559
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

ليست نافية لجميع شقوق الكفر، كيف؟ والقول بها على أيّ تقدير لا ينفي الكفر الناشئ عن إنكار ضروري من ضروريات الدين كإنكار الصلاة أو الصوم مثلاً، فنفي إمكان إله آخر إنّما هو بأدلّة اُخرى من النصوص والإجماع.
أو اختيار أنّ الخبر المحذوف «ممكن» والتصديق بوجوده تعالى إنّما هو بأدلّة اُخرى، بل قد عرفت أنّ وجوده بعنوان أنّه صانع للعالم بديهيّ لا ينكره أحد من المشركين، فلا حاجة إلى التكليف بالتصديق بوجوده، بل المحتاج إليه إنّما هو الإذعان بنفي شريكه؛ فتأمّل.
وقد أجاب عن الإيراد بعضهم بأنّ «اللّه » عَلَم للذات الواجب بالذات، والعَلَم لكونه معرفة قد يشار به إلى الذات الموجودة المقدّسة.
فعلى هذا نختار أن الخبر المحذوف «ممكن» والمعنى: لا يمكن إله غير تلك الذات المقدّسة، فمن حيث الإشارة والتعيين علم وجود اللّه تعالى لا بمجرّد الاستثناء، وهذا كما يقال: لا يمكن أن يوجد شجاع مثل عليّ، أو أن يوجد كريم مثله، فإنّ كلّاً منهما دالّ على وجوده عليه السلام ، وأمثال هذا كثير. وهذا جواب تحقيقي قالع لمادّة الشبهة؛ فتأمّل.
تذنيب:
لنرجع إلى بيان تتمّة الحديث، فقوله: «فكان من سؤال الزنديق أن قال: فما الدليل عليه؟» يعني بما ذكرت قد ثبت وحدة المبدأ الأوّل للعالَم على تقدير وجوده فما الدليل على وجوده؟ فأجابه عليه السلام بأنّ «وجود الأفاعيل» هي جمع اُفعول ۱ ، وهو الفعل العجيب الذي روعي فيه الحكمة كخلق الإنسان وأعضائه وعروقه وأحشائه وعضلاته وآلات القبض والبسط ونحو ذلك ممّا لا يتأتّى إلّا من قادر حكيم؛ يعني وجود الأفعال المحكمة المتقنة المتّسقة المنتظمة يدلّ على وجود صانع لها قادر حكيم، ونبّه عليه بأنّك «إذا نظرت إلى بناء مُشَيَّد» إلخ.

1.في مرآة العقول، ج ۱، ص ۲۷۴: «اُفعوله».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
558

فإن قيل: حُذِف الخبر ليذهب ذهن السامع كلّ مذهب ممكن كما في «إِيّاكَ نَسْتَعِينُ»۱ وحينئذٍ يلزم نفي إمكان إله غيره تعالى مع إثبات وجوده.
اُجيب بأنّه على تقدير الحذف يذهب ذهن السامع إلى كلّ خبر على سبيل البدل، وعلى كلّ تقدير يلزم محذور.
ودفع بعضهم الإشكال باختيار تقدير «موجود»؛ لأنّه يلزم منه نفي الإمكان؛ إذ الإله إنّما يكون واجب الوجود، فما لم يوجد لا يكون إلها، فلا يمكن إله لم يوجد.
واُورد عليه أنّ القائل بالملزوم لا يجب أن يكون قائلاً باللازم، فلا يجب أن يكون من قال بإمكان إله آخر لم يوجد قائلاً بوجوبه وإن استلزم الأوّل الثاني، كيف، والمشركون لم يعتقدوا وجوب وجود أصنامهم، وهذه الكلمة ردّ عليهم.
وعلى الثاني ـ وهو أن يكون الخبر مذكورا؛ أعني قوله: إلّا اللّه ـ فـ «إلّا» لا يجوز أن يكون للاستثناء؛ لأنّ المستثنى لا يقع خبرا عن المستثنى منه، فهو بمعنى «غير».
واُورد عليه أنّ الجنس يغاير الفرد ضرورة، فكيف يصحّ سلب مغايرتهما؟
واُجيب بأنّ المراد نفي المغايرة في الوجود.
الثاني ۲ : أن لا يكون لها خبر أصلاً فـ «لا» لتضمّنها معنى صيغة «انتفى» كان في قوّة الفعل، فيكون الجملة كلاما، والمآل انتفى غير هذا الفرد من الجنس، أو يقال: «اللّه » مبتدأ و«إله» خبره، أي اللّه مستحقّ للعبادة، اُدخل «لا» و«إلّا» لإفادة الحصر. ويقرب منه ما اختاره بعض من أنّ الخبر المحذوف «مستحقّ للعبادة».
لكن يرد عليه أنّ معنى الإله هو المستحقّ للعبادة، فعلى تقدير ما ذكره يكون التقدير لا إله إله إلّا اللّه ، ولا يخفى بشاعته.
أقول: الحقّ في الجواب إمّا اختيار أنّ الخبرَ المحذوف «موجود» والقولَ بأنّ الكلمة

1.الفاتحة (۱): ۴.

2.أي المسلك الثاني.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125416
صفحه از 739
پرینت  ارسال به