503
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

وهاهنا بحث من وجوه:
الأوّل: ما ذكره القاضي الميبدي وهو أنّه معنى قولهم: «وجوب الوجود نفس حقيقة واجب الوجود وعينها» أنّه يظهر من نفس تلك الحقيقة أثر صفة وجوب الوجود، لا أنّ تلك الحقيقة عين هذه الصفة، فلا يكون اشتراك موجودين واجبي الوجود في وجوب الوجود إلّا أن يظهر من نفس كلّ منهما أثر صفة الوجوب، فلا منافاة بين اشتراكهما في وجوب الوجود، وتمايزهما بتمام الحقيقة.
والثاني: ما ينسب إلى ابن كمونة، وهو الذي سمّاه بعضهم بافتخار الشياطين؛ لابدائه تلك الشبهة وهي شبهة سهلة العقد عويصة الحلّ، تقريرها أنّه لِمَ لا يجوز أنّ ۱ هناك هويّتان بسيطتان مجهولتا الكنه، مختلفتان بتمام المهيّة يكون كلّ منهما واجبا بذاته ويكون مفهوم واجب الوجود منتزعا منهما، مقولاً عليهما قولاً عرضيا.
والثالث: ما قيل من أنّه لِمَ لا يجوز أن يكون ما به الامتياز حينئذٍ أمرا عارضا لا مقوّما، فلا يلزم من إمكانه محذور؟ وهذا ظاهر الدفع؛ لأنّه يوجب أن يكون التعيّن عارضا وهو خلاف ما ثبت بالبرهان.
وأقول: قد ألهمني اللّه تعالى بحسن هدايته جواب تمام عن هذه الإيرادات لا يخطر ببال أحد بهذا النحو وإن كان بعض مقدّماته ممّا تكلّم به بعض المحقّقين وهو أنّه ليس معنى عينيّة الوجوب لذاته تعالى في هذا المقام أنّ هذا المعنى المصدري عينه، وكذا الحال في معنى عينيّة الوجود والتعيّن على ما فهمه المتأخّرون حتّى يرد عليه ما اُورد، بل المراد عينيّة مفهوم الواجب والموجود والمعيّن ونظائرها من قبل إطلاق المبدأ وإرادة المشتقّ، ومعنى العينيّة هاهنا أنّ كلّ واحد من هذه المفهومات متّحد معه؛ لصحّة حمله عليه مواطاة، وليس مصداق الحكم به ومطابقه إلّا ذاته بذاته من دون انضمام أمر آخر إليه، ومن غير ملاحظة

1.كذا. لعلّ الصواب: «أن يكون».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
502

واحد داخل في أحدهما؛ فإنّ ۱ بمجرّد ذلك صار هذا الواجب المركّب من المتّفق فيه والمميّز مغايرا للواجب الآخر الذي هو بحت المتّفق فيه.
ومن هذا ظهر أنّه لو كان الواجب ثلاثة إنّما يلزم وجود مميّزين حتّى صار خمسة، ولو كان خمسة إنّما يلزم وجود أربع مميّزات حتّى صار تسعة، وهكذا على ترتيب الفُرَج بين الأجسام. على أنّ هذا القدر كافٍ في لزوم المحذور، مع أنّه قريب لفهم المخاطب القاصر عن إدراك ما ليس بمحسوس، والزائد عليه البعيد عن فهمه غير محتاج إليه، هذا.
لا يقال: لِمَ لا يجوز أن يكون الوجوب الذاتي المشترك بينهما خارجا عن حقيقة كلّ واحد منهما عارضا لهما، ويكون امتياز كلّ منهما عن الآخر بتمام حقيقته، فحينئذٍ لا يلزم أن يكون ما به الامتياز داخلاً في أحدهما حتّى يلزم المحال.
لأنّا نقول: وجوب الوجود هو عين حقيقة واجب الوجود، فلا يجوز أن يكون خارجا عنها.
والدليل على كونه عين حقيقته تعالى أنّه لو كان زائدا عليها عارضا لها، لكان مفتقرا إلى الغير الذي هو معروضه، فيكون ممكنا لذاته مستندا إلى علّته، فلا بدّ له من مؤثّر، وذلك المؤثّر إن كان غير تلك الحقيقة، يلزم أن يكون الواجب لذاته محتاجا إلى الغير في الوجوب، وهذا محال.
وإن كان عينها، يلزم تقدّم وجوب الوجود بالذات على نفسه؛ لأنّ العلّة ما لم يجب وجودها استحال وجودها، فاستحال أن يوجد المعلول، فلو كان علّة لوجوبه بالذات، لزم تقدّمه بالوجوب على الوجوب، فيكون وجوب الموجود بالذات قبل نفسه، وهو محال.
ولو كان داخلاً في حقيقته، لزم التركيب، وقد أقمنا الدليل على أنّ التركيب مطلقا ـ سواء كان من الأجزاء الذهنيّة أو الخارجيّة ـ مستلزم للإمكان، وإمكان الواجب محال، فثبت أنّه عين حقيقته، وهو المطلوب.

1.كذا.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 126339
صفحه از 739
پرینت  ارسال به