441
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

.........

المسلك الثاني في الاستدلال بوجود الحركة على وجود الواجب بالذات

وهو أنّ علّة الحركة ليست نفس الجسميّة، وإلّا لدامت بدوامها، وكان كلّ جسم متحرّكا، وتكون الحركات متّفقة غير مختلفة؛ لاتّفاق الأجسام في الجسميّة وتشابه المعلول عند تشابه العلّة، فيجب أن يكون للحركة علّيّة غير الجسميّة، وتلك العلّة إن كانت جسمانيّة غير منتهية إلى مجرّد يلزم التسلسل؛ لإمكان كلّ جسماني كما مرّ بيانه، وإن كانت منتهية إلى مجرّد فهو إمّا واجب بالذات، أو منتهٍ ۱ إليه، وهو المطلوب.

المسلك الثالث في الاستدلال بحدوث الحوادث على وجوده تعالى

وفيه طريقان:
الأوّل طريقة المتكلّمين وهي أن يقال: لا شكّ في تحقّق بعض الحوادث وهو بيّن بديهيّ، وكلّ حادث يحتاج إلى علّة بالضرورة، فعلّته إن كانت بجميع أجزائها حادثا نقلنا الكلام إليها حتّى يلزم ترتّب اُمور غير متناهية مجتمعة، وهو ممتنع محال، وإن كانت ببعض أجزائها قديمة فذلك القديم إمّا واجب، أو ينتهي إلى الواجب بالذات، وهو المطلوب.
الثاني طريقة الحكماء وهي أن يقال: إنّ علّة الحادث بجميع أجزائها وتمامها ليست بقديمة، وإلّا يلزم تخلّف المعلول عن العلّة التامّة وهو محال، فهي ببعض أجزائها حادثة بالضرورة، وننقل الكلام إليه حتّى يذهب الأمر إلى غير النهاية، وقد ثبت أنّ اجتماع الاُمور المترتّبة الغير المتناهية محال، فلا بدّ من ترتّب اُمور متعاقبة غير مجتمعة غير متناهية.
وذلك يتصوّر بصورتين: إحداهما ۲ : أن يكون تلك الاُمور متباينة في الوجود، ويكون

1.في النسخة: «منتهي».

2.في النسخة: «أحدهما».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
440

وعلى حدوث اتّصال آخر ۱ . هذا كلامه.
وهو صريح في أنّ مجرّد تغيّر الأبعاد يستلزم بطلان الاتّصال والصورة الجسميّة فحيثما يتغيّر الأبعاد، يلزم زوال الصورة الجسميّة والاتّصال، سواء كان تغيّر الأبعاد بزوال الصورة النوعيّة، أو بأمر آخر كالبرد المفرط مثلاً. والفرقُ بين الصورتين في ذلك تحكّمٌ. فلعلّ الحقّ أنّ التخلخل والتكاثف مطلقا يستلزم زوال صورة الجسميّة والاتّصال وإن كان في ذلك التعميم إشكال.
وبعد ذلك نقول: الصورة الجسميّة الحادثة المتجدّدة، بل المنعدمة أيضا في صورتي التخلخل والتكاثف الحقيقيين على ما هو المشهور وعلى زعم الشيخ، وفي التخلخل والتكاثف مطلقا على ما هو الأظهر ممكنةٌ لحدوث إحداهما، وانعدام الاُخرى، فيحتاج وجودهما إلى فاعل وعلّة، وعلّتها الفاعليّة الموجدة ليست أمرا جسمانيا؛ لما بيّن في موضعه على ما مرّ من أنّ الأمر الجسماني مطلقا لا يمكن أن يكون علّة لبعد جوهري وصورة جسميّة، فعلّتها الفاعليّة مجرّد هو الواجب بالذات، أو منتهية إليه، وهو المطلوب.
الطريق الثامن: العالم الجسماني بجميع أجزائه إن كان حادثا زمانيا ـ كما هو مذهب جمهور الملّيين ـ يحتاج بالضرورة إلى محدث غير جسماني واجب بالذات، أو منتهٍ إليه، وإن كان ببعض أجزائه قديما ـ كالأفلاك والكواكب المركوزة فيها ويكون علّة فاعليّة للاُمور الكائنة الفاسدة بحركاتها وأوضاعها كما هو المنقول عن الدهريّة ـ فنقول: تلك الاُمور الكائنة الفاسدة غير متناهية بالضرورة على هذا التقدير، وكذا حركات الأفلاك وأوضاعها، وقد بيّن في موضعه أنّ الأمر الجسماني لا يكون علّة للاُمور الغير المتناهية عدّة ومدّة، فلا بدّ من وجود مجرّد فإن كان واجبا بالذات فهو المطلوب، وإلّا ينتهي إلى مجرّد واجب بالذات؛ لاستحالة الدور والتسلسل.

1.التعليقات، ص ۷۱.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 126287
صفحه از 739
پرینت  ارسال به