موضعه، فننقل الكلام إلى علّته حتّى يتسلسل، وإن كان علّته بسيطا مجرّدا فإمّا أن يكون واجبا بالذات، أو ينتهي ۱ إلى مجرّد واجب بالذات وهو المطلوب.
المنهج الخامس
إنّا قد بيّنّا أنّ للعالم الجسماني بجملته وجميع أجزائه طبيعةً واحدة كلّيّة سارية في جميع أجزائه، فاشية فيها على ما سبق، وتلك الطبيعة الواحدة الكلّيّة ممكنة؛ لكونها مع المتّصل بالذات، أو متأخّر عنه بالذات، وهو يستلزم إمكانه؛ لما مرّ.
فنقول: علّة تلك الطبيعة الواحدة الكلّيّة الحالّة السارية في جميع أجزاء العالم ليست المادّة الاُولى، ولا الصورة الاتّصاليّة، ولا الصورة النوعيّة التي لأجزاء العالم، وإلّا يلزم أن يكون القابل فاعلاً لما يقبله؛ لأنّ الطبيعة الكلّيّة حالّة سارية في الصورة النوعيّة للأجزاء، وفي صورها الاتّصاليّة، وفي موادّها في بعضها بتوسّط بعض؛ إذ الهيولى مادّة أوّليّة لها، وهي مع الصور الاتّصاليّة مادّة ثانية، وهما مع الصور النوعيّة مادّة ثالثة على ما حقّق في موضعه. وكون القابل فاعلاً لما يقبله محال؛ لما بيّن في موضعه، وقد أشار أمير المؤمنين عليه السلام إلى امتناعه في بعض خطبه حيث قال: «لا يَجرِي عليه السكونُ والحركةُ، وكيف يجري عليه ما هو أجراه ويبدو ۲ فيه ما هو أبداه، ويَحْدُثُ فيه ما هو أحدثه إذا لتفاوتت ذاته، ولَتَجَزَّأَ كنهه، ولامْتَنَعَ مِنَ الأزل معناه» ۳ وهو نصّ في المدّعى مع الإشارة إلى الدليل المشهور عليه، وليست علّتها أمرا جسمانيا آخر حالّاً في هذه المواد؛ لأنّه أيضا أمر ممكن؛ لما مرّ في الطبيعة الكلّيّة، فننقل الكلام إليه حتّى يتسلسل الأمر إلى غير النهاية وهو محال، فعلّتها أمر