523
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

الآخر بالاُمور الخارجة عن حقيقتهما وهويّتهما أيضا، وإلّا لكان للاُمور الخارجيّة مدخل في وجودهما بالضرورة، فلم يكونا واجبين، هذا خلف.
وإذا لم يتحقّق ما تميّز نشأة وجود أحدهما، ومرّة موجوديّته عن مرّة موجوديّة الآخر أصلاً، ولم يكن هناك ما تميّز المرّات والنشآت والمراتب مطلقا، فحيث يجب تعيّن أحدهما بالوجود، ويجب تعيّن الآخر لعدم تميّز المرّات مطلقا، ولا شكّ أنّ وجود أحدهما غير وجود الآخر، فحيث تحقّق أحدهما وفي نشأة وجوده وتحقّقه لم يتحقّق الآخر مع أنّ تعيّن الآخر بالوجود كان واجبا في هذه النشأة والمرّة والمرتبة أيضا؛ لما عرفت من عدم تعدّد المرّات هناك أصلاً؛ لعدم تميّزها مطلقا، فيلزم ترجّح بلا مرجّح، فإنّه حيث تحقّق أحدهما لِمَ لا يتحقّق الآخر مع أنّه كان واجب التحقّق والتعيّن هناك أيضا؟ بل يجب أن يكون كلّ منهما هو الآخر، وكلّ منهما كليهما؛ لأنّهم حيث وجب تعيّن أحدهما وجب تعيّن الآخر من غير امتياز بينهما في المرّة والمرتبة؛ فتدبّر تعرف فإنّه دقيق.
إجمال
في مرّة وجود أحد الواجبين إن لم يتعيّن وجوده، يلزم الترجّح بلا مرجّح؛ حيث وجد ما لم يتعيّن بالوجود، وكيف يوجد متعيّن لم يتعيّن؟ وإن تعيّن كان كلّ ما يوجد في هذه المرّة والمرتبة هذا المعنى لا غير، فكان كلّ منهما هو الآخر، وكلّ واحد المجموع.
وإن قيل: وجد كلّ في مرّة.
قلنا: لا يتصوّر ذلك إلّا بتميّز المرّات بالضرورة، فإن كان ذلك لاختلاف الحقيقة يلزم تقدّم تميّز الحقيقة على وجودها وبقطع النظر عنه، وذلك محال، وإن كان بغيرها لم يكن كلّ منهما واجبا بالذات، وهو ظاهر.
تبيين وتوضيح بعبارة فارسيّة
هيچ شكى نيست كه تا امرى ـ خواه ممكن باشد و خواه واجب ـ متعيّن نباشد در حين وجود و مرتبه وجود به موجوديت موجود نخواهد بود در آن حين و مرتبه، وإلّا ترجّح


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
522

قلت: كلامهم في هذا المقام مبنيّ على التسامح، يدلّ على ذلك ما ذكروه هناك وهو ظاهر لمن تأمّل فيه. ولعلّ مرادهم ما به التشخّص والامتياز في نظرنا وبحسبه لا ما بسببه يحصل التشخّص والامتياز في نفس الأمر، و [ما] يتميّز به نشأة وجود أحد الموجودين عن الآخر حقيقةً إنّما هو العلّة على ما صرّح به بعضهم.
فإن قلت: إنّ المفروض أنّ ما به امتياز نشأة «أ» مثلاً عن نشأة «ب» إنّما هو نفس حقيقة «أ» و«ب» وحينئذٍ لقائل أن يقول: إنّ ما به الامتياز لا يجب تقدّمه على الامتياز، وإنّما يجب لو كان سببا له، فيكون الباء فيه للسببيّة وهو ممنوع، ولِمَ لا يجوز أن يكون مرتبة ما به الامتياز بعينه مرتبة الامتياز، فلا يكون الباء فيه للسببيّة بل للمصاحبة.
أقول: نحن نعلم بالضرورة أنّه لا بدّ أن يكون نشأة يجب تعيّن «أ» مثلاً فيها وبحسبها متميّزة مع قطع النظر عن خصوصيّه حقيقة «أ» وبدون خصوصها حتّى يكون مختصّة بتعيّن «أ» فيها، فإنّه لو كان تميّزها بنفس خصوصيّة «أ» كيف يتخصّص بوجوبٍ تعيّن «أ» فيها دون «ب» وكيف يتعيّن «أ» بحسبها وهو ظاهر، فلا يمكن أن يكون نشأة يجب فيها تعيّن «أ» متميّزة بنفس حقيقة «أ» وخصوصها؛ فافهم.
وإذا عرفت هذه المقدّمات نقول: إذا تعدّد الواجب بالذات في مرتبة من المراتب، لم يكن هناك ما تميّز نشأة وجود أحدهما ووجوبه عن نشأة وجود الآخر مطلقا؛ فإنّه لا تتميّز نشأة وجود أحد الواجبين عن نشأة وجود الآخر باختلاف الحقيقة والهويّة؛ لما مرّ من أنّ مرتبة تعيّن الحقيقة بعينه مرتبة الوجود، فكيف يكون اختلاف الحقيقة موجبا لتعدّد الوجود، بل نقول: إنّ نشأة وجود أحدهما يجب أن تكون ۱ متميّزة بدون خصوصيّته ومع قطع النظر عن حقيقته ليكون وجوب تعيّن حقيقته مختصّة بهذه النشأة المعيّنة دون نشأة اُخرى، وإلّا لم يتصوّر ذلك بالضرورة على ما مرّ، ولا يمكن أن تتميّز نشأة وجود أحدهما عن نشأة وجود

1.في النسخة: «يكون».

تعداد بازدید : 144050
صفحه از 739
پرینت  ارسال به