بالتشكيك ـ على ما حقّق في موضعه ـ في جميع أفراده المختلفة بالكمال والنقص واحد، وكلّ واحد من تلك الأفراد محض هذا المفهوم ومجرّده، والتفاوت والاختلاف إنّما هو بنفس هذا المعنى وصدقه عليها لا غير، فالنور الكامل والناقص كلاهما محض النور ومجرّده، غايته أنّ أحدهما نور كامل، والآخر نور ناقص، وصدق النور عليهما مختلف بالكمال والنقص، فما يحصل للنور الكامل بذاته ولذاته إنّما حصل بمجرّد أنّه نور، وبمحض أنّه فرد للنور، وكذا ما يحصل للنور الناقص لذاته إنّما حصل بمجرّد أنّه نور، وبمحض أنّه فرد للنور، ومع ذلك نقول: لا يلزم أن يحصل ما حصل للنور الكامل بمجرّد أنّه نور ، وبمحض أنّه فرد للنور للنور الناقص؛ إذ جهة الفرديّة فيهما مختلف بالكمال والنقص؛ فإنّ صدق هذا المفهوم على الكامل أشدّ من صدقه على الناقص، فيجوز أن يكون النور الكامل بمجرّد أنّه نور وفرد منه مستلزما لأمر، ولا يكون النور الناقص مستلزما له أصلاً؛ إذ التفاوت بينهما على ما عرفت إنّما هو بنفس معنى النور، فما يستلزمه النور الكامل من حيث إنّه كامل يصدق أنّه مستلزم له من حيث إنّه نور وبمجرّد أنّه فرد للنور، ولا شكّ أنّ النور الكامل من حيث إنّه كامل يجوز أن يستلزم لأمر لا يستلزمه النور الناقص من حيث إنّه ناقص، فيجوز أن يكون النور الكامل ـ من حيث إنّه نور وبمجرّد أنّه فرد للنور ـ مستلزما لأمر لا يكون النور الناقص مستلزما له؛ إذ ليس معنى الحيثيّتين والمفهوم منهما واحد.
وممّا ذكرنا تبيّن أنّ منشأ الاستلزام والحصول وإن كان محض الفرديّة لكنّها ليست مشتركة محضة، بل هي مختلفة لوجه، فاشتراك منشأ لزوم ذلك اللازم وإن فرض أنّه محض الفرديّة ومجرّدها للمفهوم الكلّي لعلّه غير مسلّم؛ إذ جهة الفرديّة مختلفة على ما عرفت، فلا يلزم اشتراك اللازم أصلاً.
وقد صرّح ذلك العظيم ۱ بأنّ صلاحية إعداد المعنى الواحد الكلّي اللازم لتلك الحقائق