لبساطتها، والأجزاء التحليليّة ـ على ما ذهب إليه بعضهم ـ لا معنى لها في التحقيق على ما حقّق في موضعه، بل الذاتيات كالجنس والفصل في البسائط الخارجيّة ـ على ما حقّقه بعض الأعاظم ـ ليسا مأخوذين عن نفس ذوات البسائط، بل إنّما يؤخذ عنها باعتبار لوازمها بأن يكون اللازم المشترك هو الجنس، والمختّص هو الفصل، وتلك البسائط متباينة الذوات بالضرورة، فكيف يكون لها لازم واحد مشترك يكون جنسا؟ ومن المعلوم أنّ اللازم الذي يكون بمنزلة الجنس لا يحصل لها باعتبار غير ذواتها حتّى يقال: إنّه لازم لتلك الحقائق باعتبار أمر واحد مغاير، فيلزم صحّة انتزاع أمر واحد من نفس حقائق مختلفة، بل لزوم أمر واحد لحقائق متباينة.
قلنا: رفع هذا الإشكال بالكلّيّة يتوقّف على تحقيق معنى الجنس والفصل في البسائط الخارجيّة على ما حقّقه بعض الأعاظم وهو الحقّ بأن يقال: البسيط الخارجي قد يكون له لوازم مختلفة بعضها معلوم الاختصاص به جزئيا، وبعضها ممّا يتوهّم ويحسب اشتراكه بينه وبين غيره، فإذا اُخذ من اللازم المتوهّم الاشتراك معنى كان جنسا، وكان المأخوذ من المجزوم الاختصاص فصلاً، مثلاً إذا نظر إلى كلّ من السواد والبياض، وجد لكلّ منهما لازمان: الأوّل في السواد معنى اللون، والثاني قبض البصر، والأوّل في البياض معنى اللون، والثاني تفريق البصر، والأوّل في كلّ منهما غير متميّز عنه في الآخر، فيتوهّم ويحسب اشتراكه بينهما، فيكون الأوّل لتوهّم اشتراكه وعدم تميّزه جنسا، والثاني فصلاً، والمركّب منهما مهيّة منطقيّة لا حقيقيّة، فحصّة اللون المعتبر في السواد حقيقة غير متشابهة لحصّة اللون التي في البياض، وليس اختلافهما بوساطة الفصل، بل هما مختلفان بذاتهما أيضا، وهذا الاختلاف الذاتي غير ظاهر لكلّ مدرك، فيظنّ التشابه وهو اشتباه.
فظهر أنّ الجنس على هذا التقدير لا يكون مشتركا حقيقة، فلا يلزم إشكال أيضا