وإمّا كلّ واحد منهما وهو باطل؛ لافتقار المجموع إلى الواحد الآخر، وليس الترديد في العلّة التامّة حتّى نختار ۱ أنّه عينه ـ بناء على المشهور من أنّ العلّة التامّة لا يجب تقدّمها على المعلول ـ فلا مانع أن يكون عينه، كما أنّ مجموع الواجب والمعلول الأوّل مثلاً علّته التامّة عين ذلك المجموع.
لا يقال: ليس هاهنا مجموع، بل الموجود هو هذا الواحد وذلك ۲ الواحد، من غير أن يتحقّق شيء آخر هو المجموع.
لأنّا نقول: وجود المجموع ـ أعني معروض المجموعيّة بدون العارض ـ بديهيّ؛ فإنّ انتفاء المتعدّد إنّما يكون بانتفاء واحد من آحاده، والآحاد بالأسر هاهنا موجودة؛ ولذلك تقرّر في موضعه أنّه يمكن أن يصدر عن الواجب شيء، وعن المعلول الأوّل شيء آخر، وعن مجموعهما شيء ثالث حتّى يكون في المرتبة الثانية شيئان في درجة واحدة وهكذا كما قرّروه في صدور الكثرة عن الواجب ۳ الحقيقي بدون الاستعانة بالاعتبارات التي يشتمل عليها المعلول الأوّل على ما هو المشهور، فلو لم يكن سوى كلّ واحد شيء، لم يجز أن يصدر عن مجموع الواحد ومعلوله شيء ثالث.
وهذا الدليل على التوحيد نسبه بعض إلى المغالطة، وظنّي أنّ هذه النسبة غلط؛ فإنّ هذا الدليل مبنيّ على عدّة مقدّمات:
الاُولى: أنّ المجموع بالمعنى المذكور موجود كما مرّ.
الثانية: أنّه ممكن وذلك ظاهر؛ لافتقاره إلى كلّ واحد من الآحاد.
الثالثة: أنّ كلّ ممكن محتاج إلى علّة مستقلّة وهي أيضا بيّنة لا تقبل ۴ المنع.
الرابعة: أنّه لا شيء من المجموع وكلّ واحد بمؤثّر مستقلّ فيه، فلا يكون له علّة