483
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

سألتني» أي أردت بسؤالك «لا يكون» أنّه لا يكون ممكنا، أو لا يكون له معنىً ومهيّة محصّلة، أو لا يصحّ نسبة الكون والوجود إليه حتّى يجري فيه العجز.
وكذا ما رواه في الكتاب المذكور بإسناده عن أبان بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: أيقدر اللّه أن يدخل الأرض في بيضة ولا تصغر الأرض ولا تكبر البيضة؟ ۱ فقال له: ويلك، إنّ اللّه لا يوصف بعجز، ومَن أقدر ممّن يُلطّف الأرضَ، ويُعظّم البيضةَ ۲ ».
وفيه إشارة إلى أنّ الممكن المتصوّر المحصّل لمعنى من دخول الكبير في الصغير بحسب الوجود العيني صيرورة الكبير صغيرا كتلطيف الأرض وجعلها صغيرة، أو بالعكس كجعل البيضة عظيمة، وهذا الممكن المتصوّر لا شكّ في أنّه مقدور له سبحانه، وهو قادر على كلّ ما لا يستحيل، وأمّا المستحيل فليس له معنى ومهيّة، فعدم تعلّق القدرة به لا ينافي كونه قادرا على كلّ شيء وكلّ ممكن، ولا يلزم منه عجز.
وثانيهما: أن يكون المسؤول عنه أمرا ممكنا في ذاته يكون له معنى ومهيّة محصّلة من غير لزوم تهافت وتناقض فيه، وهو دخول الكبير في الصغير بحسب الوجود الظلّي دخولاً لا يوجب كون الكبير صغيرا، ولا كون الصغير كبيرا في الواقع.
وهذا الحديث الذي نحن في صدد بيانه مبنيّ على ذلك، فحينئذٍ يرجع السؤال إلى أنّ هل لدخول الكبير في الصغير في الجملة دخولاً لا يوجب صيرورة الكبير صغيرا وبالعكس معنىً محصّل ممكن أم لا؟ وعلى تقدير إمكانه فهو مقدور لربّك أم لا؟ فأجاب عليه السلام ببيان الفرد الممكن من هذا المفهوم وكونه مقدورا له تعالى، صادرا عنه، وهو دخول الصورة المحسوسة المتقدّرة بالمقدار الكبير بنحو الوجود الظلّي ۳ في مادّة الحاسّة، ومحلّها

1.في المصدر: «لا يُصَغِّر الأرضَ ولا يُكبِّر البيضةَ» . وما في المتن مطابق لنقل البحار أيضا.

2.كتاب التوحيد، ص ۱۳۰، باب ۹، ح ۱۰؛ بحار الأنوار، ج ۴، ص ۱۴۳، ح ۱۱.

3.في هامش النسخة: بنحو الوجود الظلّي متعلّق بالدخول؛ فلا تغفل (منه).


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
482

۰.الذي تَراه العَدَسَةَ أو أقَلَّ منها قادرٌ أن يُدْخِلَ الدنيا كلَّها البَيْضَةَ ، لا تَصغُرُ الدنيا ولا تَكبُرُ البيضَةُ» .........

وقوله عليه السلام : (لا تصغر الدنيا ولا تكبر البيضة) جملة حاليّة.
أقول: اعلم أنّ هذه المسألة يمكن تقريرها بوجهين:
أحدهما: أن يكون المسؤول عنه أمرا محالاً فيه تهافت وتساقط وتناقض لا يكون له معنى محصّلاً وهو دخول الكبير في الصغير بحسب الوجود العيني دخولاً لا يوجب كون الكبير صغيرا، ولا كون الصغير كبيرا في الخارج، وحينئذٍ يرجع إلى أن يكون الشيء الواحد في حالة واحدة من جهة واحدة كبيرا وأن لا يكون كبيرا، وأن يكون صغيرا وأن لا يكون صغيرا، وأن يكون كبيرا وصغيرا معا، وأن لا يكون كبيرا وصغيرا أصلاً.
فالجواب عنه حينئذٍ أن يقال: هذا ممتنع محال ليس له مهيّة محصّلة، ولفظ لا معنى له أصلاً، وهو تعالى قادر على كلّ شيء له معنى ومهيّة، وعلى كلّ ممكن، ومن ذلك لا يلزم العجز؛ لأنّ العجز في اللغة إنّما هو عدم القدرة على الممكن، وعلى الشيء الذي له معنى محصّل، فعدم القدرة على ما ليس كذلك لا يكون عجزا ونقصا.
على أنّه لو اُطلق العجز على عدم القدرة على المحال مجازا لم يكن نقصا، لكن لا رخصة في إطلاقه على اللّه تعالى؛ لأنّه يوهم نسبته تعالى إلى النقص والعجز الحقيقي.
ومن هذا القبيل سؤالاً وجوابا ما رواه أبو جعفر بن بابويه القمّي في كتاب التوحيد بإسناده عن عمر بن اُذينة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «قيل لأمير المؤمنين عليه السلام : هل يقدر ربّك أن يدخل الدنيا في بيضة من غير أن تصغر الدنيا وتكبر البيضة؟ ۱ قال: إنّ اللّه لا ينسب إلى العجز، والذي سألتني لا يكون ۲ » يعني أنّ اللّه تعالى لا يعجز عن ممكن وعن شيء، أي كلّ ممكن وكلّ ما يكون له معنى محصّل ۳ فهو سبحانه لا يعجز عنه، ومعنى قوله: «والذي

1.في المصدر: «أن يُصَغِّرَ الدنيا ويُكبِّرَ البيضةَ».

2.التوحيد، ص ۱۳۰، باب ۹، ح ۹؛ بحار الأنوار، ج ۴، ص ۱۴۳، ح ۱۰.

3.في النسخة: «محصّلاً».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 148540
صفحه از 739
پرینت  ارسال به