527
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

بالتشكيك ـ على ما حقّق في موضعه ـ في جميع أفراده المختلفة بالكمال والنقص واحد، وكلّ واحد من تلك الأفراد محض هذا المفهوم ومجرّده، والتفاوت والاختلاف إنّما هو بنفس هذا المعنى وصدقه عليها لا غير، فالنور الكامل والناقص كلاهما محض النور ومجرّده، غايته أنّ أحدهما نور كامل، والآخر نور ناقص، وصدق النور عليهما مختلف بالكمال والنقص، فما يحصل للنور الكامل بذاته ولذاته إنّما حصل بمجرّد أنّه نور، وبمحض أنّه فرد للنور، وكذا ما يحصل للنور الناقص لذاته إنّما حصل بمجرّد أنّه نور، وبمحض أنّه فرد للنور، ومع ذلك نقول: لا يلزم أن يحصل ما حصل للنور الكامل بمجرّد أنّه نور ، وبمحض أنّه فرد للنور للنور الناقص؛ إذ جهة الفرديّة فيهما مختلف بالكمال والنقص؛ فإنّ صدق هذا المفهوم على الكامل أشدّ من صدقه على الناقص، فيجوز أن يكون النور الكامل بمجرّد أنّه نور وفرد منه مستلزما لأمر، ولا يكون النور الناقص مستلزما له أصلاً؛ إذ التفاوت بينهما على ما عرفت إنّما هو بنفس معنى النور، فما يستلزمه النور الكامل من حيث إنّه كامل يصدق أنّه مستلزم له من حيث إنّه نور وبمجرّد أنّه فرد للنور، ولا شكّ أنّ النور الكامل من حيث إنّه كامل يجوز أن يستلزم لأمر لا يستلزمه النور الناقص من حيث إنّه ناقص، فيجوز أن يكون النور الكامل ـ من حيث إنّه نور وبمجرّد أنّه فرد للنور ـ مستلزما لأمر لا يكون النور الناقص مستلزما له؛ إذ ليس معنى الحيثيّتين والمفهوم منهما واحد.
وممّا ذكرنا تبيّن أنّ منشأ الاستلزام والحصول وإن كان محض الفرديّة لكنّها ليست مشتركة محضة، بل هي مختلفة لوجه، فاشتراك منشأ لزوم ذلك اللازم وإن فرض أنّه محض الفرديّة ومجرّدها للمفهوم الكلّي لعلّه غير مسلّم؛ إذ جهة الفرديّة مختلفة على ما عرفت، فلا يلزم اشتراك اللازم أصلاً.
وقد صرّح ذلك العظيم ۱ بأنّ صلاحية إعداد المعنى الواحد الكلّي اللازم لتلك الحقائق

1.يعني بعض الأعاظم.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
526

بمحض هذه الصلاحية أمر وحال بحسب الخارج، كان ذلك الأمر والحال، أو مثله حاصلاً لازما لكلّ صالح لهذا الإعداد، وهو إعداد حصول تلك الصورة؛ فإنّه ضروري أنّه إذا كان حال وأمر خارجي حاصلاً لازما لشيء بمجرّد أنّه صالح لإعداد صورة ذهنيّة، لزم أن يكون ذلك الحال والأمر حاصلاً لازما لكلّ صالح لإعداد تلك الصورة؛ فإنّه إذا كان منشؤ لزوم ذلك اللازم وحصوله لحقيقةٍ خارجيّةٍ صلاحيةَ تلك الحقيقة لذلك الإعداد، كان كلّ صالح لهذا الإعداد يلزم هذا اللازم، ويحصل له هذا الحاصل؛ لتحقّق ذلك المنشأ الموجب لذلك اللزوم فيه، مثلاً إذا كان «ج» شيئا موجودا في الخارج صالحا لأن يعدّ حصول صورة معيّنة منه في الذهن، وهي صورة «ه»، ثمّ كان بمجرّد أنّه صالح لهذا الإعداد مستلزما لأن يكون له أمر مثل «د» وأن يحصل له «د» كان كلّ موجود خارجي صالح لإعداد حصول «ه» مستلزما له ولحصول «د» أو مثله له، فإنّه بين أنّه إذا كان موجب حصوله «ج» أو استلزم «ج» له ليس إلّا أنّ «ج» صالح لأن يكون معدّا لحصول صورة «ه» كان كلّ صالح لإعداد صورة «ه» مستلزما له ولحصوله؛ لتحقّق موجب الاستلزام والحصول فيه؛ ضرورة أنّ تحقّق الملزوم ـ وهو تلك الصلاحية ـ مستلزم لتحقّق اللازم وهو «د»، فإذا كانت هذه الصلاحية والإعداد بحسب الخارج مستلزما للزوم «د» وحصوله، كان كلّ موجود خارجي له تلك الصلاحية مستلزما له ولحصول «د» له، فإنّه كلّما تحقّق الملزوم تحقّق اللازم في أيّ صورة ومادّة كان، مثلاً إذا كان نور بمجرّد أنّه نور مستتبعا لحرارة، كان كلّ نور كذلك، ذاتيا كان معنى النور، أو عرضيا متواطئا، أو مشكّكا. وهذه الشرطيّة بديهيّة يحكم بها بديهة العقل، غاية الأمر أنّه إذا اختلفت أفراد النور اختلفت أفراد الحرارة التابعة. انتهى ما أفاده في هذا المقام.
وأقول: جريان ما أفاده قدس سره في المقولة بالتشكيك لعلّه غير مسلّم؛ إذ مفهوم المقول

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 144643
صفحه از 739
پرینت  ارسال به