۰.ثمّ يَلْزَمُك إن ادّعيتَ اثنين فُرْجَةٌ ما بينهما حتّى يكونا اثنين ، فصارت الفُرجَةُ ثالثا بينهما قديما معهما ، فيلزَمُك ثلاثةٌ ، فإن ادَّعيتَ ثلاثَةً لَزِمَك ما قلت في الاثنين حتّى تكونَ بينهم
العالم مطلقا.
قلنا: هذا القدر كافٍ لهؤلاء الزنادقة؛ لأنّ الموجود عندهم محصور في العالم الجسماني كما مرّ فيما رواه الصدوق في كتاب التوحيد عن عليّ بن منصور ۱ ؛ فتدبّر.
الوجه الثالث: هو قوله عليه السلام : (ثمّ يَلْزَمُك) إلخ ويمكن تقريره بنحوين:
النحو الأوّل: أقول: يعني «يَلْزَمُك إن ادّعيتَ» أنّ المبدأ الأوّل الواجب بالذات اثنان «فرجةٌ ما بينهما حتّى يكونا ۲ اثنين» أي يلزمك أن يكون ما بينهما ما يمتاز به ويتعيّن كلّ واحد منهما عن الآخر حتّى تتحقّق فيهما الاثنينيّة؛ لاشتراكهما في الوجوب الذاتي، فلو كان الوجوب بالذات تمام حقيقتهما ولم يكن مميّزا فاصلاً بينهما لا يكونا اثنين؛ لامتناع الاثنينيّة بلا مميّز بينهما.
وقد عبّر عليه السلام عن المميّز الفاصل بالفرجة؛ حيث إنّ الفاصل بين الأجسام يعبّر عنه بالفرجة، واُولئك الزنادقة لم يكونوا يدركون غير المحسوسات، تنبيها على أنّكم لا تستحقّون أن تخاطبوا إلّا بما يليق استعماله في المحسوسات. وذلك المميّز لا بدّ أن يكون وجوديا داخلاً في حقيقة أحدهما؛ إذ لا يجوز التعدّد مع الاتّفاق في تمام الحقيقة كما ذكرناه.
ولا يجوز أن يكون ذلك المميّز ذا حقيقة يصحّ انفكاكها عن الوجود وخلوُّها عنه ولو عقلاً وبحسب التصوّر، وإلّا لكان معلولاً محتاجا إلى المبدأ، فلا يكون مبدءً أوّلاً ولا داخلاً فيه، فيكون المميّز الفاصل بينهما موجودا قديما بذاته كما به الاشتراك وما فيه الاتّفاق، فيكون الواحد المشتمل على المميّز الوجودي اثنين لا واحدا، ويكون الاثنان اللذان ادّعيتهما ثلاثةً.
(فإن) قلت به و(ادّعيت ثلاثةً لزمك ما قلت في الاثنين) من تحقّق المميّز بين الثلاثة،