445
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

المصالح والحكم دون نحو ووجه آخر لا يؤدّي إليها ليس إلّا لأجل تلك المصالح والغايات بالضرورة، ولم يبق له ريب وشكّ في أنّ وجود كلّ منها بهذا النحو المخصوص معلّل ۱ بتلك الحِكَم والمصالح، وأنّ وقوعه على هذا الوجه المخصوص ـ مع أنّه يمكن أن لا يقع على هذا الوجه ـ ليس إلّا لهذه الغايات، وليس ترتّب تلك الغايات عليه باتّفاقي محض، ومَن توقّف في هذا الحكم فقد خرج عن الفطرة الإنسانيّة.
قال المعلم الأوّل: إنّ النظام البديع ـ الذي توجد لأجزاء العالم بعضها مع بعض ـ يدلّ على أنّ العالم ليس وجوده بالاتّفاق والبخت ۲ .
وقد قال الشيخ في الشفاء: من تأمّل منافع أعضاء الحيوان وأجزاء النبات لم يبق له شكّ في أنّ الاُمور الطبيعيّة لغاية ۳ . وكذلك نحن نقول: من تأمّل منافع أجزاء العالم ومصالحها وغاياتها، لم يبق له ريب في أنّها لهذه الغايات والحِكَم والمصالح.
ثمّ لا ريب في أنّه لو لم يكن تلك المصالح والمنافع والحِكَم مقتضية لوجوده بهذا النحو والوجه المخصوص، لما حكم العقل بأنّ وجوده بهذا الوجه الخاصّ لأجلها ومعلّل بها أصلاً. قال المحقّق الطوسي في شرحه للإشارات:
استناد الأفعال الطبيعيّة إلى غاياتها الواجبة مع القول بالعناية الإلهيّة على الوجه

1.في النسخة: «معلّل».

2.اُثولوجيا، ص ۱۲۷.

3.الشفاء، ص ۴۳۸ ـ ۴۳۹، الفصل الأوّل، قال: «وإذا شئت أن تعلم أنّ الاُمور التي عقلت نافعة مؤدّية إلى المصالح قد أوجدت في الطبيعة على النحو من الإيجاد الذي علمته وتحقّقته ، فتأمّل حال منافع الأعضاء في الحيوانات، وأنّ كلّ واحد كيف خلق. وليس هناك البتّة سبب طبيعي مبدؤه لا محالة من العناية على الوجه الذي علمت العناية». وقال في ص ۴۱۵ ، الفصل السادس: «ولا لك سبيل إلى أن تنكر الآثار العجيبة في تكوّن العالم وأجزاء السماوات وأجزاء الحيوان والنبات ممّا لا يصدر ذلك اتّفاقا، بل يقتضي تدبيرا ما ، فيجب أن يعلم أنّ العناية هي كون الأوّل عالما لذاته بما عليه الوجود في نظام الخير، وعلّة لذاته للخير والكمال بحسب الإمكان، وراضيا به على النحو المذكور، فيعقل نظام الخير على الوجه الأبلغ في الإمكان، فيفيض عنه ما يعقله نظاما وخيرا على وجه الأبلغ الذي يعقله فيضانا على أتمّ تأدية إلى النظام بحسب الإمكان، فهذه هو معنى العناية».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
444

للزمان. ودوام الوجود في الماضي يسمّى الأزل، وفي المستقبل ۱ الأبد، والدوام المطلق يعمّ الدهر والسرمد والزمان ۲ .
هذا كلامه وهو صريح كما ذكرنا في أنّ الاُمور الثابتة تتّصف ۳ بالدوام مع قطع النظر عن الزمان، ولا يخفى على اُولي النهى أنّها إذا اتّصفت بالدوام وعدمه يجري فيها القلّة والكثرة، والزيادة والنقصان، فيتمّ الدليل المذكور، فثبت بما ذكرنا مجرّدات كثيرة تكون ۴ علّة لتلك الأجسام المختلفة والحركات المتباينة.
قالوا: وضرب من الحدس والتجربة والمشاهدة يدلّ على أنّ تلك الأجسام المختلفة هي الأفلاك التسعة بحركاتها والكواكب المركوزة فيها، وفيه ما فيه. وبعد ذلك نقول: لو كان واحد من تلك المجرّدات هو الواجب بالذات ثبت المطلوب، وإلّا ينتهي إليه بالضرورة.

المسلك الرابع في الاستدلال بانتظام أجزاء العالم واتّساقها وترتّب الحِكَم والمصالح التي لا تعدّ ولا تحصى عليه على ۵ وجوده تعالى

وهو أنّ من تأمّل وتدبّر في العالم المحسوس بأجزائه من الأرض والسماء وغيرهما علم أنّ وقوع كلّ منها بهذا النحو والوجه الخاصّ يشتمل على منافع ومصالح وحِكَم وغايات لا تعدّ ولا تحصى ۶ ، وقد فصّل ذلك في مظانّها، والفطن الخبير يعلم من اشتمال كلّ منها على تلك المصالح والمنافع والحكم والغايات أنّ وقوعه بهذا النحو الخاصّ والوجه المخصوص من بين سائر الأنحاء التي يمكن أن يقع هو عليها بحيث يؤدّي إلى تلك

1.في المصدر: + «يسمّى».

2.الشجرة الإلهيّة، ج ۲، ص ۱۹۴، القسم الأوّل في الاُمور العامّة لجميع الأجسام، الفصل العاشر في الزمان وأحواله.

3.في النسخة: «يتّصف».

4.في النسخة: «يكون».

5.متعلّقة بقوله: «الاستدلال».

6.في النسخة: «لا يعدّ ولا يحصى».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 142737
صفحه از 739
پرینت  ارسال به