537
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

وإذا ثبت هذا نقول: لو تعدّد أفراد الواجب بالذات، لا بدّ أن يتحقّق بينها ذاتي مشترك هو مبدأ انتزاع الوجود؛ أعني الوجود الحقيقي؛ لما مرّ، وتلك الذاتي إمّا نفس حقيقة تلك الأفراد أو جزؤها. وعلى التقديرين يلزم إمكان تلك الأفراد.
أمّا على التقدير الأوّل، فلأنّه يلزم أن يكون للواجب مهيّة كلّيّة، وكونه ذا ۱ مهيّة كلّيّة مستلزم لإمكانه كما سبق.
وأمّا على التقدير الثاني، فلأنّ الجزء المشترك بينها ممكن بالضرورة؛ لما مرّ، والجزء المختصّ بكلّ منها إن لم يكن واجبا بالذات أيضا، يلزم أن يكون حقيقة الواجب بالذات محض الممكنات، وهو مستلزم لإمكان الواجب بالبديهة، وإن كان واجبا بالذات لا بدّ من تحقّق الجزء المشترك فيه أيضا، فلا بدّ له من جزء مختصّ، وننقل الكلام إليه حتّى يذهب إلى غير النهاية، فيلزم تحقّق الكثير ۲ بدون الواحد، هذا خلف.
فالواجب بالذات واحد، وهو المطلوب؛ فتدبّر.
فإن قيل: الوجود الحقيقي عين ذات الواجب، وهي جزئي حقيقي، فكيف يكون مشتركا بين جميع الموجودات من الواجب والممكنات؟
قلنا: تحقّقه في الممكنات واشتراكه بينها عبارة عن ارتباط خاصّ بينه وبين جميع الممكنات الموجودة، ونسبة مخصوصة مجهول الكيفيّة، وهذا القدر من الارتباط كافٍ في الاشتراك ۳ الذي ادّعيناه، وما قلنا: إنّه مشترك بين الموجودات اشتراك الكلّي بين الجزئيات؛ فافهم.
وأنت خبير بأنّ هذا البرهان والبرهان الأوّل كما يدلّ على توحيد ذات الواجب يدلّ على وحدة الوجود كما هو مذهب الإشراقيين والمحقّقين من المتأخّرين؛ فتأمّل.
الحجّة السادسة: ما حقّقه الدواني رحمه الله وهو:

1.في النسخة: «ذي».

2.في النسخة: «الكبير».

3.في النسخة: «اشتراك».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
536

ومصداقاتها، بل تكون في الحقيقة أحكاما وأحوالاً لها لا لتلك الاُمور الانتزاعيّة نفسها؛ فإنّها كما عرفت مضمحلّة في البين قصدت بها حكايات مصداقاتها ومبادئ انتزاعها، يشهد بذلك الفطرة السليمة، والفطنة القويمة المستقيمة.
مقدّمة ثانية: أنّا نعلم بالضرورة والوجدان أنّ جميع الموجودات من حيث إنّها موجودة مشتركة في معنى واحد يحتاج الممكن منها في ذلك المعنى إلى علّة ومؤثّر وفاعل، ويستغني الواجب فيه بعينه عن العلّة والمؤثّر مطلقا، والمنازع في ذلك مكابر مقتضى عقله، وذلك المعنى الواحد المتّصف بالحقيقة بالاشتراك بين جميع الموجودات من حيث إنّها موجود، وبالاحتياج إلى العلّة في الممكن، وبالاستغناء عنها في الواجب إمّا الوجود بالمعنى المصدري، أو مفهوم الموجود بالمعنى المعلوم الاعتباريين كما هو الظاهر بحسب ظاهر النظر، وإمّا أمر عيني يكون مبدءً لانتزاعهما ومصداقا لصدقهما.
لا سبيل إلى الأوّل؛ لأنّ الوحدة والاشتراك والاحتياج والاستغناء حالات وصفات نفس أمريّة ثابتة في نفس الأمر لهذا المعنى، وقد مرّ في المقدّمة الاُولى أنّ الاُمور الانتزاعيّة الاعتباريّة لا تتّصف ۱ بالحالات والصفات النفس الأمريّة أصلاً باعتبار نفس ذواتها، وأنّ الأحكام والأحوال النفس الأمريّة الجارية عليها تكون ۲ في الحقيقة أحكاما وأحوالاً لمصداقاتها ومبادئ انتزاعها، فهو أمر عيني يكون مبدءً لانتزاع الوجود، ومصداقا لصدق الموجود، ومشتركا بين جميع الموجودات بوجه ما؛ ضرورة أنّ الاشتراك بينها أيضا من الصفات الثابتة لهذا المعنى على ما مرّ، وذلك الأمر العيني ـ المشترك بين جميع الموجودات من الواجب والممكنات الذي هو مبدأ انتزاع الوجود ـ لا يمكن أن يكون مغايرا لحقيقة الواجب، خارجا عنها، عرضيا لها، وإلّا لم يكن ذات الواجب في نفسها مصداقا للموجوديّة، فلم يكن واجبا بالذات، بل يجب أن يكون ذاتيا لها تحقيقا لمعنى الوجوب.

1.في النسخة: «لا يتّصف».

2.في النسخة: «يكون».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 126268
صفحه از 739
پرینت  ارسال به