531
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

لا بدّ أن يكون غير متناهٍ ۱ في الكمال، بمعنى أنّه لا يمكن أن يتصوّر فوق مرتبته مرتبة اُخرى أكمل من تلك المرتبة وأشدّ منها؛ فإنّه لو لم يكن كذلك بل يكون متناهيا في الكمال، فيكون فوق مرتبته في الكمال مرتبة اُخرى، أو يمكن أن يتصوّر ذلك لاحتاج بالضرورة إلى مخصّص قاهر يخصّصه على تلك المرتبة المخصوصة ويقهره على ذلك الحدّ المعيّن (ظ).
وهذه مقدّمة إشراقيّة يحكم به الذوق الصحيح، بل الفطرة السليمة لا ينكرها إلّا من لم يكن له ذوق صحيح إشراقي، فالمناقشة فيها غير مسموعة، قال في الإشراق:
فنور الأنوار شدّته وكمال نوريّته لا يتناهى، فلا يتسلّط عليه بالإحاطة شيء، واحتجابه عنّا إنّما هو لكمال نوره وضعف قوانا لإطفائه ۲ ، فلا يتحصّص شدّته عند حدّ يمكن أن يتوهّم وراءه نور، فيكون له حدّ وتحصّص يستدعي لمحصّصٍ وقاهر له يقهره على ذلك الحدّ، فلا يتجاوز منه وهو محال، بل هو القاهر بنوره لجميع الأشياء ۳ .
وقال الشهرزوري في الشجرة الإلهيّة:
ولا يجوز أن يتحصّص ۴ شدّة نوريّته عند حدّ بحيث يمكن أن يتوهّم وراءه نور، فإنّه لو كان كذلك، لزم أن يكون له حدّ وتحصّص ۵ فيستدعي محصّصا ۶ يكون أشدّ نوريّة وقاهرا له،ه ۷ بل هو القاهر لشدّة ۸ نوريّته لجميع الأنوار ۹ . انتهى.

1.في النسخة: «غير متناهية».

2.في المصدر: «لا لخفائه».

3.حكمة الإشراق (مجموعة مصنّفات شيخ اشراق)، ج ۲، ص ۱۶۸، وفيه: «مستدعٍ لمخصّصٍ وقاهر له، بل هو القاهر بنوره لجميع الأشياء».

4.في المصدر: «يتخصّص».

5.في المصدر: «تخصّص».

6.في المصدر: «مخصّصا».

7.في المصدر: + «وذلك محال».

8.في المصدر: «بشدّة».

9.الشجرة الإلهيّة، ج ۳، ص ۴۴۶، الفنّ الثاني، الفصل العاشر في تحقيق المثل الأفلاطونيّة.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
530

ممكنا، فيحتاج فرد الموجود في كونه كذلك ـ أعني كونه بلا سبب ـ إلى علّة وسبب؛ إذ كونه بلا سبب ليس بأمر عدمي لا يحتاج إلى سبب وعلّة، فيكون الواجب في كونه واجبا محتاجا إلى علّة وسبب، هذا خلف.
وأمّا الوجه الثاني فلأنّا نقول: إنّ الموجود بمجرّد أنّه موجود هل يجب أن يكون في أوّل مرتبة الوجود أو لا؟ فعلى الأوّل يلزم أن يكون كلّ موجود موجودا في تلك المرتبة، وعلى الثاني كان لكونه في أوّل المرتبة سبب، ولا يمكن أن يقال: إنّه عدمي كما قال في الخلوّ، فيكون الموجود بلا سبب موجودا لسبب، هذا خلف.
ولو قيل: إنّ الموجود يجب أن يكون في أوّل المراتب عند الخلوّ يرجع إلى الوجه الأوّل، ويرد عليه ما يرد عليه؛ فتأمّل.
فالأصوب أن لا نسلّم تلك المقدّمة بهذا العموم كما هو الحقّ لما مرّ، ولئلّا يرد هذا النقض قطعا، ولا يحتاج في الجواب عنه إلى هذه التعسّفات أصلاً.
فانهدم بما حقّقناه بنيان هذا الدليل بهذا التحرير رأسا، ولكن لا يبعد أن يقال: مفهوم الواجب بالذات إمّا أن يكون متواطئا أو مشكّكا، فإن كان متواطئا، لا يمكن أن يكون متعدّدا أصلاً؛ لأنّ فرد مفهوم المتواطئ من حيث إنّه فرده ومفهومه من حيث هو هو إن وجب ولزم أن يكون واحدا معيّنا كـ «أ» مثلاً لم يتعدّد أصلاً، وإن لم يجب أن يكون واحدا معيّنا يكون ذلك الواحد ـ أعني «أ» ـ بعلّة وسبب، فلا يكون واجبا بالذات، هذا خلف.
وما ذكرنا في المقول بالتشكيك لا يجري في المتواطئ على ما لا يخفى ۱ .
وإن كان مشكّكا، لاختلف أفراد الواجب بالذات بالكمال والنقص، فيكون أحد الفردين كاملاً، والآخر ناقصا، فنقول: الفرد الناقص لا يكون واجبا بالذات أصلاً؛ إذ الواجب بالذات

1.في هامش النسخة: لا يذهب عليك أنّ هذا التقرير لا يختصّ بالواجب بالذات، بل يجري في الموجود بالذات أيضا؛ لأنّه لا يجوز أن يكون مشكّكا؛ فتدبّر (منه عفي عنه).

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 144162
صفحه از 739
پرینت  ارسال به