491
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

الإله الحقّ الصانع للعالم اثنين، فلا يخلو من أن يكون كلّ واحد منهما قديما بالذات قويّا قادرا على [إيجاد] ۱ كلّ ممكن، وبالجملة يكون متّصفا بصفات الاُلوهيّة من كمال القدرة والحكمة والإرادة وغير ذلك، متنزّها عن جميع النقائص التي رأسها الإمكان حتّى يكون قدرة كلّ واحد منهما وحكمته وإرادته مع تعلّق إرادته كافية في وجود جميع العالم على الوجه الأصلح المشتمل على الحِكَم والمصالح التي لا تعدّ ولا تحصى كما هو واقع كذلك.
أو لا يكون كلّ واحد منهما كذلك، وحينئذٍ إمّا أن يكون كلّ منهما ضعيفا عن إيجاد جميع العالم بانفراده كذلك، أو يكون أحدهما قويّا على ذلك، والآخر ضعيفا عنه.
وعلى الأوّل «فلِمَ لا يدفع كلّ واحد منهما صاحبه» من ۲ إيجاد العالم «ويتفرّد بالتدبير» والإيجاد حتّى يلزم منه عدم العالم بالكلّيّة؛ يعني بالضرورة يكون إيجاد كلّ واحد منهما العالم وتأثيره وتدبيره فيه منافيا لإيجاد الآخر له وتأثيره وتدبيره فيه؛ لاستحالة توارد العلّتين المستقلّتين بالتأثير على المعلول الواحد الشخصي ـ أي على مجموع العالم ـ ؛ لما عرفت من أنّه واحد حقيقي يحصى، بل على كلّ واحد من جزئياته ۳ أيضا، فإيجاد ۴ هذا مانع عن إيجاد ذلك وبالعكس، فيتحقّق التمانع بينهما، ويلزم على تقدير إيجادهما للعالم عدم إيجادهما له، فيلزم من تعدّد ۵ الصانع عدم العالم رأسا وبالكلّيّة، كما نطق به كلام المجيد حيث قال: «لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلّا اللّه لَفَسَدَتا»۶ .
وعلى الثاني ـ وهو أن لا يكون كلّ واحد منهما كافيا في وجود جميع العالم على الوجه الواقع عليه، سواء كان عدم كفايته فيه باعتبار عدم شمول قدرته أو حكمته أو إرادته أو عدم شمول تعلّق إرادته عليه ـ يلزم أن يكونا ضعيفين ناقصين عاجزين باعتبار

1.من المرآة.

2.في المرآة: «من».

3.في المرآة: «أجزائه».

4.في المرآة: «وإيجاد».

5.المثبت من المرآة وفي النسخة : «عدد».

6.الأنبياء (۲۱): ۲۲.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
490

۵.عليُّ بن إبراهيمَ عن أبيه ، عن عبّاس بن عمرٍو الفُقَيْمي ، عن هشام بن الحَكَم في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبداللّه عليه السلام وكان من قول أبي عبداللّه عليه السلام :«لا يخلو قولُك

الظلمة بغير مصباح» ۱ انتهى.
ولا يذهب عليك أنّ المراد بالحدوث هاهنا كون الشيء مخلوقا ومصنوعا لغيره، وهو ما يعبّر عنه بالحدوث الذاتي. وتلخيص التنبيه على المطلوب قياس حال جميع العالم على حال البيضة كما مرّ تفصيله. والملموم: المجتمع المدوّر المضموم. والغِرْقِئ: قشر البيض الذي تحت القشر الأعلى.
قوله: (عن العبّاس بن عمرو الفُقَيمي)
بضمّ الفاء وفتح القاف وسكون الياء المثنّاة تحت، نسبةً إلى فُقَيم دارم، والنسبة إلى فقيم كَنانة ـ الذين هم نساة الشهور في الجاهليّة ـ فُقمِيّ مثل هُذلِيّ.
وقوله: (وكان من قول أبي عبد اللّه عليه السلام ) لفظ هشام.
كان الزنديق قال قبل إثبات وجوده تعالى: لو كان وجوده تعالى ثابتا، لجاز عليه الشريك وكونهما اثنين، فلِمَ قلتم بوحدته؟ وما دليلكم على توحيده وجوده ۲ ؟
فاستدلّ عليه السلام على نفي شريكه تعالى بثلاثة وجوه:
الوجه الأوّل
هو قوله عليه السلام : (لا يخلو قولك) إلى قوله: (فإن قلت) ويمكن تقريره بطرق:
الطريق الأوّل ـ ممّا تفرّدت به بعون اللّه وحسن هدايته من تقرير برهان التمانع على وجه تمام لا يرد عليه شيء أصلاً منطبق على ذلك الحديث ـ ۳ وهو أنّه لو كان المبدأ الأوّل

1.التوحيد، ص ۲۹۲، باب ۴۲، ح ۱؛ أمالي الصدوق، ص ۴۳۳، مجلس ۵۶، ح ۵؛ الإرشاد، ج ۲، ص ۲۰۱ ـ ۲۰۳؛ روضة الواعظين، ص ۲۲؛ إعلام الورى، ج ۱، ص ۵۴۳ ـ ۵۴۴؛ كشف الغمّة، ج ۳، ص ۱۹۱ ـ ۱۹۲؛ بحار الأنوار، ج ۳، ص ۳۹، ح ۱۳؛ وج ۱۰، ص ۲۱۱، ح ۱۲ .

2.كذا.

3.تقدّم ذكره برهان التمانع و تفرّده بذلك في ص ۳۴۲ . و نقله في مرآة العقول، ج ۱، ص ۲۷۰ ـ ۲۷۲ مع تلخيص و قال: «هو قريب من بعض الوجوه السابقة. وتقد».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 143879
صفحه از 739
پرینت  ارسال به