لا بدّ أن يكون غير متناهٍ ۱ في الكمال، بمعنى أنّه لا يمكن أن يتصوّر فوق مرتبته مرتبة اُخرى أكمل من تلك المرتبة وأشدّ منها؛ فإنّه لو لم يكن كذلك بل يكون متناهيا في الكمال، فيكون فوق مرتبته في الكمال مرتبة اُخرى، أو يمكن أن يتصوّر ذلك لاحتاج بالضرورة إلى مخصّص قاهر يخصّصه على تلك المرتبة المخصوصة ويقهره على ذلك الحدّ المعيّن (ظ).
وهذه مقدّمة إشراقيّة يحكم به الذوق الصحيح، بل الفطرة السليمة لا ينكرها إلّا من لم يكن له ذوق صحيح إشراقي، فالمناقشة فيها غير مسموعة، قال في الإشراق:
فنور الأنوار شدّته وكمال نوريّته لا يتناهى، فلا يتسلّط عليه بالإحاطة شيء، واحتجابه عنّا إنّما هو لكمال نوره وضعف قوانا لإطفائه ۲ ، فلا يتحصّص شدّته عند حدّ يمكن أن يتوهّم وراءه نور، فيكون له حدّ وتحصّص يستدعي لمحصّصٍ وقاهر له يقهره على ذلك الحدّ، فلا يتجاوز منه وهو محال، بل هو القاهر بنوره لجميع الأشياء ۳ .
وقال الشهرزوري في الشجرة الإلهيّة:
ولا يجوز أن يتحصّص ۴ شدّة نوريّته عند حدّ بحيث يمكن أن يتوهّم وراءه نور، فإنّه لو كان كذلك، لزم أن يكون له حدّ وتحصّص ۵ فيستدعي محصّصا ۶ يكون أشدّ نوريّة وقاهرا له،ه ۷ بل هو القاهر لشدّة ۸ نوريّته لجميع الأنوار ۹ . انتهى.
1.في النسخة: «غير متناهية».
2.في المصدر: «لا لخفائه».
3.حكمة الإشراق (مجموعة مصنّفات شيخ اشراق)، ج ۲، ص ۱۶۸، وفيه: «مستدعٍ لمخصّصٍ وقاهر له، بل هو القاهر بنوره لجميع الأشياء».
4.في المصدر: «يتخصّص».
5.في المصدر: «تخصّص».
6.في المصدر: «مخصّصا».
7.في المصدر: + «وذلك محال».
8.في المصدر: «بشدّة».
9.الشجرة الإلهيّة، ج ۳، ص ۴۴۶، الفنّ الثاني، الفصل العاشر في تحقيق المثل الأفلاطونيّة.