539
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

مقدّمة: إنّ الحقائق لا تقتنص ۱ من قبل الإطلاقات العرفيّة فقد يطلق في العرف على معنى من المعاني لفظ يوهم ما لا يساعده البرهان بل يحكم بخلافه ونظير ذلك كثير:
منه: أنّ لفظ العلم إنّما يطلق في اللغة على ما يعبّر عنه بالفارسيّة بـ «دانستن ودانش» ومرادفاتها ۲ ممّا يوهم أنّه من قبيل النسب. ثمّ البحث المحقّق والنظر الحِكمي يقضي بأنّ حقيقته هو الصورة المجرّدة، وربّما يكون جوهرا كما في العلم بالجوهر، بل ربّما لا يكون قائما بالعالم، بل قائما بذاته كما في علم النفس وسائر المجرّدات بذواتها، بل ربّما يكون عين الواجب [كعلم الواجب] ۳ تعالى بذاته.
ومنه: أنّ الفصول الجوهريّة يعبّر عنها بألفاظ يوهم أنّها إضافات عارضة لتلك الجواهر، كما يعبّر عن فصل الإنسان بالناطق والمدرك للكلّيات، وعن فصل الحيوان بالحسّاس والمتحرّك بالإرادة، والتحقيق أنّها ليست من النسب والإضافات في شيء، بل هي جواهر؛ فإنّ جزء الجوهر لا يكون إلّا جوهرا كما تقرّر عندهم.
وبعد ذلك نمهّد مقدّمة اُخرى وهي: أنّ صدق المشتقّ على شيء لا يقتضي قيام مبدأ الاشتقاق به وإن كان عرف اللغة يوهم ذلك حتّى فسّر أهل العربيّة بما يدلّ على أمر قائم ۴ به المشتقّ منه، وهو بمعزل عن التحقيق؛ فإنّ صدق الحدّاد إنّما هو بسبب كون الحديد موضوع صناعته على ما صرّح به الشيخ وغيره، وصدق المشمّس على الماء مستند إلى نسبة الماء إلى الشمس بتسخينه ۵ بسبب مقابلتها.

1.في النسخة: «يقتنص».

2.في المصدر: «مرادفاتهما».

3.من المصدر.

4.في المصدر: «قام».

5.في المصدر: «بتسخّنه».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
538

أنّه لو تعدّد الواجب فإمّا أن يتّحد المهيّة في ذلك المتعدّد، أو يختلف.
وعلى الأوّل لا يكون قولها على كثيرين لذاته، وإلّا لما كانت ماهيّتها ۱ بواحدة، فيلزم تحقّق الكثير بدون الواحد، وهو باطل قطعا؛ إذ لا معنى للكثير إلّا ما يتركّب من الوحدات.
قال الشيخ أبو نصر الفارابي: والمعنى الوحداني لا يتكثّر بذاته، وإلّا لم يوجد واحد منه؛ لأنّ كلّ واحد منه يكون على طباع ذلك المعنى، وإذا لم يكن واحدا، لم يكن كثيرا أيضا؛ لأنّ الكثرة تتركّب ۲ من الآحاد، فإذا فرضنا أنّ المعنى الواحد يتكثّر بذاته، أبطلنا الكثرة ۳ .
وعلى الثاني يكون وجوب الوجود عارضا لها، وكلّ عارض معلول إمّا لمعروضه فقط، أو بمداخلة غيره، والقسمان باطلان. أمّا الأوّل فلاستلزامه كون الشيء علّة الوجود نفسه. وأمّا الثاني فأفحش.
قال الشيخ في التعليقات: وجوب الوجود لا ينقسم بالحمل على كثيرين مختلفين بالعدد، وإلّا لكان معلولاً، ۴ وهذا مجمل ما ذكرناه مفصّلاً، وهو برهان متين مختصر لا يتأتّى عليه ما ذكره ابن كمونة في بعض تصانيفه [من] ۵ أنّ البراهين التي ذكروها إنّما تدلّ ۶ على امتناع تعدّد الواجب مع اتّحاد المهيّة. وأمّا إذا اختلف، فلا بدّ له من برهان آخر، ولم أظفر به إلى الآن.
ثمّ حقّق في هذا المقام تحقيقا حقّا حقيقا بأن ننقله هاهنا قال:

1.في المصدر: «ماهيتهما».

2.في النسخة: «يتركّب».

3.من قوله: «وهو باطل قطعا» إلى هنا لم يرد في المصدر.

4.هذه العبارة وردت في فصوص الحكم للفارابي، ص ۵۲ ، فصّ ۷.

5.من المصدر.

6.في النسخة: «الذي... يدلّ»، والمثبت من المصدر.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 126368
صفحه از 739
پرینت  ارسال به