515
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

لبساطتها، والأجزاء التحليليّة ـ على ما ذهب إليه بعضهم ـ لا معنى لها في التحقيق على ما حقّق في موضعه، بل الذاتيات كالجنس والفصل في البسائط الخارجيّة ـ على ما حقّقه بعض الأعاظم ـ ليسا مأخوذين عن نفس ذوات البسائط، بل إنّما يؤخذ عنها باعتبار لوازمها بأن يكون اللازم المشترك هو الجنس، والمختّص هو الفصل، وتلك البسائط متباينة الذوات بالضرورة، فكيف يكون لها لازم واحد مشترك يكون جنسا؟ ومن المعلوم أنّ اللازم الذي يكون بمنزلة الجنس لا يحصل لها باعتبار غير ذواتها حتّى يقال: إنّه لازم لتلك الحقائق باعتبار أمر واحد مغاير، فيلزم صحّة انتزاع أمر واحد من نفس حقائق مختلفة، بل لزوم أمر واحد لحقائق متباينة.
قلنا: رفع هذا الإشكال بالكلّيّة يتوقّف على تحقيق معنى الجنس والفصل في البسائط الخارجيّة على ما حقّقه بعض الأعاظم وهو الحقّ بأن يقال: البسيط الخارجي قد يكون له لوازم مختلفة بعضها معلوم الاختصاص به جزئيا، وبعضها ممّا يتوهّم ويحسب اشتراكه بينه وبين غيره، فإذا اُخذ من اللازم المتوهّم الاشتراك معنى كان جنسا، وكان المأخوذ من المجزوم الاختصاص فصلاً، مثلاً إذا نظر إلى كلّ من السواد والبياض، وجد لكلّ منهما لازمان: الأوّل في السواد معنى اللون، والثاني قبض البصر، والأوّل في البياض معنى اللون، والثاني تفريق البصر، والأوّل في كلّ منهما غير متميّز عنه في الآخر، فيتوهّم ويحسب اشتراكه بينهما، فيكون الأوّل لتوهّم اشتراكه وعدم تميّزه جنسا، والثاني فصلاً، والمركّب منهما مهيّة منطقيّة لا حقيقيّة، فحصّة اللون المعتبر في السواد حقيقة غير متشابهة لحصّة اللون التي في البياض، وليس اختلافهما بوساطة الفصل، بل هما مختلفان بذاتهما أيضا، وهذا الاختلاف الذاتي غير ظاهر لكلّ مدرك، فيظنّ التشابه وهو اشتباه.
فظهر أنّ الجنس على هذا التقدير لا يكون مشتركا حقيقة، فلا يلزم إشكال أيضا


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
514

واحد. وأمّا بغير تلك الوجوه، فلا يتصوّر ذلك قطعا بديهة.
فإن قلت: ليس الشيئيّة والإمكان ونظائرهما من الاُمور العامّة تنتزع ۱ من نفس حقائق مختلفة متباينة غير مشتركة في ذاتي أصلاً.
قلت: كلّ واحد من تلك الاُمور العامّة لا ينتزع من محض ذوات الاُمور المتباينة، بل إنّما ينتزع منها باعتبار الوجود المشترك بينها؛ فإنّها من لواحق الوجود كما يظهر للفطن المتأمّل.
ويحتمل أن يكون في بعض منها بالقياس إلى أمر واحد آخر، وأمّا الوجود ومفهوم الموجود فإنّما ينتزع من الحقائق المتباينة باعتبار ارتباطها وانتسابها إلى الوجود الحقيقي الواحد.
فإن قيل: فما تقول في المقول بالتشكيك كالنور مثلاً فإنّه مفهوم واحد بعينه منتزع من أنوار مختلفة شدّة وضعفا، وتلك الأنوار مختلفة الحقائق؟
قلت: أفراد المقول بالتشكيك إمّا مشتركة في تمام الحقيقة، وإنّما الاختلاف بينها في نحو الحصول بالكمال والضعف كما هو مذهب صاحب الإشراق وهو الحقّ الحقيق بالتصديق، والإشكال على هذا التقدير [لا يرد] أصلاً، وإمّا أنواع مشتركة في ذاتي على ما صرّح به المحقّق الدواني ضرورة أنّ المهيّات المتباينة لا يقاس بعضها إلى بعض بالشدّة والضعف، والكمال والنقص، فمن قال: ويتأتّى التشكيك بتقارب الحقيقيين فقد سها؛ لأنّ المنتزع من نفس الاُمور المتقاربة لا يكون واحدا بعينه، بل يكون اُمورا متقاربة. وعلى هذا التحقيق إنّما انتزع المقول بالتشكيك من ذلك الذاتي المشترك، فلا إشكال أيضا.
فإن قيل: على التقدير الثاني لا تنحسم مادّة الإشكال أصلاً؛ فإنّ الأنوار المختلفة مثلاً حقائق بسيطة في الخارج، وليس بينها جزء مشترك في الخارج أصلاً

1.في النسخة: «ينتزع».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 144685
صفحه از 739
پرینت  ارسال به