وهاهنا بحث من وجوه:
الأوّل: ما ذكره القاضي الميبدي وهو أنّه معنى قولهم: «وجوب الوجود نفس حقيقة واجب الوجود وعينها» أنّه يظهر من نفس تلك الحقيقة أثر صفة وجوب الوجود، لا أنّ تلك الحقيقة عين هذه الصفة، فلا يكون اشتراك موجودين واجبي الوجود في وجوب الوجود إلّا أن يظهر من نفس كلّ منهما أثر صفة الوجوب، فلا منافاة بين اشتراكهما في وجوب الوجود، وتمايزهما بتمام الحقيقة.
والثاني: ما ينسب إلى ابن كمونة، وهو الذي سمّاه بعضهم بافتخار الشياطين؛ لابدائه تلك الشبهة وهي شبهة سهلة العقد عويصة الحلّ، تقريرها أنّه لِمَ لا يجوز أنّ ۱ هناك هويّتان بسيطتان مجهولتا الكنه، مختلفتان بتمام المهيّة يكون كلّ منهما واجبا بذاته ويكون مفهوم واجب الوجود منتزعا منهما، مقولاً عليهما قولاً عرضيا.
والثالث: ما قيل من أنّه لِمَ لا يجوز أن يكون ما به الامتياز حينئذٍ أمرا عارضا لا مقوّما، فلا يلزم من إمكانه محذور؟ وهذا ظاهر الدفع؛ لأنّه يوجب أن يكون التعيّن عارضا وهو خلاف ما ثبت بالبرهان.
وأقول: قد ألهمني اللّه تعالى بحسن هدايته جواب تمام عن هذه الإيرادات لا يخطر ببال أحد بهذا النحو وإن كان بعض مقدّماته ممّا تكلّم به بعض المحقّقين وهو أنّه ليس معنى عينيّة الوجوب لذاته تعالى في هذا المقام أنّ هذا المعنى المصدري عينه، وكذا الحال في معنى عينيّة الوجود والتعيّن على ما فهمه المتأخّرون حتّى يرد عليه ما اُورد، بل المراد عينيّة مفهوم الواجب والموجود والمعيّن ونظائرها من قبل إطلاق المبدأ وإرادة المشتقّ، ومعنى العينيّة هاهنا أنّ كلّ واحد من هذه المفهومات متّحد معه؛ لصحّة حمله عليه مواطاة، وليس مصداق الحكم به ومطابقه إلّا ذاته بذاته من دون انضمام أمر آخر إليه، ومن غير ملاحظة