479
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

.........

المنهج الرابع عشر

مبنيّ على مذهب بعض الحكماء، تقريره ـ كما قال بعض الأفاضل ـ : أنّ من الاُصول الحِكميّة الفطريّة التي يحكم عليها كلّ فطرة سليمة وفطنة صحيحة قويمة أنّ تشابه الآثار يدلّ على تشابه المؤثّرات، وتشابه المؤثّرات يدلّ على تشابه الآثار، وأنّ الآثار المتشابهة لا تحصل ۱ إلّا من مؤثّرات متشابهة، وأنّ المؤثّرات المتشابهة آثارها متشابهة ضرورة، فاختلاف الآثار يدلّ على اختلاف المؤثّرات، واختلاف المؤثّرات يدلّ على اختلاف الآثار؛ ولهذا يحكم باختلاف القوى لاختلاف آثارها، ويحكم باختلاف آثار القوى لاختلافها، ويحكم باختلاف حقائق الأنواع كالإنسان والفرس ؛ لمشاهدة اختلاف آثارها.
وإذا تمهّد هذه المقدّمة نقول: لا شكّ في تحقّق أنواع مختلفة جسمانيّة عنصريّة وفلكيّة، وتلك الأنواع لجسمانيّتها ممكنة؛ لما مرّ غير مرّة من أنّ كلّ جسماني ممكن، فلا بدّ لتلك الأنواع المختلفة لإمكانها من علل فاعليّة مختلفة؛ لأنّ تعدّد الاستعدادات المختلفة المتنوّعة من المحلّ القابل لا يكفي في صدور المعلولات المختلفة الأنواع من العلّة الواحدة، بل يجب أن يكون في الفاعل أيضا اختلاف؛ فإنّ الفطرة السليمة الصحيحة تحكم بوجوب اختلاف العلّة الفاعليّة المؤثّرة عند اختلاف المعلولات نوعا؛ لما سبق من أنّ اختلاف الأثر يدلّ على اختلاف المؤثّر، وليس شيء من الاستعدادات المادّيّة بمؤثّر ۲ أصلاً، فلكلّ نوع منها فاعل مباين في الحقيقة لفاعل نوع آخر، وتلك الفواعل المختلفة المتباينة لا بدّ أن تكون ۳ مجرّدة؛ لأنّ المؤثّر في الصور النوعيّة الجسمانيّة السارية في المادّة، بل الأمر الجسماني الساري في المادّة مطلقا ـ سواء كان صورة، أو كيفيّة ـ لا يمكن أن يكون أمرا

1.في النسخة: «لا يحصل».

2.في النسخة: «بمؤثّرة».

3.في النسخة: «يكون».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
478

بيّن من أنّ النفس لا يمكن أن تكون واجبة ۱ واجبا محتاجة إلى علّة مجرّدة، وهي الواجب بالذات، أو منتهية إلى المجرّد الواجب بالذات، وهو المطلوب؛ فتأمّل.

المنهج الثالث عشر

قال بعض الفضلاء:
قد يحدث في الجسم المقسور بالقاسر كيفيّة منافية لما تقتضيه طبيعة المقسور كحرارة، أو برودة، أو ميل غريب، فمفيد تلك الكيفيّة الغريبة ومبقيها ليس القاسر؛ لانتفاء القاسر مع بقاء الكيفيّة الغريبة في المقسور، فالقاسر معدّ فقط.
وليس طبيعةَ المقسور؛ لأنّ طبيعة المقسور تقتضي حصول آثارها فيه، فكيف تفيد أثرا ينافي مقتضاها؟ فإنّ الحدس بل الفطرة الصحيحة حاكمة بأنّ الأمر الواحد لا يقتضي بذاته شيئا مبهما، وطبيعة مبهمة يصدق على أفراد متنافية متضادّة يمتنع اجتماعها في موضوع واحد وإن كانت حصول المتنافيات بشروط مختلفة، فإنّ تلك الشروط لا تؤثّر ۲ في اقتضاء الذات بالذات.
وليس الكيفيّة الاستعداديّة لو سلّم حصولها؛ إذ كلّ ممكن موجود يحتاج إلى علّة فاعليّة، والاستعداد ليس بموجد، على أنّا ننقل الكلام في مفيد الكيفيّة الاستعداديّة ومبقيها ۳ .
وليس شيئا من الأجسام والجسمانيات المغايرة للقاسر والمقسور؛ لما بيّن في موضعه من امتناع حصول كيفيّة في جسم من جسماني مباين له بأن يكون علّة فاعليّة لها، فمفيدها أمر مجرّد واجب بالذات، أو منتهٍ إلى مجرّد واجب بالذات، وهو المطلوب؛ فتأمّل فيه.

1.في النسخة: «يكون واجبا».

2.في النسخة: «لا يؤثّر».

3.في النسخة: «مبقها».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125396
صفحه از 739
پرینت  ارسال به