495
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

۰.للعجز الظاهر في الثاني ، فإن قلت : إنّهما اثنان ، لم يَخْلُ من أن يكونا مُتّفقَيْن من كلّ جهةٍ ،

ففِعْل كلّ واحد منهما دافع لفعل الآخر، فيتحقّق التمانع والتدافع بين الفعلين وكذا بين الفاعلين، فيلزم عدم تحقّق مرادهما على فرض تحقّقه، هذا خلف. وأيضا يلزم ارتفاع النقيضين، وهو محال.
وعلى الثاني ـ وهو أن يكونا ضعيفين عاجزين عن الإتيان بمرادهما ـ يلزم أن لا يكون شيء منهما إلها حقّا خالقا للعالم، هذا خلف. على أنّه يلزم ارتفاع النقيضين أيضا، وهو محال.
وعلى الثالث يكون الأوّل إلها حقّا صانعا للعالم دون الثاني؛ (للعجز الظاهر) المنافي للاُلوهيّة وصانعيّة العالم فيه ۱ ، فيكون الإله الصانع واحدا كما نقول وقد فرض أنّه اثنان هذا خلف. وقد مرّ وجه عدم تعرّضه عليه السلام للتصريح بإبطال القسم الثاني، وفيه أبحاث وأجوبة قد مرّ تفصيلها في التنبيه الثاني من الأصل الثاني من الهداية الإلهيّة فارجع إليه.
قال صاحب الفوائد المدنيّة في شرح الكافي:
حاصل هذا الدليل أنّه لو كان الإله اثنين، لدفع الآخر قول هذا الإله المرسِل للرسل لإقرار الناس بأنّه لا شريك له بمثل فعله من إرسال رسل اُخر؛ لإقرارهم بأنّ له شريكا ۲ ولم يدفع. ۳ انتهى.
وأقول: لا يذهب عليك أنّه خطابة، وذِكْره في هذا المقام في غاية السخافة؛ لأنّ الزنديق مكذّب للرسل، غير مصدّق لواحد منهم، فكيف يصحّ الاحتجاج بقولهم هاهنا؟! نعم، هذا نافع لمن قال بوجود الرسول في الجملة كالملّيين.
وأقول: يمكن الاستدلال بهذه الطريقة بأن يقال: لو كان الإله اثنين، لكان كلاهما، أو واحد منهما كاذبا في إخبار الاُمم بوساطة الرسل بأنّه لا شريك له، ولا شكّ في أنّ الكاذب ناقص، والناقص غير صانع للعالم وغير صالح للاُلوهيّة؛ لما مرّ. ولا يخفى أنّ هذا الدليل وإن لم

1.أي في الثاني.

2.في النسخة: «شريك».

3.الحاشية على اُصول الكافي (المطبوع في ميراث حديث شيعه) ج ۸، ص ۲۹۹.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
494

۰.إنّهما اثنان من أن يكونا قديمَيْن قويَّيْن ، أو يكونا ضعيفَيْن ، أو يكونَ أحدُهما قويّا والآخَرُ ضعيفا ، فإن كانا قويّين فِلمَ لا يَدفَعُ كلُّ واحدٍ منهما صاحِبَهُ ويَتَفَرَّد بالتدبير ، وإن زعمتَ أنّ أحدَهما قويٌّ والآخَرَ ضعيفٌ ثَبَتَ أنّه واحدٌ كما نقول ؛

وعلى الثاني يلزم نقص كلّ منهما؛ لأنّا نعلم بالضرورة أنّ التفرّد في خلق جميع العالم على الوجه الأصلح الأكمل المراعى فيه جميع الحِكَم والمصالح الواقعة فيه كمال، والشركة فيه نقص، سواء كانت الشركة اضطراريّة، أو إراديّة اختياريّة ناشئة عن رعاية حكمة ومصلحة ليست في التفرّد أم لا، والناقص لا يكون مبدءً أوّلاً موجودا بحتا ولا يصلح للاُلوهيّة وصانعيّة العالم، بل يكون ممكنا معلولاً من جملة العالم؛ لوجوب تنزّه المبدأ الأوّل الإله الحقّ الصانع للعالم عن جميع النقائص، واستجماعه لجميع مراتب الكمالات كما بيّن سالفا، فيلزم أن لا يكون شيء منهما مبدءً أوّلاً إلها حقّا صانعا للعالم، هذا خلف.
وعلى الثالث يلزم أن يكون ما هو كافٍ ۱ في وجوده هو الصانعَ دون الآخر؛ لما ذكر آنفا، فلا يكون الصانع متعدّدا، هذا خلف ۲ .
الطريق الثاني: هو برهان التمانع على النهج المشهور، تقريره أنّه (لا يخلو قولك: إنّهما اثنان) أي على تقدير القول باثنينيّة الصانع المتّصف بصفات الاُلوهيّة من استجماعه لجميع الكمالات، وتنزّهه عن جميع النقائص (لا يخلو من أن يكونا قديمين بالذات قويّين) قادرين على الإتيان بمرادهما على تقدير التخالف بينهما والتناقض بين مراديهما؛ لأنّ التعدّد يستلزم إمكان التخالف بينهما، (أو يكونا ضعيفين) عاجزين عن الإتيان بمرادهما على ذلك التقدير، (أو يكون أحدهما قويّا) قادرا على الإتيان بمراده على ذلك التقدير (والآخر ضعيفا) عاجزا عن الإتيان بمراده.
فعلى الأوّل ـ وهو أن يكونا قويّين قادرين ـ (فلِمَ لا يدفع كلّ واحد منهما صاحبه) عن الإتيان بمراده حتّى يحصل مراده (ويتفرّد بالتدبير)؛ يعني إتيان كلّ واحد بمراده ـ وهو أحد النقيضين ـ مانع عن إتيان الآخر بمراده، وهو النقيض الآخر؛ لاستحالة اجتماع النقيضين،

1.في النسخة: «كافيا».

2.لأنّه قد فرض أنّه اثنان.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125437
صفحه از 739
پرینت  ارسال به