513
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

أن نذكر هاهنا وجوها اُخر من البراهين والدلائل الدالّة على وحدة الواجب بالذات، وعلى وحدة المبدأ الأوّل الإله الحقّ الخالق للعالم في الفصلين:

الفصل الأوّل: في إثبات وحدة الواجب بالذات وفيه حجج:

الحجّة الاُولى: ما حقّقه بعض الأفاضل وبيانه موقوف على مقدّمات:
المقدّمة الاُولى: لا يمكن أن ينتزع من نفس حقيقةٍ اُمورٌ مختلفة متباينة بالذات غير مشتركة في ذاتي أصلاً مع قطع النظر عن انتسابها إلى أمر واحد، أو اُمور متشابهة [بل ينتزع] أمر واحد بعينه، أي لا يكون حقائق مختلفة من حيث إنّها مختلفة، ومنشأ وموجبا لحصول معنى محصّل واحد بعينه في العقل، والمنازع في ذلك مكابرُ مقتضى عقله؛ فإنّ الفطرة السليمة حاكمة بأنّ الاُمور المختلفة المتباينة ـ من حيث إنّها مختلفة متباينة وباعتبار محض ذواتها المتباينة ـ لا تكون ۱
منشأ ومبدءً وباعثا ومستلزما لحصول معنى واحد بعينه في العقل ۲ ، ولا يصحّ أن يكون مصداقا لصدق مفهوم واحد بعينه عليها، بل المفهوم الواحد لا يمكن أن ينتزع من الاُمور المتعدّدة، ولا يحصل منها في العقل بطريق اللزوم معنى محصّل واحد، إلّا إذا كانت تلك الاُمور متماثلة، أو مشتملة على الاُمور المتماثلة، أو يكون الاختلاف بين تلك الاُمور بمحض الاختلاف في أنحاء الحصول على ما قيل في المقول بالتشكيك، أو يكون تلك الاُمور المتباينة منتسبةً إلى أمر واحد، أو اُمور متشابهة، فإذا كان المتعلّق والمنسوب إليه واحدا، أو كيفيّة النسبة متشابهة يحصل باعتبار ذلك المنسوب إليه الواحد، أو المتشابه والنسب المتشابهة ۳ صورة واحدة، وينتزع أمر

1.في النسخة: «لا يكون».

2.في هامش النسخة: ولا ينافي ذلك أن ينتزع العقل من اُمور مختلفة مفهوما واحدا من غير لزوم حصول منها في العقل، بل يكون حصوله فيه بمحض تعمّل العقل إيّاه (منه عفي عنه).

3.كذا.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
512

كلّ واحد منهما؛ لأنّ عالمه عبارة عن جميع مخلوقاته. وعلى هذا فيلزم أن يكون ذلك الجسم المالئ لتلك الفرجة عالما جسمانيا آخر مثل هذا العالم، وإلّا يلزم النقص في صانعه الذي هو واجب بالذات بوجه من الوجوه، والنقص في الواجب محال، فمن اثنينيّة الصانع يلزم الفرجة بين العالمين الجسمانيين وهي مستلزمة لوجود صانع واجب آخر موجد لعالم جسماني آخر شاغل لها، ومن وجود العالم الجسماني الثالث يلزم فرجتان اُخريان مستلزمتان لصانعين آخرين ۱ ، وهكذا فمن كون الصانع اثنين يلزم كونه ثلاثة، ومن كونه ثلاثة يلزم كونه خمسة وهكذا إلى غير النهاية.
وذلك باطل ۲ من وجهين: أمّا أوّلاً، فلاستلزامه وجود البُعد الغير المتناهي وهو محال.
وأمّا ثانيا، فللزوم التسلسل؛ لتحقّق اللزوم بين العالمين وبين العالم الثالث، وكذا بينه وبين العالمين الآخرين ۳ وهكذا، وذلك كافٍ في تحقّق التسلسل المحال؛ فتدبّر.
وعلى هذا فقوله عليه السلام : (فرجة ما بينهما) أي فرجة ما بين عالميهما الجسمانيين.
وقوله عليه السلام : (فصارت الفرجةُ ثالثا بينهما قديما معهما) أي فصارت علّة شاغل الفرجة ثالثا بين الصانعين، قديما بالذات معهما (فيلزمك) أن يكون الصانع القديم (ثلاثة).
وقوله عليه السلام : (حتّى تكونَ بينهم فرجتان ۴ ) أي حتّى يكون بين مصنوعيهم وعالميهم ۵ فرجتان شاغلتان لعالمين جسمانيين آخرين، فيكون الصانع خمسة، وهكذا يزيد عدده بإزاء الفرج الحاصلة بين الكرات. ولا يذهب عليك ما فيه من التكلّفات؛ فتأمّل فيه.

تذنيب

أقول: لمّا كان توحيده تعالى من أعظم المقاصد الإلهيّة وأجلّ المطالب الدينيّة فالحريّ

1.المثبت من المرآة ، و في النسخة: «لصانعان آخران».

2.المثبت من المرآة و في النسخة: «بطل».

3.المثبت من المرآة ، و في النسخة: «الاخرى».

4.في الكافي المطبوع: «فرجة».

5.في المرآة: «مصنوعيهما» ، ولم يرد فيه : «وعالميهم».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125449
صفحه از 739
پرینت  ارسال به