543
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

واجب لذاته؛ إذ حينئذٍ يكون وجوب الوجود عارضا مشتركا بينهما، فيلزم المفاسد المذكورة.
بل نقول: نظرنا في نفس الوجود المعلوم بوجه ما بديهة، فأدّانا البحث والنظر إلى أنّه ۱ أمر قائم بذاته هو الواجب.
ومحصّله أنّا نظرنا في ۲ الوجود المشترك بين الموجودات، فعلمنا أنّ اشتراكه ليس اشتراكا عروضيا، بل اشتراكا من حيث النسبة، فظهر أنّ الوجود ـ الذي ينسب إليه جميع الماهيّات ـ أمر قائم بذاته غير عارض لغيره واجب لذاته، كما أنّا لو نظرنا إلى مفهوم الحدّاد والمشمّس و ۳ توهّمنا في بادئ النظر أنّ الحديد والشمس مشتركان بين أفراد الحدّادين والمشمّسات بحسب العروض بناءً على ما يوهمه ظاهر عرف اللغة، ثمّ تفطّنّا أنّ الحديد والشمس ليسا بمشتركين بحسب العروض، بل اشتراكهما بحسب نسبة كلّ من تلك الأفراد إليهما، ظهر أنّ توهّم العروض كان باطلاً، وأنّ ما حسبناه عارضا مشتركا، فهو في الواقع غير عارض، بل أمر قائم بذاته، ولتلك الأفراد نسبة خاصّة إليه، وليس هناك شمسان ولا حديدان.
وأنت خبير بأنّ كون الوجود عارضا للمهيّات ـ على ما هو المشهور الذي ينساق إليه النظر الأوّلي ـ لا يصفو عن الكدورات المشوّشة للأذهان السليمة لا سيّما على [ما] ۴ تقرّر عند المتأخّرين من أنّ ثبوت الشيء للشيء وعروضه له فرع لثبوت المثبت له في نفسه؛ إذ الكلام في الوجود المطلق، وليس للمهيّة قبل الوجود المطلق وجود حتّى يكون الاتّصاف به فرعا على ذلك الوجود.
وما قاله بعضهم ـ من أنّ الاتّصاف بالوجود إنّما هو في الذهن ـ لا يجديهم نفعا؛ لأنّه إذا نقل الكلام إلى الاتّصاف بالوجود الذهني لم يبق لهم مهرب.

1.أي الوجود المعلوم.

2.في المصدر: + «مفهوم».

3.في المصدر: - «و».

4.من المصدر.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
542

ذلك [علوّا كبيرا] ۱ .
وإذا حمل كلامهم على ما ذكرنا يتحصّل منه أمر معقول، ويندفع الهرج والمرج الذي يعرض للناظرين [في كلامهم بحيث] ۲ يتشوّش الذهن ويتبلّد الطبع.
فإن قلت: ما ذكرته من أنّه يمكن حمل كلامهم على ذلك لا يكفي، بل لا بدّ من الدليل على أنّ الأمر كذلك في الواقع.
قلت: لمّا دلّ البرهان على أنّ وجود الواجب عينه، ومن البيّن أنّ المفهوم البديهيّ المشترك لا يصلح لذلك، فلا يكون الأمر إلّا كذلك.
فإن قلت: لِمَ لا يجوز أن يكون هويّتان يكون كلّ منهما واجبا لذاته ويكون مفهوم واجب الوجود مقولاً عليهما قولاً عرضيا.
قلت: لو كان كذلك ۳ ، لكان عروض هذا المفهوم إمّا معلّلاً بذاته، فيلزم تقدّمه بالوجود على نفسه، أو بغيره فيكون أفحش، وقد تحقّق وتقرّر أنّ ما يعرضه الوجود، أو الوجوب فهو ممكن، فإذا [كان] ۴ واجب الوجود هو نفس الوجود المتأكّد الواجب ۵ بذاته.
وإذا قلنا: واجب الوجود موجود، فالمراد به ما ذكرناه ۶ لا أنّه أمر يعرضه الوجود، ولهذا صرّح المعلّم الثاني والشيخ بأنّ ۷ ما يوهمه عرف اللغة ـ من إطلاق الموجود عليه تعالى ـ مجاز.
إذا تمهّد ذلك ظهر أنّه لا يجوز أن يكون هويّتان كلّ منهما وجود قائم بذاته

1.من المصدر.

2.في المصدر: «يكفي في دفع هذا الوهم تذكّر المقدّمات السابقة وتفطّن المقدّمات اللاحقة؛ إذ قد علمت أنّه لو كان كذلك».

3.في المصدر: «القائم».

4.في بعض نسخ المصدر: + «من أنّ وجوده عينه».

5.في المصدر: «على أنّ».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125453
صفحه از 739
پرینت  ارسال به