477
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

الصورة المعدومة، وذلك ظاهر، ولا الصورتان الموجودتان الآن؛ إذ ليس في شيء من أجزاء الصورة الجسميّة ميل وحركة إلى مثله وجزء آخر، وإلّا لزم أن يكون لطبيعة واحدة في حالة واحدة ميول مختلفة إلى جهات مختلفة كما لا يخفى على المتدبّر.
وبهذا يظهر أنّ الأجزاء المتباعدة من الصورة لا تكون ۱ فاعلة لاتّصالها وتلاقيها. وبمثل ذلك يظهر أنّ فاعل الإعادة ليس شيئا من الأعراض الحالّة في ذلك الجسم، حيث ينفصل كلّ منها بانفصاله. وإذا لم يكن المعيد المفيد للإعادة جسما ولا جسمانيا كان مجرّدا، فهو إمّا مجرّد له تعلّق وربط خاصّ بذلك الجسم وبغيره كالنفس الكلّيّة، أو مجرّد له زيادة خصوصيّة بذلك الجسم، لا سبيل إلى الأوّل؛ لأنّا نعلم قطعا ضروريا أنّ في كلّ جسم خاصّ أمر مختصّ به ۲ يقتضي حفظ وضع أجزائه واتّصاله، فتعيّن الثاني.
فإن قلت: إنّ الجسم المتّصل إذا تفرّق، دخل في خللها ۳ جسم آخر كالهواء مثلاً فطبع الجسم لقصد إخراجه يقرّب أجزاءه ليتّصل فيخرج ذلك الجسم من بينها.
قلنا: غرضنا إثبات هذا الطبع الذي يقتضي إخراج ما ليس من جنس الجسم عن خلاله وأثناء أجزائه، وأنّه ليس شيء من الاُمور المنطبعة في الجسم؛ لما قدّمناه، فهو طبع وصورة نوعيّة مجرّدة متعلّقة به.
ثمّ إخراج ذلك الخارجي من بين الأجزاء إنّما يكون ضروريا من طبع الجسم إذا كان ذلك الخارجي ثقيلاً فوقه أو خفيفا تحته كالهواء تحت جزء، أو الماء فوق جزء ليطلب ذلك الجزء حيّزه. وأمّا إذا لم يكن كذلك الإخراج لم يكن لطلب الحيّز، فيحتاج إلى علّة اُخرى، ففي طبع الجسم أمر يقتضي حفظ وضع أجزائه واتّصالها، وليس ذلك شيئا ۴ من الجسمانيات؛ لما تقدّم، فهو مجرّد له زيادة ربط وخصوصيّة بذلك الجسم، فهو نفسه، فلكلّ جسم طبيعي محفوظ الأجزاء نفس مجرّدة حافظة لاتّصاله ولنظم أجزائه ولإمكانها؛ لما

1.في النسخة: «لا يكون».

2.كذا. والصواب ظاهرا: «أمرا مختصّا به».

3.كذا.

4.في النسخة: «شيء».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
476

قويّ، وبعضها أقوى. قال بعض الفضلاء: لا معنى للصورة النوعيّة إلّا ذلك، فلكلّ جسم صورة نوعيّة مجرّدة. انتهى.
أقول: حاصله أنّ الصورة النوعيّة لكلّ جسم على ضربين:
أحدهما: الصورة النوعيّة الجسمانيّة المنطبعة فيه.
وثانيهما: الصورة النوعيّة المجرّدة المتعلّقة به، وهي النفس المجرّدة لكلّ جسم، ومرادهم من إسناد الوضع والحيّز إلى الصورة النوعيّة إنّما هو إسنادهم إلى الصورة النوعيّة بالمعنى الثاني لا بالمعنى الأوّل.
إذا عرفت هذا فنقول: تلك النفوس المجرّدة لإمكانها محتاجة إلى علّة مجرّدة، وعلّتها إمّا واجبة ۱ بالذات، أو منتهية إلى المجرّد الواجب بالذات، وهو المطلوب.

المنهج الثاني عشر

إنّ كلّ جسم له ما يحفظ اتّصاله ونظم أجزائه، فإنّ الجسم إذا انفصل عاد إلى اتّصاله بذاته إن لم يمنع عنه مانع من غير معيد مفيد من خارج، ففي الجسم فاعل للإعادة، ومفيد للاتّصال، وقابل يقبل الاتّصال والانفصال. فالقابل لهما هو الهيولى الاُولى على ما قرّره الحكماء.
وأمّا الفاعل لعود الاتّصال، فليس شيء من الجسمانيات الخارجة، وهو ظاهر، وليس هو ۲ الهيولى؛ لأنّها قابلة منفعلة، ونسبتها إلى الاتّصال والانفصال واحد، والانفصال حاصل، وأيضا يلزم أن تكون ۳ قابلة وفاعلة لشيء واحد وهو محال، وليس هو الصورة الجسميّة؛ لأنّها إمّا أن تتقدّم وتزول ۴ حال الانفصال، ويحدث صورتان اُخريان على ما هو المشهور عند الجمهور، وإمّا أن يتباعد أجزاؤها، فعلى الأوّل فاعل الإعادة لا يجوز أن يكون هي

1.في النسخة: «واجب».

2.الأولى: «ليست هي». وكذا في الموردالآتي.

3.في النسخة: «يكون».

4.في النسخة: «يتقدّم و يزول».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 126264
صفحه از 739
پرینت  ارسال به