.........
المنهج الثالث
كلّ ما يقع تحت مقولة من المقولات ـ جوهرا كان أو كمّا أو كيفا أو غيرها، وبالجملة كلّ ما يكون شيئا موجودا، وعلى هذا فيكون له مهيّة لا يأبى محض نفسها من حيث هي أن يحصل في ذهن من الأذهان، ولا يمتنع ذلك بالنظر إلى محوضتها وصرافتها ۱ ـ يكون ممكنا؛ لأنّ كلّ أمر يحصل في ذهن ما، أو أمكن أن يحصل فيه نظرا إلى نفس ذاته يتجرّد عن الوجود العيني، أو أمكن أن يتجرّد ويتعرّى عنه؛ ضرورة أنّه حال وجوده في الذهن لا يكون موجودا عينيا، وإذا أمكن أن يتعرّى ويتجرّد عن الوجود العيني، لم يكن ذاته بذاته موجودا عينيا، وإلّا لما تجرّد عنه؛ فإنّ كلّ ما يكون بذاته موجودا عينيا، ويكون ذاته من حيث هي مبدءا لانتزاع الوجود، ومصداقا لصدق الموجود، لا يمكن أن يتجرّد عن الوجود والموجوديّة أصلاً بأيّ وجه كان، وفي أيّ ظرف يكون بالضرورة، وإذا لم يكن ذاته موجودا ويحتاج في موجوديّته إلى جاعل وفاعل بالضرورة، فيكون ممكنا معلولاً، فكلّ ما يقع تحت مقولة من المقولات ـ من السماوات والأرضين وغيرهما من الموجودات المشاهدة المعلومة بذواتها بالفعل أو التي يمكن أن تعلم، ولا تأبى ۲ نفس ذواتها عن المعلوميّة ـ يكون ممكنا معلولاً.
فنقول: علّته يجب أن تنتهي ۳ إلى ما لا يكون شيئا موجودا، بل يكون موجودا بحتا لا يمكن أن يحصل منه في ذهن من الأذهان إلّا ما هو عرضي له، ويمتنع أن يحصل بنفس ذاته في ذهن ما؛ لامتناع تجرّده عن الموجوديّة العينيّة في مرتبة من المراتب، وكلّ ما يكون كذلك يكون واجبا بالذات؛ لكونه موجودا بذاته وبنفس مهيّته وهو المطلوب. ولعلّ