505
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

بحت. وهذا معنى قول المعلّم الثاني: واجب الوجود علم كلّه، قدرة كلّه، إرادة كلّه. كيف ولو لم يكن كذلك، لزم خلوّ ذاته بذاته في مرتبة ذاته عن تلك الكمالات؛ يعني لزم أن لا يكون عالما قادرا مثلاً في مرتبة ذاته، وذلك نقص عظيم نعلم بالبديهة أنّه متعال عن ذلك علوّا كبيرا. على أنّ النقص مستلزم للإمكان؛ لأنّه مستلزم لضعف الوجود؛ لأنّ الوجود مستتبع للكمال، فكلّما كان أقوى وجودا كان أكمل، وكلّما كان أضعف وجودا كان أنقص، وضعف الوجود لا يتصوّر إلّا فيما كان ذاته بذاته خاليا عنه، وأمّا ما لا يكون كذلك، فلا يتصوّر فيه ضعف قطعا، والأوّل ممكن لما مرّ بيانه، فالناقص الضعيف الوجود ممكن، فثبت أنّ النقص مستلزم للإمكان.
وأمّا السلوب والإضافات فإنّها عبارات عن هذه الصفات الحقيقيّة باعتبار نسبتها إلى الغير وترتّب الآثار إليها، وليست حقيقة صفات اُخر حتّى يلزم اتّصافه بالصفات الزائدة على ذاته ويلزم النقص، سواء كانت كماليّة أو غير كماليّة. أمّا على الأوّل فلما مرّ. وأمّا على الثاني، فلأنّه لا يخلو إمّا أن يكون صفة نقص أم لا، والأوّل ظاهر، والثاني مستلزم للنقص؛ لأنّ اتّصافه به عبث ولغو، وذلك نقص؛ فإنّ السلوب كلّها يرجع إلى نفي الإمكان المترتّب على الوجوب الذاتي، والإضافات إلى سائر الصفات الحقيقيّة كالعلم والقدرة والإرادة ۱ .
وهذا معنى الواجب بالذات والموجود بالذات والمعيّن بالذات والعالم بالذات ونحو ذلك، لا ما هو الظاهر من العبارة المشهورة عندهم في تفسيرها وهي ما يقتضي ذاته وجوبه ووجوده وتعيّنه وعلمه ونحو ذلك؛ لأنّ الثلاثة الاُول مستلزم للدور الظاهر، ومستلزم لخلوّ ذاته في مرتبة علّيّته لها عنها؛ لوجوب تقدّم العلّة على المعلول، وهذا موجب لإمكانه، والبواقي مستلزم لخلوّه في مرتبة علّيته لها عن هذه الصفات، وقد عرفت أنّه نقص عظيم

1.في هامش النسخة: لا يقال: لِمَ لا يجوز أن تكون تلك الصفات أيضا عينه كالصفات الحقيقيّة... لا يتصوّر ذلك. أمّا السلوب، فلأنّها عدميّة، والعدميّة لا يمكن أن تكون نفس الوجود الخارجي. وأمّا الإضافات، فلأنّها ثابتة للشيء بالقياس إلى غيره، ومايكون كذلك لا يمكن أن يكون نفس ذلك الشيء بالضرورة (منه عفي عنه).


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
504

حيثيّة اُخرى غير ذاته أيّة حيثيّة كانت، حقيقيّة أو إضافيّة أو سلبيّة، فالمراد بعينيّة مبادئ اشتقاق تلك المفهومات ليس إلّا أنّ ذاته بذاته من غير ملاحظة أمر آخر منشأ لانتزاع هذه المبادئ عنه، والحكم بأنّه هو هذه المشتقّات، فذاته بذاته مجرّد حيثيّة انتزاع تلك المبادئ وتطابق تلك المشتقّات ومصداقها، فهو بحت تلك المشتقّات؛ يعني واجب بحت، وموجود بحت ۱ ، ومعيّن بحت، فلا يكون منقسما إلى معروض وعرضي هو مفهوم الواجب والموجود والمعيّن ۲ ، كما أنّه غير منقسم إلى الأجزاء الخارجيّة، وإلى الأجزاء العقليّة، وإلى الأجزاء الوهميّة والفرضيّة كما مرّ مفصّلاً، كيف، ولو كانت هذه المفهومات عرضيّة له، لكان ذاته بذاته خاليا عن الوجوب والوجود والتعيّن؛ يعني لا يكون واجبا وموجودا ومعيّنا في مرتبة ذاته مع قطع النظر عن جميع الاعتبارات والحيثيات والانضمامات والانتسابات؛ لأنّ العرضي لا يكون في مرتبة ذات ما هو عرضي له بالضرورة، وقد مرّ سالفا أنّ كلّ ما هو كذلك ممكن محتاج إلى مؤثّر، وجاعل يجعله واجبا وموجودا ومعيّنا وقد فرضناه واجبا بالذات، هذا خلف.
وأمّا الممكن فإنّه ليس كذلك، بل إنّما يكون منشأ انتزاعها عنه ذاته المجعولة بجعل الجاعل بحيث يصحّ انتزاعها عنه، ومصداق الحكم بأنّه واجب وموجود ومعيّن ذاته من حيث هو مجعول الجاعل، ومنسوب إلى الفاعل، فهو شيء جعله الجاعل واجبا وموجودا ومعيّنا، وهذا معنى كون مفهوم الواجب والموجود [و]المعيّن زائدا في الممكن.
فمن هذا ظهر أنّه تعالى واجب بحت، وموجود بحت كما أنّه معيّن ومشخّص بحت، لا أنّه شيء يكون ذلك الشيء واجبا وموجودا كما أنّه تعالى ليس شيئا يكون ذلك الشيء معيّنا، وقس عليها حال سائر الصفات الحقيقيّة الكماليّة فهو عالم بحت، قادر بحت، مريد

1.في النسخة: + «وموجود بحت».

2.في النسخة: «ومفهوم الموجود ومفهوم المعيّن» . وكتب على كلمة «مفهوم» في الموردين علامة «ز» وهو رمز إلى الزائد.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 126304
صفحه از 739
پرینت  ارسال به