501
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

۰.فُرجَةٌ ، فيكونوا خمسَةً ، ثمَّ يَتَناهى في العَدَدِ إلى ما لا نهاية له في الكثرة» .

ولا بدّ من مميّزين وجوديين حتّى يكون بين الثلاثة فرجتان، ولا بدّ من كونهما قديمي الذات ۱ كما مرّ (فيكونوا خمسة) وهكذا.
(ثمّ يتناهى في العدد إلى ما لا نهاية له في الكثرة) أي يبلغ عدده إلى كثرة غير متناهية، وذلك ـ مع أنّه خلاف ما فرضت من كونه اثنين ـ باطل من وجهين:
أحدهما: لأنّه يلزم على هذا وجود عدد بلا واحد، وكثرة بلا وحدة؛ لأنّه يلزم حينئذٍ من كون الواجب اثنين كثير غير متناهٍ لا نهاية له في مراتب الكثرة، فيلزم اشتمال واجب واحد ـ وهو ما يدخل فيه المميّز ـ على أجزاء غير متناهية واجبة الوجود التي يشتمل كلّ واحد منها على أجزاء غير متناهية كذلك، وهكذا إلى غير النهاية، فيلزم وجود كثير بلا واحد، وكثرة بلا وحدة ، وذلك بديهيّ البطلان.
وثانيهما: التسلسل؛ لتوقّف وجود الواجب المشتمل على المميّز على وجود مميّزات، كلّ واحد منها موقوف على مميّزات اُخر، وهكذا إلى غير النهاية، وهو محال.
فإن قلت: على تقدير كونهما اثنين إنّما يلزم وجود مميّزين يكون أحدهما داخلاً في هذا الواجب، والآخر داخلاً في الآخر، فكيف اقتصر بذكر المميّز الواحد وألزم وجوب الثلاثة؟ بل إنّما يلزم على هذا التقدير أن يكون الاثنان أربعة، والأربعة ثمانية، وهكذا في كلّ مرتبة يلزم ضِعف ضِعف المفروض.
قلنا: إنّما يلزم ذلك إذا كان ما به الاشتراك ممكنا مبهما محتاجا في تحصيله إلى ما به الامتياز، فلا بدّ في كلّ فرد منه من مميّز داخل فيه متعيّن ومتحصّل به كلّ واحد منه، وأمّا إذا كان ما به الاشتراك موجودا بحتا واجبا بالذات متحصّلاً بنفسه ـ كما هو المفروض على تقدير تعدّد الواجب بناءً على أنّ جزء الواجب لا يجوز أن يكون ممكنا مبهما متحصّلاً بغيره ـ فلا حاجة إلى المميّز إلّا لأجل تحقّق الاثنينيّة فقط، وفي تحقّقها يكفي وجود مميّز

1.في النسخة: «بالذات».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
500

۰.ثمّ يَلْزَمُك إن ادّعيتَ اثنين فُرْجَةٌ ما بينهما حتّى يكونا اثنين ، فصارت الفُرجَةُ ثالثا بينهما قديما معهما ، فيلزَمُك ثلاثةٌ ، فإن ادَّعيتَ ثلاثَةً لَزِمَك ما قلت في الاثنين حتّى تكونَ بينهم

العالم مطلقا.
قلنا: هذا القدر كافٍ لهؤلاء الزنادقة؛ لأنّ الموجود عندهم محصور في العالم الجسماني كما مرّ فيما رواه الصدوق في كتاب التوحيد عن عليّ بن منصور ۱ ؛ فتدبّر.
الوجه الثالث: هو قوله عليه السلام : (ثمّ يَلْزَمُك) إلخ ويمكن تقريره بنحوين:
النحو الأوّل: أقول: يعني «يَلْزَمُك إن ادّعيتَ» أنّ المبدأ الأوّل الواجب بالذات اثنان «فرجةٌ ما بينهما حتّى يكونا ۲ اثنين» أي يلزمك أن يكون ما بينهما ما يمتاز به ويتعيّن كلّ واحد منهما عن الآخر حتّى تتحقّق فيهما الاثنينيّة؛ لاشتراكهما في الوجوب الذاتي، فلو كان الوجوب بالذات تمام حقيقتهما ولم يكن مميّزا فاصلاً بينهما لا يكونا اثنين؛ لامتناع الاثنينيّة بلا مميّز بينهما.
وقد عبّر عليه السلام عن المميّز الفاصل بالفرجة؛ حيث إنّ الفاصل بين الأجسام يعبّر عنه بالفرجة، واُولئك الزنادقة لم يكونوا يدركون غير المحسوسات، تنبيها على أنّكم لا تستحقّون أن تخاطبوا إلّا بما يليق استعماله في المحسوسات. وذلك المميّز لا بدّ أن يكون وجوديا داخلاً في حقيقة أحدهما؛ إذ لا يجوز التعدّد مع الاتّفاق في تمام الحقيقة كما ذكرناه.
ولا يجوز أن يكون ذلك المميّز ذا حقيقة يصحّ انفكاكها عن الوجود وخلوُّها عنه ولو عقلاً وبحسب التصوّر، وإلّا لكان معلولاً محتاجا إلى المبدأ، فلا يكون مبدءً أوّلاً ولا داخلاً فيه، فيكون المميّز الفاصل بينهما موجودا قديما بذاته كما به الاشتراك وما فيه الاتّفاق، فيكون الواحد المشتمل على المميّز الوجودي اثنين لا واحدا، ويكون الاثنان اللذان ادّعيتهما ثلاثةً.
(فإن) قلت به و(ادّعيت ثلاثةً لزمك ما قلت في الاثنين) من تحقّق المميّز بين الثلاثة،

1.تقدّم في ص ۳۴۱.

2.في النسخة: «يكون».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 140541
صفحه از 739
پرینت  ارسال به