473
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

ما يدرك بالحسّ، فلها ۱ تلك القوى بأسرها لتكون ۲ مدركة للجزئيات بأقسامها وأنواعها.
فتحقّق أنّ العالم الجسماني بجملة أجزائه حيوان واحد طبيعي مرتبط الأجزاء، إذا حصل في جزء من أجزائه حالة غير ملائمة لذلك الجزء، أو يحصل أمر وحالة غير ملائمة لطبيعة العالم ومقتضاها أحسّت بتلك الحالة المنافية إحساسا يليق بها فوجّهت نفسه توجّها تامّا إلى دفعها وإصلاحها كدفع الظلمة والأشرار إذا كثر منهم الفساد والإفساد في العالم إلى غير ذلك.
ولا يخفى أنّ بهذا الذي قرّرناه يظهر أسرار كثيرة ووجوه للمكافأة والجزاء ودفع الظلمة، ومنع أرباب الفساد، وتأثير دعاء المظلوم، ونفع البرّ والخير وغيرها من أمثالها.
وإذا ثبت أنّ للعالم الجسماني بكلّيّته نفس كلّيّة ۳ فنقول: تلك النفس الكلّيّة مجرّدة؛ لاستحالة صدور هذه الأفعال من القوى الجسمانيّة والنفوس الجزئيّة العديمة الشعور مطلقا، أو بأمثال ۴
هذه المصالح والمنافع الكلّيّة، ولمّا لم يمكن أن يكون الواجب بالذات نفسا فهي ممكنة، وعلّتها إمّا مجرّد حقّ واجب بالذات، أو ينتهي إليه، وهو المطلوب.

المنهج التاسع

أنّا نعلم بالضرورة أنّه يمكن أن يقع كلّ من الموجودات التي نشاهد ونعلم من الأجسام والجسمانيات على وجوه وأنحاء غير الوجه الذي وقع عليه هو بالفعل وليس ذلك الوجه والنحو الواقع كلّ منها عليه مقتضى مهيّاتها؛ لأنّ كلامنا ليس في لوازم المهيّات، فلو لم يكن علّة أوّليّة لا يتصوّر أن يقع على خلاف ما هي عليه حتّى يمتنع أن يكون علّة إلّا لأمر معيّن على وجه خاصّ، أو اُمور متعيّنة على وجوه مخصوصة يلزم من وقوع كلّ من تلك

1.أي فللنفس.

2.في النسخة: «ليكون».

3.كذا. والأولى: «نفسا كلّيّة».

4.كذا.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
472

فإن قيل: ما ذكرت إنّما يدلّ على أنّ مبدأ أمثال تلك الاُمور نفس ۱ ، وأمّا أنّه نفس للعالم بكلّيّته فلا، ولِمَ لا يجوز أن يكون نفسا لعالم العناصر بجملته لا لكلّيّة العالم على ما ادّعيت؟
قلنا: لا يجوز ذلك؛ لأنّ الأشبه أنّ تلك النفس المبدأ لتلك الحوادث لا بدّ أن تكون مدركة للجزئيات، فتحسّ ۲ بها ۳ إحساسا يليق بها ليكون مشاهدة لتغيّرات في سكّان هذا العالم ۴ يحدث فيها منها تعقّل للأمر الذي يدفع به ذلك النقص والشرّ، ويجلب الخير، فيتبع ذلك المتعقَّل وجود الشيء المتعقّل، فإنّ عناية مثل هذا الجوهر يجب أن يكون لدفع كلّ نقص وشرّ يدخل في هذا العالم وأجزائه ليتبع تلك العناية ما يلزمها من الخير والنظام، فلا يجب أن يختصّ ذلك بشيء دون شيء، فإن كان دعاء لا يستجاب أو شرّ لا يدفع، فهناك شيء لا يطّلع عليه، ولمّا كان تعقّل هذا الجوهر يتبعه الصور المادّيّة في المادّة، فلا يبعد أن يهلك به شريرٌ، أو يعيش ۵ خيرٌ، أو يحدث نارٌ، أو زلزلة إلى غير ذلك بدون الأسباب المعتادة، فيجب أن تكون ۶ مدركة للجزئيات، فلها آلات جسمانيّة بها تدرك ۷ تلك الجزئيات؛ لامتناع إدراك الجزئي من حيث إنّه جزئي من النفس بدون الآلات الجسمانيّة، فلا بدّ لها من جِرم يمكن أن يكون موضوعا لانتقاش صور تلك الجزئيات، ومقرّا لتخيّلها، ومحلّاً لتلك الآلات الجسمانيّة، وليس في العالم العنصري جسم كذلك؛ لسرعة فساد الأجسام العنصريّة وعدم ثباتها وبقائها، وهو ظاهر.
وممّا ذكرنا ظهر أيضا أنّ لهذه النفس آلاتٍ وقوى جسمانيّةً هي وَهْم الكلّ وخيال الكلّ وحسّ الكلّ على ما أثبته بعض المحقّقين؛ لأنّها على ما عرفت لا بدّ أن تكون ۸ مدركة للجزئيات. والجزئيات ثلاثة أنواع: منها ما يدرك بالوهم، ومنها ما يدرك بالخيال، ومنها

1.في النسخة: «نفسا».

2.في النسخة: «أن يكون... فيحسّ».

3.أي بالجزئيّات.

4.في النسخة: «العام».

5.في النسخة: «تعيش».

6.في النسخة: «يكون».

7.في النسخة: «يدرك».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 142734
صفحه از 739
پرینت  ارسال به