507
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

والحاصل أنّ الواجب البحت والموجود البحت والمعيّن البحت ونظائرها هو الذي لا يكون فيه كثرة أصلاً لا بأن يكون هذه المفهومات ومفهومات الصفات الكماليّة كمفهوم العالم والقادر والمريد عرضيا له خارجا عنه زائدا عليه، ولا بأن يكون شيء داخلاً فيه جزءً له، سواء كان جزءا عقليا أو خارجيا، ولا بأن يكون له أجزاء فرضيّة ووهميّة؛ لأنّ كلّ ذلك يوجب إمكانه؛ لما مرّ سالفا، وكلّ ممكن موجود، فهو شيء واجب وموجود ومعيّن لا واجب بحت وموجود بحت ومعيّن بحت.

البرهان الملكوتي ۱ [للمؤلّف على التوحيد]

أقول بعد تمهيد تلك المقدّمات: لنا بتأييد اللّه وحسن توفيقه برهان ملكوتي على توحيده تعالى قد اُخبر عنه وتفرّدت به وهو أنّه لو تعدّد الواجب بالذات، لتعدّد الواجب البحت؛ لما مرّ من أنّه واجب بحت، والقول بتعدّد الواجب البحت قول بالتناقض؛ لأنّ التعدّد مستلزم للتغاير بينهما، وإلّا ارتفع التعدّد على فرض تحقّقه، وهو محال، والتغاير بينهما مع تشاركهما في مفهوم الواجب البحت يوجب التكثّر بأيّ وجه كان في الواجب البحت الذي لا يكثر فيه بوجه من الوجوه، فهو ممكن وشيء واجب لا واجب بحت، فتعدّده يوجب أن يكون فيه كثرة وأن لا يكون فيه كثرة أصلاً، وأن يكون واجبا بحتا، وأن يكون شيئا واجبا لا واجبا بحتا، وأن يكون واجبا بالذات وأن يكون ممكنا ليس بواجب بالذات. وهذه محالات إنّما تنشأ من فرض تعدّده تعالى، فظهر أنّ في القول بتعدّد الواجب بالذات تهافتا وتدافعا ۲ ليس له معنى محصّل أصلاً؛ فتدبّر؛ فإنّه حقّ حقيق بالتدبّر.
وأقول ـ بوجه آخر أخصر وسمّيته بهذا النسق بالبرهان الهادي إلى الحقّ ـ : الواجب بالذات واجب بحت، وإلّا فلا يكون واجبا بالذات، بل يكون ممكنا؛ لما بيّنّاه آنفا، هذا

1.العنوان من هامش النسخة.

2.في النسخة: «تهافت و تدافع».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
506

نعلم بالبديهة تنزّهه تعالى عنه.
ولا ما ذكره المتأخّرون في تأويل هذه العبارة وهو ما لا يحتاج في وجوبه ووجوده وتعيّنه وعلمه ومثل ذلك إلى الغير؛ لأنّ عدم الاحتياج في الثلاثة الاُول إلى الغير لا يفيد المعنى المقصود من هذه الكلمات، وهو ما لا يكون ذاته بذاته خاليا عن هذه المفهومات حتّى لا يمكن انفكاكها عن ذاته ولو بحسب التصوّر؛ لأنّ هذا هو المعنى المقصود من الواجب بالذات، وكلّ ما ليس كذلك، فهو ممكن غير واجب، وكذا الحال في البواقي؛ لأنّ عدم الاحتياج في العلم مثلاً لا يوجب العينيّة المطلوبة التي توجب تنزّهه عن نقصٍ خلوَّ ذاته في مرتبة من المراتب عن العلم، فمعنى هذه العبارة هو أن يكون ذاته بذاته منشأ لانتزاع ۱ تلك المبادئ من غير اعتبار أمر آخر فيه أصلاً، والحكم بأنّه هو بحت تلك المشتقّات من غير تكثّر فيه أصلاً بوجه من وجوه التكثّر، وقد صحّ إطلاق المبدأ على المشتقّ البحت، كما صحّ إطلاق المشتقّ على المبدأ القائم بنفسه؛ إذ المبدأ القائم بنفسه إنّما هو المشتقّ البحت، فهو وجوب وواجب، ووجود وموجود، وتعيّن ومعيّن، وعلم وعالم ونحو ذلك في سائر الصفات الحقيقيّة.
ومعنى قولهم: «الواجب وجود قائم بنفسه» أنّه موجود بحت، لا شيء موجود حتّى يلزم أن يكون له وجود زائد قائم بغيره الذي هو ذلك الشيء، أو يكون له انتساب إلى الموجود البحت الذي هو حضرة الوجود كما في الممكنات.
فظهر أنّ معنى عينيّة الوجوب والوجود والتعيّن لذاته تعالى، ومعنى كونه وجوبا قائما بنفسه ووجودا قائما بنفسه وتعيّنا قائما بنفسه، ومعنى كونه واجبا بالذات وموجودا بالذات ومعيّنا بالذات جميعا أنّه واجب بحت، وموجود محض، ومعيّن صرف، لا شيء واجب، وشيء موجود، وشيء معيّن، بخلاف الممكن فإنّه إمّا سماء واجب وموجود ومعيّن، أو أرض واجب وموجود ومعيّن، أو مهيّة اُخرى كذلك.

1.في النسخة: «لإنزاع».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 126286
صفحه از 739
پرینت  ارسال به