541
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

فإن قلت: كيف يتصوّر أن يكون هذا المعنى أعمّ ۱ من نفس الوجود القائم بذاته وما ۲ هو منتسب إليه؟
قلت: يمكن أن يكون هذا المعنى أحد الأمرين من الوجود القائم بذاته وما هو منتسب إليه انتسابا مخصوصا، ومعيار ذلك أن يكون مبدءً للآثار، ومظهرا للأحكام.
ويمكن أن يقال: إنّ هذا المعنى ما قام به الوجود أعمَّ من أن يكون وجودا قائما بنفسه، فيكون قيام الوجود به قيام الشيء بنفسه، ومن أن يكون من قبيل قيام الاُمور المنتزعة العقليّة بعروضاتها ۳ كقيام الاُمور ۴ الاعتباريّة مثل الكلّيّة والجزئيّة ونظائرهما. ولا يلزم من كون إطلاق القيام على هذا المعنى مجازا أن يكون إطلاق الموجود عليه مجازا كما لا يخفى.
على أنّ الكلام هاهنا ليس في المعنى اللغوي وأنّ إطلاق الموجود عليه حقيقة لغة أو مجاز؛ فإنّ ذلك ليس من المباحث العقليّة في شيء.
فيتلخّص من هذا أنّ الوجود الذي هو مبدأ اشتقاق الموجود أمر واحد في نفسه وهو حقيقة خارجيّة، والموجود أعمّ من هذا الوجود القائم بنفسه وممّا هو منتسب إليه انتسابا خاصّا. وإذا حمل كلام الحكماء على ذلك لم يتوجّه عليه أنّ المعقول من الوجود أمر اعتباري وهو وصف للموجودات ۵ وهو الذي جعلوه أوّل الأوائل البديهيّة فإطلاق الوجود على تلك الحقيقة القائمة بذاتها إنّما يكون بالمجاز، أو بوضع آخر، ولا يجدي ذلك في استغناء الواجب عن عروض الوجود، والمفهوم المذكور أمر اعتباري، فلا يكون حقيقةَ الواجب تعالى عن

1.في المصدر: «هو الأعمّ».

2.في المصدر: «ممّا».

3.في المصدر: «بمعروضاتها».

4.في المصدر: «سائر الاُمور».

5.في المصدر: «الموجودات».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
540

وبعد تمهيد هاتين المقدّمتين نقول: يجوز أن يكون الوجود ـ الذي هو مبدأ اشتقاق الموجود ـ أمرا قائما بذاته هو حقيقة الواجب تعالى. ووجود غيره تعالى عبارة عن انتساب ذلك الغير إليه، فيكون الموجود أعمّ من تلك الحقيقة ومن غيرها المنتسب إليه. وذلك المفهوم العامّ أمر اعتباري عدّ من المعقولات الثانية، وجعل أوّل البديهيات.
فإن قلت: كيف يتصوّر كون تلك الحقيقة موجودة في الخارج مع أنّها كما ذكرتم عين الوجود؟ وكيف يعقل كون الموجود أعمّ من تلك الحقيقة وغيرها؟
قلت: ليس معنى الموجود ما يتبادر إلى الوهم، ويوهمه العرف من أن يكون أمرا مغايرا للوجود، بل معناه ما يعبّر عنه بالفارسيّة ۱ بـ «هست» ومرادفاته، فإذا فرض الوجود مجرّدا عن غيره قائما بذاته، كان وجودا لنفسه، فيكون موجودا بذاته، كما أنّ الصورة المجرّدة إذا قامت بنفسها، كانت علما بنفسها، فكانت علما ۲ وعالما ومعلوما كالنفوس والعقول، بل الواجب تعالى.
وممّا يوضح ذلك أنّه لو فرض تجرّد الحرارة عن النار، كان حارّا وحرارة؛ إذ الحارّ ما يؤثّر تلك الآثار المخصوصة من الإحراق وغيره، والحرارة على تقدير تجرّدها كذلك، وقد صرّح بهمنيار في كتاب البهجة والسعادة بأنّه لو تجرّدت الصورة المحسوسة عن الحسّ، وكانت قائمة بنفسها، كان ۳ حاسّة ومحسوسة؛ ولذلك ذكروا أنّه لا يعلم كون الوجود زائدا على الموجود إلّا ببيان، مثل أن يعلم أنّ بعض الأشياء قد يكون موجودا وقد يكون معدوما، فيعلم أنّه ليس عين الوجود، أو ۴ يعلم أنّ ما هو عين الوجود يكون واجبا بالذات، ومن الموجودات ما لا يكون واجبا ۵ .

1.في المصدر: + «وغيرها».

2.في المصدر: - «بنفسها فكانت علما».

3.في المصدر: «كانت».

4.في المصدر: «و».

5.في المصدر: + «ويزيد الوجود عليه».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 126351
صفحه از 739
پرینت  ارسال به