميّة والفرضيّة بعضها عن بعض ولو فطرة؛ لما بيّن في إبطال مذهب ذيمقراطيس ۱ ، وإذا جاز انفصال أجزائه الوهميّة والفرضيّة بحسب الفطرة، فيمكن أن يكون كلّ منها موجودا برأسه في أصل الفطرة، فيكون عدم الكلّ بأن لا يوجد بكلّيّته ويوجد أجزاؤه الوهميّة والفرضيّة مستقلّة ممكنا بالضرورة، فالمتّصل بذاته يكون ممكن العدم قطعا.
فإن قيل: إنّما يتمّ ذلك لو كان المتّصل بالذات متعدّدا وهو ممنوع لِمَ لا يجوز أن يكون المتّصل بالذات واحدا لا يتعدّد أصلاً، فيكون العالم الجسماني جسما واحدا مصوّرا بصور مختلفة؟
قلت: على هذا التقدير أيضا يمكن إثبات جواز انفصال أجزائه الوهميّة والفرضيّة بعضها عن بعض، بأنّا نقول: المتّصل بذاته الذي هو الكلّ لا يأبى بالنظر إلى نفس ذاته من حيث هو عن الاستقلال في الوجود، فكلّ من أجزائه الوهميّة والفرضيّة المتّحدة طبيعته مع طبيعة الكلّ لا يأبى بالنظر إلى نفس ذاته من حيث هو عن الاستقلال في الوجود أيضا، فيجوز انفصال تلك الأجزاء بعضها عن بعض بحسب الفطرة، فيجوز عدم الكلّ بأن لا يوجد أصلاً، ويوجد أجزاؤه الوهميّة والفرضيّة.
على أنّه على هذا التقدير لا شكّ في وقوع الانفصال بين أجزاء ذلك المتّصل الواحد،

1.أشار إلى إبطال مذهبه في ص ۲۷۷.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
436

الخاصّ، بل يكون ممكنا أن يكون وأن لا يكون، يحتاج في كونه على هذا البسط الخاصّ إلى علّة مغايرة لطبيعته، وإلّا لزم مساواة الكلّ والجزء، فيلزم إمكانه وكونه معلولاً لغيره، هذا خلف.
فإن قيل: لِمَ لا يجوز أن يكون هذا البسط واجبا إذا كان المتّصل بذاته مستقلّاً منفردا في الوجود؟ وأمّا حال كونه جزءا، فلا يكون واجبا.
قلنا: إنّ طبيعة المتّصل بذاته إذا أمكن أن يكون منفردا وأن لا يكون، احتياج ۱ كلّ منهما إلى علّة موجبة، فلم يكن واجبا.
ولو قيل: إنّ طبيعة المتّصل بذاته حال الاستقلال مستلزم لبسط خاصّ.
نقول: فلا بدّ أن يكون ذلك المتّصل بذاته متميّزا متعيّنا موجودا من غير هذا البسط ليكون مستلزما له، وذلك محال؛ ضرورة أنّ المتّصل في شيء من مراتب الوجود لا يمكن أن يتحقّق من غير بسط خاصّ.
لا يقال: يحتمل أن يكون غير هذا البسط حال الاستقلال ممتنعا.
لأنّا نقول: امتناع الغير لا يغنيه عن السبب؛ فإنّ كلّ ممكن يحتاج إلى علّة موجودة تخصّه بالوجود وتوجده ۲ بخصوصه، وامتناع الغير لا يفيد وجود أمر بخصوصه، وإلّا لأمكن أن يوجد ممكن بلا علّة.
وأمّا المتّصل بالغير فلكونه إمّا مع المتّصل بالذات، أو متأخّر عنه، والمتّصل بالذات ممكن لا يكون واجبا بالذات أيضا، وهو ظاهر بيّن، فالجسم والجسماني مطلقا لا يكون واجبا بالذات أصلاً، بل يكون ممكنا، فيحتاج إلى علّة مجرّدة واجبة بالذات، أو منتهية إليه؛ لاستحالة الدور والتسلسل، وهو المطلوب.
الطريق الخامس: العالم الجسماني بجميع أجزائه ممكن العدم؛ لأنّ كلّ جسماني فهو إمّا

1.في النسخة: «احتاج».

2.في النسخة: «يخصّه بالوجود و يوجده».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125440
صفحه از 739
پرینت  ارسال به