463
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

بيّن في موضعه ـ أن يكون عدم المتقدّم مقدّما بالذات على عدم المتأخّر تقدّما ذاتيا بحسب العقل، وإذا كان لوجوده وعدمه علّة عقليّة لا يجب وجوده، ولا يمتنع عدمه تصوّرا وعقلاً، والواجب بالذات يجب أن يكون وجوده واجبا وعدمه ممتنعا عقلاً وتصوّرا، كما أنّه يجب وجوده، ويمتنع عدمه خارجا وعينا؛ لأنّ الواجب بالذات ـ لما ثبت في محلّه ـ يجب أن يكون موجودا بحتا يمتنع تصوّر انفكاك الوجود عنه، ولو كان لوجوده، أو عدمه علّة عقليّة لا يمتنع تصوّر عدمه بالضرورة. هذا ما يستفاد من كلماته قدس سره.
ولعلّ مراده بالتقدّم والعلّيّة العقليّة وجودا وعدما هي الأحقّيّة والإجزائيّة والأقربيّة التي يجدها العقل بين بعض الاُمور بحسب الوجود، أو العدم في نفس الأمر كعلّة الأجزاء العقليّة للمركّب فيها وتقدّمها عليه؛ إذ قد فسّر بعضهم التقدّم الذاتي مطلقا بتلك الأحقّيّة والأقربيّة وهي لا تنافي اتّحاد تلك الاُمور في الوجود الخارجي على ما قيل، وإلّا لم يكن لها معنى محصّل ۱ أصلاً. قيل:
كيفيّة تقدّم الجزء على الكلّ بالتقدّم العقلي على زعمي أنّ الواحد الطبيعي وما له وحدة حقيقيّة يكون واحدا في الخارج بخلاف الواحد الصناعي والاعتباري، ففي المركّب الذي [له] وحدة حقيقيّة يكون نفس ذات الجزء مقدّما على جميع الأجزاء من حيث إنّه واحد في الخارج تقدّما يجده العقل ويحكم عليه، ولا محذور فيه.
فإن قيل: فيكون الجزء مقدّما على نفسه.
قلنا: كلّا بل غاية ما لزم أن يكون نفس ذات الجزء مقدّما على نفسه من حيث إنّه متّحد بسائر الأجزاء بالوحدة الخارجيّة، ولا يخفى على اُولي النهى أنّ تقدّم أمر على الواجب بالذات بمثل هذا التقدّم أيضا وجودا وعدما ينافي وجوبه الذاتي. انتهى، فتأمّل.

1.في النسخة: «محصّلاً».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
462

إلى ما ذكرناه أشار أمير المؤمنين عليّ عليه السلام في بعض خطبه حيث قال: «كلّ معروف بنفسه مصنوع» ۱
فتأمّل تعرف.

المنهج الرابع

وهو مبنيّ على مقدّمتين:
المقدّمة الاُولى: كلّ مركّب له وحدة حقيقيّة يكون ممكنا معلولاً لوجوه:
أمّا أوّلاً على المشهور عند الجمهور، فلأنّه محتاج إلى أجزائه في الوجود العيني، والأجزاء مقدّم ۲ عليه بالذات بحسب الوجود الخارجي، فهو معلول للأجزاء في الخارج.
وأمّا ثانيا على ما ذهب إليه بعض أعاظم الأعلام ـ من أنّ تقدّم الجزء على الكلّ ليس تقدّما ذاتيا بحسب الخارج، وإلّا يلزم تقدّم الشيء على نفسه ۳ ؛ إذ الكلّ ليس إلّا جميع الأجزاء، فتقدّم الجزء عليه إنّما هو تقدّم ذاتي عقلي، وتقدّم بالطبع بحسب الخارج ـ فلأنّ الواجب يمتنع أن يتقدّم عليه شيء تقدّما ذاتيا عقليا أيضا، وكذا تقدّما طبيعيا بحسب الخارج، وإلّا لكان لوجوده علّة عقليّة وكذا لعدمه؛ فإنّ من أمارات تقدّم الطبيعي ـ على ما

1.نهج البلاغة، باب الخطب، الرقم ۱۸۶؛ تحف العقول، ص ۶۲. ورواه الصدوق عن الرضا عليه السلام في التوحيد، ص ۳۵، باب ۲، ح ۲ ؛ وعيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج ۱، ص ۱۳۶، ح ۵۱.

2.كذا . والأولى: «مقدّمة».

3.في هامش النسخة: أقول: إنّما يلزم الدور لو كان الجزء مقدّما على جميع الأجزاء بتقدّمات [كذا] متعدّد، بأن يكون متقدّما على كلّ واحد منها، وأمّا إذا كان متقدّما على جميعها بتقدّم واحد فإنّما يلزم تقدّم وجود الجزء على وجود جميعها، ولا شكّ في أنّ وجود جميع الأجزاء في الخارج ـ إذا كان المركّب واحدا حقيقيّا مغايرا ـ وجود كلّ واحد من أجزائه الخارجيّة، وليس وجود الكلّ فيه مجموع وجودات الأجزاء الخارجيّة، وإلّا فلا يكون المركّب واحدا حقيقيّا، ولا يكون التركيب طبيعيّا، بل يكون التركيب والوحدة حينئذٍ صناعيّا أو اعتباريّا، هذا خلف. ولو سلّم (ظ) من وجوده مجموع وجودات الأجزاء فإنّما يلزم تقدّم وجود الجزء من حيث الانفراد على نفسه من حيث اجتماعه وانضمامه مع سائر وجودات الأجزاء... ولا محذور فيه (منه عفي عنه).

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 143825
صفحه از 739
پرینت  ارسال به