فإن قلت: كيف يتصوّر أن يكون هذا المعنى أعمّ ۱ من نفس الوجود القائم بذاته وما ۲ هو منتسب إليه؟
قلت: يمكن أن يكون هذا المعنى أحد الأمرين من الوجود القائم بذاته وما هو منتسب إليه انتسابا مخصوصا، ومعيار ذلك أن يكون مبدءً للآثار، ومظهرا للأحكام.
ويمكن أن يقال: إنّ هذا المعنى ما قام به الوجود أعمَّ من أن يكون وجودا قائما بنفسه، فيكون قيام الوجود به قيام الشيء بنفسه، ومن أن يكون من قبيل قيام الاُمور المنتزعة العقليّة بعروضاتها ۳ كقيام الاُمور ۴ الاعتباريّة مثل الكلّيّة والجزئيّة ونظائرهما. ولا يلزم من كون إطلاق القيام على هذا المعنى مجازا أن يكون إطلاق الموجود عليه مجازا كما لا يخفى.
على أنّ الكلام هاهنا ليس في المعنى اللغوي وأنّ إطلاق الموجود عليه حقيقة لغة أو مجاز؛ فإنّ ذلك ليس من المباحث العقليّة في شيء.
فيتلخّص من هذا أنّ الوجود الذي هو مبدأ اشتقاق الموجود أمر واحد في نفسه وهو حقيقة خارجيّة، والموجود أعمّ من هذا الوجود القائم بنفسه وممّا هو منتسب إليه انتسابا خاصّا. وإذا حمل كلام الحكماء على ذلك لم يتوجّه عليه أنّ المعقول من الوجود أمر اعتباري وهو وصف للموجودات ۵ وهو الذي جعلوه أوّل الأوائل البديهيّة فإطلاق الوجود على تلك الحقيقة القائمة بذاتها إنّما يكون بالمجاز، أو بوضع آخر، ولا يجدي ذلك في استغناء الواجب عن عروض الوجود، والمفهوم المذكور أمر اعتباري، فلا يكون حقيقةَ الواجب تعالى عن
1.في المصدر: «هو الأعمّ».
2.في المصدر: «ممّا».
3.في المصدر: «بمعروضاتها».
4.في المصدر: «سائر الاُمور».
5.في المصدر: «الموجودات».