517
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

الوجود والموجوديّة التي هي معنى محصّل واحد؛ لما مرّ في المقدّمة الاُولى، ولو انتزع عنها باعتبار أمر واحد مغاير لها، لم تكن ۱ واجبة بالذات؛ لما مرّ في المقدّمة الثالثة من أنّ الوجود والموجوديّة إنّما ينتزع في الواجب بالذات من نفس حقيقته وصرافة ذاته، وإلّا لم يكن واجبا بالذات، فلو لم يتحقّق بينها ذاتي مشترك لا يمكن انتزاع الوجود عنها أصلاً فلا، تكون ۲ موجودة قطعا. وذلك الذاتي المشترك الذي هو الموجود البحت إمّا أن يكون نفس حقيقة تلك الأفراد، أو جزءها، وعلى كلا التقديرين يلزم إمكان الواجب بالذات.
أمّا على التقدير الأوّل، فظاهر؛ إذ لا يكون للواجب حينئذٍ مهيّة كلّيّة، وكونه ذا ۳ مهيّة كلّيّة مستلزم لإمكانه، وإن كان واجبا بالذات لا بدّ من تحقّق الجزء المشترك فيه أيضا، والجزء المشترك ممكن بالضرورة، فيكون له جزء مختصّ واجب بالذات، وذلك الجزء المختصّ الواجب بالذات لا بدّ أن يتحقّق فيه الجزء المشترك، فلا بدّ له من جزء مختصّ واجب بالذات، فننقل الكلام إليه حتّى نذهب إلى غير النهاية، فيلزم أن يكون للواجب أجزاء غير متناهية يكون لكلّ واحد من تلك الأجزاء أيضا أجزاء غير متناهية، وذلك مستلزم لانتفاء الواحد، وانتفاء الواحد مستلزم لانتفاء الكثير؛ ضرورة أنّه لو لم يتحقّق الوحدة لم يتحقّق الكثرة أصلاً، هذا خلف؛ فتأمّل. انتهى كلامه.
أقول: الأصوب إبطال الشقّ الأوّل وهو أن يكون الذاتي المشترك نفس حقيقة الأفراد؛ يعني نفس حقيقتها الجزئيّة لا نفس مهيّتها الكلّيّة، وإلّا فيرجع إلى الشقّ الثاني؛ لثلاثة وجوه:
الأوّل: لأنّه يلزم إمكان الواجب لا لاشتماله على المهيّة الكلّيّة كما ذكره هذا الفاضل، بل لأنّه حينئذٍ يكون نفس المهيّة الكلّيّة، والمهيّة الكلّيّة ممكنة غير واجبة.
والثاني: لأنّه يلزم أن يكون الشيء الواحد ـ وهو ذلك الذاتي المشترك ـ كلّيا، أو جزئيا حقيقيا؛ لأنّه لمّا كان مشتركا فهو كلّي، ولمّا كان تمام حقيقته الجزئيّة، فهو جزئي حقيقي.

1.في النسخة: «يكن».

2.في النسخة: «يكون».

3.في النسخة: «ذي».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
516

كما لا يخفى.
المقدّمة الثانية: الوجود والموجود معنى واحد محصّل مشترك بين جميع الموجودات بالضرورة، ويدلّ عليه الدلائل والتنبيهات المذكورة في كتب القوم المشهورة بين الطلبة.
لا يقال: لِمَ لا يجوز أن يكون الوجود والموجود كالجنس في البسائط لا يكون مشتركا حقيقة، بل ممّا يتوهّم اشتراكه لعدم التميز؟
لأنّا نقول: الفطرة الصحيحة حاكمة بوحدة معنى الوجود والموجوديّة واشتراكه حقيقة بين جميع الموجودات، فإنّا نعلم بالضرورة والوجدان أنّ جميعَ الموجودات ـ من حيث إنّها موجودة ـ مشتركةٌ في معنى واحد هو معنى الوجود والموجوديّة، يحتاج الممكن منها في ذلك المعنى إلى علّة ومؤثّر، ويستغني الواجب فيه بعينه عن العلّة والمؤثّر مطلقا، والمنازع في ذلك مكابر، فوحدة معنى الوجود والموجوديّة بديهيّ ضروريّ يحكم به الفطرة السليمة بخلاف أجناس البسائط؛ فتأمّل ۱ .
المقدّمة الثالثة: الوجود والموجوديّة إنّما ينتزع من نفس حقيقة الواجب بالذات ومحوضة ذاته وصرافة هويّته بلا اعتبار نسبته وارتباطه إلى أمر مغاير له مطلقا؛ ضرورة أنّه الموجود البحت لا الشيء الموجود، فحقيقته من حيث هي إنّما هي نفس حقيقة انتزاع الوجود عنها، ومصداق لصدق الموجود عليها، وإلّا لم يكن واجبا بالذات بالضرورة.
وبعد تقرير تلك المقدّمات نقول: لو تعدّد أفراد الواجب بالذات لا بدّ أن يتحقّق بينها ذاتي مشترك، وإلّا لا يمكن أن ينتزع من نفس حقائقها المتباينة مفهوم

1.في هامش النسخة: «أقول: فيه تأمّل فتأمّل».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 144082
صفحه از 739
پرینت  ارسال به