519
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

المقدّمة الثانية: الشيء لا يجب في مرتبة من مراتب الوجود ـ سواء كان وجوبا ذاتيا أو غيريا ـ إذا تحقّق غيره في تلك المرتبة أيضا، إلّا بأن يكون وجوبه بحسب نشأة معيّنة، ومرّة مخصوصة مختصّة به في تلك المرتبة؛ لأنّه لو لم يكن كذلك بل يكون وجوبه مطلقا غير مختصّ بنشأة دون نشأة، ومرّة غير مرّة، لكان وجود غيره في تلك المرتبة منافيا لوجوبه فيها؛ فإنّه حيث تحقّق الغير ووجد في تلك المرتبة لم يتحقّق ولم يوجد هو فيها، فلا يكون وجوده في تلك المرتبة واجبا مطلقا، وإلّا لم يمكن عدم تحقّقه في تلك المرتبة بوجه من الوجوه أصلاً، بخلاف ما لو اختصّ وجوبه بنشأة معيّنة ومرّة مخصوصة به في تلك المرتبة؛ فإنّ عدم تحقّقه بحسب نشأة معيّنة اُخرى، ومرّة مخصوصة غيرها لا ينافي وجوبه بحسب النشأة المعيّنة، والمرّات المختصّة به، وهذا ظاهر.
وبعد تمهيد تينك المقدّمتين أقول: إذا تعدّد الواجب بالذات في مرتبة من مراتب الوجود كـ «أ» و«ب» فإن كان وجوب «أ» وجوبا مطلقا غير مختصّة بالمرّة المعيّنة والنشأة المخصوصة، لم يكن كلّ من «أ» و«ب» واجبا بالذات قطعا، لما مرّ في المقدّمة الثانية آنفا.
وإن كان وجوب «أ» في مرّة مخصوصة، وبحسب نشأة معيّنة في تلك المرتبة لا غير وكذا وجوب «ب» بحسب نشأة معيّنة اُخرى، وفي مرّة مخصوصة غيرها نقول: تعيّن تلك المرّة ـ التي اختصّ وجوب «أ» بها وبحسبها ـ وتميّزها عن المرّة المختصّة بوجوب «ب»:
إمّا بنفس حقيقة «أ» و«ب»، أو بغيرهما من الاُمور الخارجة عن حقيقتهما، فإن كان بنفس حقيقة «أ» و«ب»، يكون لكلّ من حقيقة «أ» و«ب» مدخل ۱ في وجوبهما بالضرورة، فيلزم تميّز حقيقتهما قبل وجودهما بل وجوبهما، هذا خلف؛ لما مرّ في المقدّمة الاُولى.
وإن كان تميّز مرّة «أ» عن مرّة «ب» بغير حقيقتهما، بل بأمر خارج عنهما يكون لذلك الغير مدخل في وجوب «أ» و«ب» ووجودهما بالضرورة، فلا يكون «أ» واجبا بالذات وكذا «ب»، هذا خلف؛ فتأمّل تعرف.

1.في النسخة: «مدخلاً».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
518

والثالث: لأنّه يلزم نفي تعدّد الواجب على فرض تعدّده، هذا خلف.
وإبطال الشقّ الثاني ـ وهو أن يكون الذاتي المشترك جزء حقيقة تلك الأفراد ـ لوجهين:
أحدهما: لأنّه يلزم أن يكون ذلك الجزء واجبا وممكنا معا، أمّا كونه واجبا؛ لأنّه جزء الواجب بالضرورة، وجزء الواجب لا يمكن أن يكون ممكنا، وإلّا يلزم إمكان الواجب؛ لأنّ احتياج الجزء في الوجود إلى الغير مستلزم لاحتياج الكلّ فيه إليه بالضرورة. وأمّا كونه ممكنا، فلأنّه مهيّة كلّيّة والمهيّة الكلّيّة ممكنة كما ثبت في موضعه.
وثانيهما: لأنّ الجزء ۱ المختصّ أيضا يجب أن يكون واجبا بالذات؛ لأنّ إمكان الجزء كما عرفت مستلزم لإمكان الكلّ، ومن ذلك يلزم وجود الكثير بدون الواحد، وهو محال؛ فتدبّر.
الحجّة الثانية: تقريرها موقوف على مقدّمتين:
المقدّمة الاُولى: إذا استلزم أمر لمعنى وحالٍ يجب أن يكون ذلك الأمر متعيّنا متميّزا بدون ذلك المعنى والحال، ويقطع النظر عنهما، وإلّا لم يتعيّن ولم يتخصّص ذلك الأمر بأن يكون مستلزما لهذا المعنى والحال بالضرورة، بل يجب أن يكون تميّزه مقدّما على ذلك المعنى والحال؛ فإنّه لو لم يكن لخصوصيّة ذلك الأمر مدخل في هذا الاستلزام، كان كغيره، وإن كان له مدخل فيه، يلزم تقدّم تميّزه عليهما بالضرورة.
ومن ذلك يظهر أنّ الشيء لا يستلزم وجوبه؛ لأنّه لو كان كذلك، لزم تقدّم تميّز ذلك الشيء ـ أعني وجوده ـ على وجوبه؛ لأنّ الشيء لا يستلزم شيئا إلّا بعد تميّزه وتعيّنه؛ لما مرّ من أنّه لو لم يكن لخصوصيّة ذلك الشيء مدخل بوجه في هذا الاستلزام كان كغير ذلك الشيء، فيلزم ترجّح بلا مرجّح، وإن كان له مدخل بوجه، لزم تقدّم تميّزه ووجوده على وجوبه، وهو ممتنع محال؛ إذ الوجوب لو لم يكن مقدّما على الوجود ـ كما هو المشهور ـ لا يكون مؤخّرا عنه البتّة؛ لأنّ الشيء لا يصير واجبا بعد كونه موجودا بالضرورة.

1.في النسخة: «جزء».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 143997
صفحه از 739
پرینت  ارسال به