529
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

المرام بهذا النحو من الكلام ممّا لم يَحُم حولَه أحد من العظام.
وممّا حقّقناه تبيّن أنّ هذه المقدّمة ـ التي يتوقّف صحّة هذا الدليل عليها بهذا العموم ـ محلّ ناظر وتأمّل بل هو ممتنع، فلا يتمّ هذا الدليل أصلاً. وممّا يؤيّد ذلك أنّه لو صحّ هذا الدليل يلزم انحصار مطلق الموجود في الواجب بالذات، فإنّا نقول: فرد الموجود من حيث إنّه فرد الموجود، وبمجرّد أنّه فرده إن كان مستلزما لأن يكون واحدا معيّنا ـ أعني الواجب الأوّل ـ لا يكون غيره أصلاً، وإن لم يكن مستلزما له، كان هو بعلّة، فلم يكن واجبا بالذات، هذا خلف.
وما أفاد هذا العظيم قدس سره في دفع هذا النقض حيث قال:
وإنّي أرى في ردّ هذا الإيراد وجهين: الأوّل أنّ الموجود إذا خلّي وذاته، كان موجودا بلا سبب، وعند تحقّق غيره موجود بسبب.
فإن قيل: الموجود وفرد الموجود بمجرّد أنّه فرده يجب ويلزم أن يكون خاليا بذاته أو لا، فعلى الأوّل يكون كلّ موجود خاليا بذاته، فلم يتعدّد الموجود، وعلى الثاني كان لخلوّه بذاته سبب، فيكون للموجود بلا سبب ـ أعني الواجب بالذات ـ سببٌ.
قلنا: إنّ الخلوّ بذاته طرف عدمي من طرفي الوجود، فلا يحتاج إلى سبب.
الوجه الثاني أنّ الموجود بمجرّد أنّه موجود يجب أن يكون في أوّل وجوده حقيقة فرده وجودا بلا علّة، فيكون ذلك الفرد موجودا بلا سبب، ولا يمكن أن يكون حقيقة فردين، لما بيّن ذلك في موضعه.
منظورٌ فيه ۱ .
أمّا الوجه الأوّل، فلأنّه لمّا سلّم أنّ فرد الموجود عند الخلوّ وبشرطه يجب أن يكون بلا سبب، وقد سلّم أنّ الخلوّ غير واجب، فلا يكون ما هو واجب عنده وبشرطه واجبا أيضا بالضرورة، فلا يجب أن يكون فرد الموجود موجودا بلا سبب، بل يكون كونه كذلك

1.خبر لقوله: «ما أفاد».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
528

والمراتب المختلفة الخارجيّة ـ وهي جهة صدق ذلك المعنى الواحد الكلّي عليها وجهة فرديّتها له ـ غيرُ متشابهة.
ولا يخفى على اُولي النهى أنّه إذا كانت لصلاحية الإعداد مراتب مختلفة يجوز أن يستلزم اُمورا مختلفة، فلا يلزم أن يحصل ما حصل لفرد خارجي بمجرّد صلاحيته لإعداد مفهوم كلّي لكلّ ما له تلك الصلاحية إذا كانت مراتب الصلاحية غير متشابهة، وهو ظاهر.
فإن قلت: نفس هذا المعنى إن كان مقتضيا لأمر مخصوص، يلزم اشتراك هذا الأمر بين جميع أفراده.
قلت: نفس هذا المعنى من حيث هو تارة عين الكامل يستلزم أمرا مخصوصا، وتارة عين الناقص ويستلزم أمرا آخر، ولا يستلزم اشتراكَ هذين الأمرين بين الكامل والناقص.
ولو قيل: الكلام في منطق هذا المفهوم من حيث هو.
قلنا: مطلق هذا المفهوم يستلزم تارة حالاً مخصوصا، وتارة حالاً خاصّا آخر، ولا محذور في ذلك.
والحاصل أنّ مجرّد نفس هذا المفهوم المقول بالتشكيك لو استلزم تارة بشرط الكمال أمرا خاصّا، وتارة بشرط النقص أمرا آخر لا يخرجه هذان الشرطان عن الإطلاق وكونه محض نفس هذا المفهوم، ويكون المستلزم حقيقة لهذين الأمرين مجرّد هذا المفهوم ومحضه، بخلاف المتواطئ؛ فإنّه بأيّ شرط اُخذ يخرج عن الإطلاق، وينافي ذلك كونه من حيث هو، فلو استلزم بهذا الشرط شيئا لا يكون مجرّد مفهومه مستلزما له.
والسرّ في ذلك على ما عرفت أنّ الاختلاف بالكمال والنقص في المعنى المقول بالتشكيك اختلاف بنفس هذا المعنى لا بأمر خارج عنه بخلاف الاختلاف بالشروط في المتواطئ؛ فإنّه اختلاف بالخارجيّات لا محالة، فالتقييد بالكمال والنقص في نفس المهيّة لا ينافي إطلاق المفهوم المقول بالتشكيك بخلاف المتواطئ؛ فتأمّل فإنّه دقيق، وإنّما أطنبنا الكلام في هذا المقام؛ لأنّه من مزالّ أقدام أفهام أجلّة الأعلام، فاعرف ذلك فإنّ تحقيق هذا

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 144363
صفحه از 739
پرینت  ارسال به