511
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

كالحكم عليها بالإمكان؛ لسلب ضرورة الوجود عن الجميع لذواتها.
وأمّا ما سوى أشباه تلك الوجوه المذكورة، فلا يتصوّر فيها ذلك ضرورة، بل نقول: لو نظرنا إلى نفس مفهوم الوجود المصدري المعلوم بوجه من الوجوه بديهةً أدّانا النظر والبحث إلى أنّ حقيقته وما ينتزع منه أمر قائم بذاته هو الواجب الحقّ والوجود المطلق الذي لا يشوبه عموم ولا خصوص ولا تعدّد؛ إذ كلّ ما وجوده هذا الوجود لا يمكن أن يكون بينه وبين شيء آخر له أيضا هذا الوجود فرضا مباينةٌ أصلاً ولا تغاير، فلا يكون اثنان، بل يكون هناك ذات واحدة ووجود [واحد] ۱
.انتهى كلامه.
فتأمّل فيه.
النحو الثاني ۲ : أنّه لو كان المبدأ الأوّل الإله الحقّ الصانع للعالم اثنين، يلزم منه أن يكون العالم اثنين؛ لأنّه يجب أن يصدر عن كلّ واحد منهما عالما تامّا مشتملاً على جميع ما في هذا العالم من الحِكَم والمصالح، وإلّا فيكون كلاهما، أو أحدهما ناقصا بوجه من الوجوه بالضرورة، والنقص فيه محال كما مرّ بيانه.
ومن ذلك يلزم أن يكون العالم الجسماني اثنين، ومن [اثنينيّته يلزم] اثنينيّة الفلك الأعلى الذي يحيط كلّ واحد منه بجميع أجسام عالمه، وهما كرتان، فبالضرورة يتحقّق بينهما بُعد وفرجة واحدة لو لم تكن الكرتان متماسّتين، أو فرجتان لو كانتا متماسّتين بنقطة واحدة كما هو من شأن تماسّ الكرتين، فبالضرورة لا أقلّ من أن يكون بينهما بُعد أو فرجة، ولاستحالة الخلأ يجب أن يكون الشاغل لتلك الفرجة جسما آخر، ولوجوب استناد الجسم إلى مجرّد واجب بالذات، أو مجرّد منتهٍ إليه ـ لما مرّ مفصّلاً ـ يجب أن يكون علّته وصانعه واجبا، ويجب أن يكون ثالثَ الصانعين المفروضين؛ لأنّ ذلك الجسم خارج عن جميع مخلوقات

1.الحكمة المتعالية، ج ۲، ص ۱۳۳ ـ ۱۳۵ مع تلخيص.

2.تقدّم النحو الأوّل في ص ونقله في مرآة العقول، ج ۱، ص ۲۷۲ ـ ۲۷۳.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
510

دون اعتبار حيثيّة خارجة عن نفس الذات أيّة حيثيّة كانت، أو مع اعتبار تلك الحيثيّة، وكلا الشقّين محال.
أمّا الثاني، فلما ثبت من أنّ كلّ ما لم يكن ذاته مجرّد حيثيّة انتزاع الوجوب، ۱ فهو ممكن في ذاته.
وأمّا الأوّل، فلأنّ مصداق حمل مفهوم واحد، ومطابق صدقه بالذات ۲ مع قطع النظر عن أيّة حيثيّة كانت لا يمكن أن يكون حقائق متخالفة متباينة بالذات ۳ غير مشتركة في ذاتي أصلاً.
وظنّي أنّ كلّ سليم الفطرة يحكم بأنّ الاُمور المتخالفة من حيث كونها متخالفة بلا حيثيّة جامعة لا تكون مصداقا لحكم واحد محكيّا عنها به.
نعم، يجوز ذلك إذا كانت تلك الاُمور متماثلة من جهة كونها متماثلة كالحكم على زيد وعمرو بالإنسانيّة من جهة اشتراكهما في تمام المهيّة لا من حيث اختلافهما بالعوارض المشخّصة.
أو كانت مشتركة في ذاتي من جهة كونها كذلك كالحكم على الإنسان والفرس بالحيوانيّة من جهة اشتمالهما على تلك الحقيقة الجنسيّة، أو في عَرَضي كالحكم على الثلج والعاج بالأبيضيّة من جهة اتّصافهما بالبياض.
أو كانت تلك الاُمور المتباينة متّفقة في انتسابها إلى شيء واحد كالحكم على مقولات الممكنات بالوجود من حيث انتسابها إلى الوجود الحقّ جلّ مجده عند من يجعل وجود الممكنات أمرا عقليا انتزاعيا، أو كانت متّفقة في أمر سلبي

1.في الحكمة المتعالية: «انتزاع الوجود والوجوب والفعليّة والتمام».

2.في الحكمة المتعالية: + «وبالجملة ما منه الحكاية بذلك المعنى وبحسبه التعبير عنه به».

3.في النسخة زيادة: «مع قطع النظر عن أيّة حيثيّة كانت لا يمكن أن يكون حقائق متخالفة متباينة بالذات» ، وهي زائدة.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125411
صفحه از 739
پرینت  ارسال به