والحاصل أنّ الواجب البحت والموجود البحت والمعيّن البحت ونظائرها هو الذي لا يكون فيه كثرة أصلاً لا بأن يكون هذه المفهومات ومفهومات الصفات الكماليّة كمفهوم العالم والقادر والمريد عرضيا له خارجا عنه زائدا عليه، ولا بأن يكون شيء داخلاً فيه جزءً له، سواء كان جزءا عقليا أو خارجيا، ولا بأن يكون له أجزاء فرضيّة ووهميّة؛ لأنّ كلّ ذلك يوجب إمكانه؛ لما مرّ سالفا، وكلّ ممكن موجود، فهو شيء واجب وموجود ومعيّن لا واجب بحت وموجود بحت ومعيّن بحت.
البرهان الملكوتي ۱ [للمؤلّف على التوحيد]
أقول بعد تمهيد تلك المقدّمات: لنا بتأييد اللّه وحسن توفيقه برهان ملكوتي على توحيده تعالى قد اُخبر عنه وتفرّدت به وهو أنّه لو تعدّد الواجب بالذات، لتعدّد الواجب البحت؛ لما مرّ من أنّه واجب بحت، والقول بتعدّد الواجب البحت قول بالتناقض؛ لأنّ التعدّد مستلزم للتغاير بينهما، وإلّا ارتفع التعدّد على فرض تحقّقه، وهو محال، والتغاير بينهما مع تشاركهما في مفهوم الواجب البحت يوجب التكثّر بأيّ وجه كان في الواجب البحت الذي لا يكثر فيه بوجه من الوجوه، فهو ممكن وشيء واجب لا واجب بحت، فتعدّده يوجب أن يكون فيه كثرة وأن لا يكون فيه كثرة أصلاً، وأن يكون واجبا بحتا، وأن يكون شيئا واجبا لا واجبا بحتا، وأن يكون واجبا بالذات وأن يكون ممكنا ليس بواجب بالذات. وهذه محالات إنّما تنشأ من فرض تعدّده تعالى، فظهر أنّ في القول بتعدّد الواجب بالذات تهافتا وتدافعا ۲ ليس له معنى محصّل أصلاً؛ فتدبّر؛ فإنّه حقّ حقيق بالتدبّر.
وأقول ـ بوجه آخر أخصر وسمّيته بهذا النسق بالبرهان الهادي إلى الحقّ ـ : الواجب بالذات واجب بحت، وإلّا فلا يكون واجبا بالذات، بل يكون ممكنا؛ لما بيّنّاه آنفا، هذا