وإذا ثبت هذا نقول: لو تعدّد أفراد الواجب بالذات، لا بدّ أن يتحقّق بينها ذاتي مشترك هو مبدأ انتزاع الوجود؛ أعني الوجود الحقيقي؛ لما مرّ، وتلك الذاتي إمّا نفس حقيقة تلك الأفراد أو جزؤها. وعلى التقديرين يلزم إمكان تلك الأفراد.
أمّا على التقدير الأوّل، فلأنّه يلزم أن يكون للواجب مهيّة كلّيّة، وكونه ذا ۱ مهيّة كلّيّة مستلزم لإمكانه كما سبق.
وأمّا على التقدير الثاني، فلأنّ الجزء المشترك بينها ممكن بالضرورة؛ لما مرّ، والجزء المختصّ بكلّ منها إن لم يكن واجبا بالذات أيضا، يلزم أن يكون حقيقة الواجب بالذات محض الممكنات، وهو مستلزم لإمكان الواجب بالبديهة، وإن كان واجبا بالذات لا بدّ من تحقّق الجزء المشترك فيه أيضا، فلا بدّ له من جزء مختصّ، وننقل الكلام إليه حتّى يذهب إلى غير النهاية، فيلزم تحقّق الكثير ۲ بدون الواحد، هذا خلف.
فالواجب بالذات واحد، وهو المطلوب؛ فتدبّر.
فإن قيل: الوجود الحقيقي عين ذات الواجب، وهي جزئي حقيقي، فكيف يكون مشتركا بين جميع الموجودات من الواجب والممكنات؟
قلنا: تحقّقه في الممكنات واشتراكه بينها عبارة عن ارتباط خاصّ بينه وبين جميع الممكنات الموجودة، ونسبة مخصوصة مجهول الكيفيّة، وهذا القدر من الارتباط كافٍ في الاشتراك ۳ الذي ادّعيناه، وما قلنا: إنّه مشترك بين الموجودات اشتراك الكلّي بين الجزئيات؛ فافهم.
وأنت خبير بأنّ هذا البرهان والبرهان الأوّل كما يدلّ على توحيد ذات الواجب يدلّ على وحدة الوجود كما هو مذهب الإشراقيين والمحقّقين من المتأخّرين؛ فتأمّل.
الحجّة السادسة: ما حقّقه الدواني رحمه الله وهو: