493
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

ولمّا كان الوجود مستتبعا لسائر الكمالات فالموجود البحت الذي لا يتصوّر خلوّه عن مرتبة من مراتب الكمال حتّى يتصوّر فيه نقص، فكلّ ما يكون فيه بل يتصوّر فيه نقص، فهو شيء موجود وليس موجود بحت ۱ ، وكلّ ما هو شيء موجود فهو ممكن كما مرّ بيانه، فحينئذٍ يلزم إمكان الصانعين وعدم كونهما صانعا للعالم أصلاً على فرض كونهما صانعا له، هذا خلف؛ فتدبّر.
وعلى الثالث ـ وهو أن يكون أحدهما قديما بالذات قويّا قادرا على إيجاد جميع العالم كافيا فيه ، والآخر ضعيفا عاجزا عن إيجاد الكلّ ناقصا غير كافٍ فيه ـ يلزم المطلوب، وهو وحدة صانع العالم؛ للعجز الظاهر في الضعيف، وقد عرفت أنّ كلّ عاجز وناقص ممكن لا يصلح أن يكون مبدءً أوّلاً ۲ صانعا للعالم صالحا للاُلوهيّة. ولمّا كان فساد القسم الثاني يظهر من بيان فساد الشقّ الثاني من الثالث لم يتعرّض عليه السلام للتصريح بذكره؛ فتدبّر؛ فإنّ هذا برهان تمام على وحدة الإله الصانع للعالم الواجب بالذات.
وتقريره على سبيل الإجمال أنّه لو كان المبدأ الأوّل الإله الحقّ الصانع للعالم اثنين فإمّا أن يكون كلّ واحد منهما كافيا في وجوده على الوجه الأصلح الذي لا يمكن أن يكون أصلح منه، ولا يكون شيء منهما كافيا في وجوده، بل كلّ واحد منهما علّة لبعض العالم، وكلاهما علّة للمجموع، أو يكون أحدهما كافيا دون الآخر.
فعلى الأوّل يلزم توارد العلّتين المستقلّتين بالتأثير على المعلول الواحد الشخصي؛ لأنّ مجموع العالم واحد شخصي كما مرّ، ومع قطع النظر عن ذلك يلزم التوارد في كلّ جزئي من جزئيات العالم، وذلك ظاهر، ولمّا كان وقوعه بكلّ منهما مستلزما لعدم وقوعه بالآخر؛ لاستحالة التوارد، فكلّ منهما مانع عن وقوعه بالآخر، فيتحقّق التمانع بينهما، ويلزم من ذلك عدم وقوعه بالكلّيّة، هذا خلف.

1.كذا. ولعلّ الصواب : «موجودا بحتا».

2.في المرآة: «مبدءً و لا صانعا».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
492

أيّ صفة كانت بالضرورة، وما يكون كذلك لا يكون مبدءً أوّلاً ۱ صانعا للعالم صالحا للاُلوهيّة، هذا خلف.
توضيح ذلك أنّ عدم تفرّد كلّ منهما بخلق جميع العالم على الوجه الأصلح الذي لا يمكن أن يكون أصلح منه وشركتهما في خلقه إمّا أن يكون على وجه الاضطرار؛ لعدم تمكّن كلّ واحد منهما على الانفراد عن ذلك، أو على وجه الإرادة والاختيار. وعلى الأوّل العجز ۲ والضعف والنقص ظاهر؛ لأنّ جميع العالم على هذا الوجه ممكن، فكلّ منهما لا يقدر على كلّ ممكن. وعلى الثاني فإمّا أن يكون في شركتهما حكمة ومصلحة لا تكون تلك الحكمة والمصلحة في الانفراد أم لا، وعلى الأوّل يلزم أن يكون كلّ واحد منهما بانفراده فائتا لتلك الحكمة والمصلحة، وهذا أيضا ضعف وعجز ونقص في كلّ واحد منهما بالضرورة، بل هذا القسم أيضا يرجع ۳ إلى الشقّ الأوّل كما لا يخفى. وعلى الثاني يلزم أن يكون شركتهما سفها وعبثا، فيلزم خلوّهما عن الحكمة، وهو ضعف وعجز عن رعاية الحكمة ونقص عظيم.
والحاصل أنّا نعلم بالضرورة أنّ الشركةَ في خلق شيء ـ على أيّ وجه كانت ـ نقصٌ، والتفرّد فيه كمال، والمنازع مكابر، وكلّ ما هو عاجز ضعيف ناقص لا يصلح أن يكون إلها حقّا ومبدءً أوّلاً صانعا للعالم؛ لما عرفت من أنّه مستجمع لجميع الكمالات الغير المتناهية، ومتنزّه عن جميع النقائص، ولأنّ المبدأ الأوّل الصانع للعالم يجب أن يكون واجب الوجود بالذات الذي هو موجود بحت لا شيء موجود، وإلّا لم يكن مبدءً أوّلاً صانعا للعالم، بل يكون مصنوعا ومن جملة العالم كما مرّ تفصيله، هذا خلف.
وقد أشار عليه السلام [إليه] بقوله: (قديمين) أي قديمين بالذات.

1.في المرآة: + «و».

2.في النسخة: «والعجز والمثبت من المرآة».

3.في النسخة: «راجع».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 126355
صفحه از 739
پرینت  ارسال به