467
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

موضعه، فننقل الكلام إلى علّته حتّى يتسلسل، وإن كان علّته بسيطا مجرّدا فإمّا أن يكون واجبا بالذات، أو ينتهي ۱ إلى مجرّد واجب بالذات وهو المطلوب.

المنهج الخامس

إنّا قد بيّنّا أنّ للعالم الجسماني بجملته وجميع أجزائه طبيعةً واحدة كلّيّة سارية في جميع أجزائه، فاشية فيها على ما سبق، وتلك الطبيعة الواحدة الكلّيّة ممكنة؛ لكونها مع المتّصل بالذات، أو متأخّر عنه بالذات، وهو يستلزم إمكانه؛ لما مرّ.
فنقول: علّة تلك الطبيعة الواحدة الكلّيّة الحالّة السارية في جميع أجزاء العالم ليست المادّة الاُولى، ولا الصورة الاتّصاليّة، ولا الصورة النوعيّة التي لأجزاء العالم، وإلّا يلزم أن يكون القابل فاعلاً لما يقبله؛ لأنّ الطبيعة الكلّيّة حالّة سارية في الصورة النوعيّة للأجزاء، وفي صورها الاتّصاليّة، وفي موادّها في بعضها بتوسّط بعض؛ إذ الهيولى مادّة أوّليّة لها، وهي مع الصور الاتّصاليّة مادّة ثانية، وهما مع الصور النوعيّة مادّة ثالثة على ما حقّق في موضعه. وكون القابل فاعلاً لما يقبله محال؛ لما بيّن في موضعه، وقد أشار أمير المؤمنين عليه السلام إلى امتناعه في بعض خطبه حيث قال: «لا يَجرِي عليه السكونُ والحركةُ، وكيف يجري عليه ما هو أجراه ويبدو ۲ فيه ما هو أبداه، ويَحْدُثُ فيه ما هو أحدثه إذا لتفاوتت ذاته، ولَتَجَزَّأَ كنهه، ولامْتَنَعَ مِنَ الأزل معناه» ۳ وهو نصّ في المدّعى مع الإشارة إلى الدليل المشهور عليه، وليست علّتها أمرا جسمانيا آخر حالّاً في هذه المواد؛ لأنّه أيضا أمر ممكن؛ لما مرّ في الطبيعة الكلّيّة، فننقل الكلام إليه حتّى يتسلسل الأمر إلى غير النهاية وهو محال، فعلّتها أمر

1.كذا. والصواب ظاهرا: «وإن كان علّته بسيطة مجرّدة ، فإمّا أن تكون واجبة بالذات أو تنتهي».

2.في المصادر: «يعود».

3.نهج البلاغة، باب الخطب، رالقم ۱۸۶؛ إعلام الدين في صفات المؤمنين، ص ۵۹؛ بحار الأنوار، ج ۴، ص ۲۵۵، ح ۸ ؛ وج ۵۴، ص ۳۰، ح ۶ ؛ وج ۵۷، ص ۹۵، ح ۳۱ ؛ وج ۷۴، ص ۳۱۱، ح ۱۴.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
466

مختلفة، وليس ما به يحصل ذلك الارتباط والانتظام بين تلك الأجزاء إلّا الطبيعة الواحدة الكلّيّة الشاملة للجميع الفاشية فيه.
والحاصل أنّ بين ذوات أجزاء العالم الجسماني ارتباطا وانتظاما خاصّا وتعلّقا وائتلافا طبيعيا ۱ بحيث حصل منها جملة متّسقة منتظمة مرتبطة بعضها ببعض، بل كلّ بكلّ، وكذا بين تأثيراتها تعاون واتّفاق كأنّها تحت تدبير مدبّر واحد، وكلّ واحد من الارتباط بين نفس ذوات الأجزاء، ومن التعاون في التأثير والاتّفاق في التدبير يستدعي أمرا واحدا به يرتبط بعضها ببعض بحسب الذات، وبتعاون كلّ بالآخر في التأثير والاقتضاء، وما ذلك إلّا الطبيعة الواحدة الكلّيّة الشاملة للجميع الفاشية فيه التي بها يرتبط ذوات الأجزاء، ويتعاون في الاقتضاء والتأثير ويتّفق في التدبّر، فتدبّر. وإذا كانت للعالم بجميع أجزائه طبيعة واحدة كلّيّة شاملة لها، فاشية فيها يكون أمرا واحدا طبيعيا له وحدة حقيقيّة بالضرورة، وهو ما أردناه.
وبعد تحقيق هاتين المقدّمتين نقول: العالم الجسماني كلّه مركّب، له وحدة طبيعيّة وحقيقيّة بناءً على المقدّمة الثانية، وكلّ مركّب له وحدة حقيقيّة فهو ممكن، فالعالم بكلّيّته ومجموعه ممكن، وعلّته إمّا مركّب، أو بسيط، لا سبيل إلى الأوّل، وإلّا تسلسل الأمر إلى غير النهاية، وإن كانت بسيطة، فلا يخلو إمّا أن يكون جسمانيا، أو مجرّدا، لا سبيل إلى الأوّل؛ لأنّ البسيط الجسماني إمّا أن يكون مادّة، أو صورة اتّصاليّة أو نوعيّة أو عرضا حالّاً في الجسم، والصورة الاتّصاليّة ممكن؛ لأنّ كلّ متّصل بذاته يكون له أجزاء وهميّة، وتلك الأجزاء الوهميّة يمكن أن تكون ۲ بحسب الفطرة متّصلة، وأن تكون منفصلة على ما بيّن في إبطال مذهب ذيمقراطيس، فلا بدّ لاتّصالها الفطري من علّة، وإلّا يلزم الترجّح بلا مرجّح بالضرورة، فالمتّصل بذاته لا يكون واجبا بالذات بل هو ممكن، فكذا ما هو معه بالذات، أو متأخّر عنه بالذات من المادّة والصورة النوعيّة، والعرض الجسماني على ما حقّق في

1.في النسخة: «ارتباط و انتظام خاصّ و تعلّق و ائتلاف طبيعي».

2.في النسخة: «يكون» . وكذا في المورد الآتي.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 126302
صفحه از 739
پرینت  ارسال به