459
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

لحصول تلك الصور العقليّة متى أرادت النفس، فإنّه لا يتصوّر التفرقة بين تينك الحالتين إلّا بذلك.
ثمّ لا يخفى على اُولي النهى وجود مفيد تلك الصور العقليّة ثانيا بإعداد الملكة بناءً على هذا التحقيق، وبإعداد الالتفات بناءً على المشهور، ومفيدها ليست النفس الإنسيّة؛ فإنّها حاصلة فيها قابلة لها بالضرورة، فلو كانت فاعلة لها أيضا، يلزم أن يكون أمر واحد ۱ قابلاً وفاعلاً لشيء واحد، هذا خلف.
وأيضا لمّا كان حصول الصور العقليّة أوّلاً بإفادة غيرها على ما مرّ، فبالضرورة يكون استحضارها أيضا بعد زوالها بإفادة غيرها، فيكون مفيدها أمرا مفارقا؛ لامتناع فيضان الصور المعقولة من الأمر الجسماني، وذلك الأمر إن كان واجبا ثبت المطلوب، وإلّا ينتهي إلى المفارق الواجب بالذات بالآخرة؛ فتأمّل.
الطريق الخامس: نسبة الأفعال الحسّيّة إلى وجود الملكة الفاضلة كنسبة التأمّلات والأفكار في وجود اليقين، فكما أنّ التأمّلات لا تُوجدِ اليقين بل تعدّ ۲ النفس لقبول اليقين على ما عرفت، فكذلك الأفعال الحسّيّة تعدّ ۳
النفس لقبول الملكة الفاضلة من عند واهب الصور، وهو مجرّد لتجرّد تلك الملكات الحاصلة في النفوس المجرّدة، فهو إمّا أن يكون واجبا بالذات، [أو ينتهي إليه] وهو المطلوب.

المنهج الثاني

هو أن يقال: إنّ العالم بجميع أجزائه من الأجسام والنفوس والعقول متغيّر. أمّا الأجسام العنصريّة فالتغيّر فيها ظاهر؛ لما نشاهد من انقلاب بعضها إلى بعض والكون والفساد فيها وتغيّر حالاتها وصفاتها.

1.في النسخة: «أمرا واحدا».

2.في النسخة: «لا يوجد... يعدّ».

3.في النسخة: «يعدّ».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
458

كالحافظة، هذا هو المشهور عند جمهور المحصّلين.
ولئن اُورد على ذلك ويقال: إنّه عند التحصيل غير محصّل:
أمّا أوّلاً، فلأنّه لا معنى ولا محصّل للالتفات إلّا القصد والتوجّه إلى مدرك وتعيينه بالتوجّه من بين الاُمور المعلومة والمدركة بالعلم والإدراك الإجمالي، أو التفصيلي المحيط بتلك المدركات، وظاهرٌ أنّ كلّ نفس بشري يتذكّر شيئا لا يعلم، ولا يحيط علمه بالصور التي في العقل الفعّال لا إجمالاً ولا تفصيلاً.
وأمّا ثانيا، فلأنّ صيرورة العقل الفعّال قوّة لكلّ نفس بشري يتذكّر ـ مع أنّه مستنكر ـ دلّ دلائل كثيرة على استحالته.
وأمّا ثالثا، فلأنّه يُشكِل بالكواذب؛ فإنّها ليست فيه.
وأمّا رابعا، فلأنّه لِمَ يلزم أن يكون المجرّد الذي ارتسمت الصور المتذكّرة فيه ۱ هو العقل الفعّال؟ ولِمَ لا يجوز أن يكون مفيض الصور غير محلّها؛ فإنّ القوّة الحافظة محلّ للصور المحفوظة، وليست مفيضها؟
وأمّا خامسا، فلما أقول من أنّه حينئذٍ يلزم زوال صورة ما نسيه الإنسان عن العقل الفعّال، فيلزم أن يصير العقل جاهلاً به بعد كونه عالما به، بل يلزم أن يكون جاهلاً وعالما به في زمان واحد إذا نسيه زيد ولم ينسه عمرو، وكلاهما ظاهر البطلان.
نقول: لا ريب في تحقّق الفرق بين حالتي الذهول والنسيان، فإن لم يكن على الطريقة المشهورة لما ذكر من الوجوه، فليس الفرق بينهما إلّا بما قال بعض أعاظم الأعلام وهو أنّ للنفس الإنسيّة في حالة الذهول عن الصور المعقولة ملكة استحضار الصور التي أدركتها أوّلاً بخلاف حالة النسيان، وتكون حقيقة الحفظ تلك الملكة الحاصلة الباقية في حالة الذهول الغير الحاصلة، أو الزائلة في حالة النسيان، وذلك بأن يكون تلك الملكة معدّة

1.أي في المجرّد.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 126258
صفحه از 739
پرینت  ارسال به