بحت. وهذا معنى قول المعلّم الثاني: واجب الوجود علم كلّه، قدرة كلّه، إرادة كلّه. كيف ولو لم يكن كذلك، لزم خلوّ ذاته بذاته في مرتبة ذاته عن تلك الكمالات؛ يعني لزم أن لا يكون عالما قادرا مثلاً في مرتبة ذاته، وذلك نقص عظيم نعلم بالبديهة أنّه متعال عن ذلك علوّا كبيرا. على أنّ النقص مستلزم للإمكان؛ لأنّه مستلزم لضعف الوجود؛ لأنّ الوجود مستتبع للكمال، فكلّما كان أقوى وجودا كان أكمل، وكلّما كان أضعف وجودا كان أنقص، وضعف الوجود لا يتصوّر إلّا فيما كان ذاته بذاته خاليا عنه، وأمّا ما لا يكون كذلك، فلا يتصوّر فيه ضعف قطعا، والأوّل ممكن لما مرّ بيانه، فالناقص الضعيف الوجود ممكن، فثبت أنّ النقص مستلزم للإمكان.
وأمّا السلوب والإضافات فإنّها عبارات عن هذه الصفات الحقيقيّة باعتبار نسبتها إلى الغير وترتّب الآثار إليها، وليست حقيقة صفات اُخر حتّى يلزم اتّصافه بالصفات الزائدة على ذاته ويلزم النقص، سواء كانت كماليّة أو غير كماليّة. أمّا على الأوّل فلما مرّ. وأمّا على الثاني، فلأنّه لا يخلو إمّا أن يكون صفة نقص أم لا، والأوّل ظاهر، والثاني مستلزم للنقص؛ لأنّ اتّصافه به عبث ولغو، وذلك نقص؛ فإنّ السلوب كلّها يرجع إلى نفي الإمكان المترتّب على الوجوب الذاتي، والإضافات إلى سائر الصفات الحقيقيّة كالعلم والقدرة والإرادة ۱ .
وهذا معنى الواجب بالذات والموجود بالذات والمعيّن بالذات والعالم بالذات ونحو ذلك، لا ما هو الظاهر من العبارة المشهورة عندهم في تفسيرها وهي ما يقتضي ذاته وجوبه ووجوده وتعيّنه وعلمه ونحو ذلك؛ لأنّ الثلاثة الاُول مستلزم للدور الظاهر، ومستلزم لخلوّ ذاته في مرتبة علّيّته لها عنها؛ لوجوب تقدّم العلّة على المعلول، وهذا موجب لإمكانه، والبواقي مستلزم لخلوّه في مرتبة علّيته لها عن هذه الصفات، وقد عرفت أنّه نقص عظيم