561
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

إلى الشيئيّة الحقيقيّة كما أنّه موجود بالانتساب إلى حضرة الوجود لا موجود بنفس الوجود وإن لم يكن حقيقة ذلك الانتساب معلوما لنا.
أو معناه أنّ الشيئيّة لا يمكن انتزاعها منه تعالى انتزاعا بتجرّد ذاته عن الشيئيّة منه ولو في اللحاظ العقلي، بل ذاته بذاته حيثيّة انتزاع الشيئيّة منه كما أنّ ذاته بذاته حيثيّة انتزاع الوجود منه، فهو كما أنّه موجود بذاته شيء بذاته. وهذا معنى عينيّة الشيئيّة والوجود لذاته تعالى عندهم ۱ ، بخلاف المهيّات الممكنة فإنّها كما تصير ۲ في اللحاظ العقلي مجرّدة عن الوجود وتعقل ۳ غير مخلوطة به ولا تكون ۴ بذاتها حيثيّة انتزاع الوجود، بل إنّما جعلها الجاعل بحيث يصحّ انتزاعه عنها، كذلك تصير في اللحاظ العقلي مجرّدة عن الشيئيّة، وتعقل غير مخلوطة بها، ولا تكون بذاتها حيثيّة انتزاع الشيئيّة، بل إنّما جعلها الجاعل بحيث يصحّ انتزاعها عنها، فهي كما أنّها موجود بغيرها شيء بغيرها. وهذا معنى زيادة الوجود والشيئيّة على ذواتها.
قال بعض الفضلاء ۵ ما ملخّصه:
إنّ «الشيء» مساوٍ لـ «لموجود» إذا اُخذ الوجود أعمّ من الذهني والخارجي، وأعمّ من الموجود الخارجي. والفرق بينهما أنّ المخلوط بالوجود هو الذي يصحّ انتزاع الوجود منه، سواء كان بتجريده ۶ عن الوجود الخارجي أو بدونه، فالمخلوط بالوجود مطلقا من حيث الخلط شيء، وشيئيّته كونه بحيث يصحّ خلطه بالوجود، والوجود هو المعنى البديهيّ المنتزع من الحقيقة المخلوطة به. فهنا مخلوط، ومخلوط به، وخلط، فالمخلوط هو المنتزع منه، والمخلوط به هو المنتزع، والخلط صحّة الانتزاع، فهو بما هو منتزع منه شيءٌ، وبخلطه بالوجود موجود.

1.في المرآة: «عند جماعة من المحقّقين».

2.في النسخة: «يصير»، والمثبت من المرآة.

3.في النسخة: «يعقل».

4.في النسخة: «لا يكون»، والمثبت من المرآة.

5.هو الميرزا رفيعا النائيني.

6.في المصدر: «بتجريدها».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
560

والمشيّد ـ بضمّ الميم وفتح الشين وتشديد الياء المفتوحة ـ : المطوّل والمستحكم.
ولمّا كان البناء قد يستعمل لغير المبنيّ ـ كما أنّه قد يطلق على المعنى المقابل للهدم، وقد يطلق على النَطْع وغير ذلك ـ أردفه بقوله: «مبنيّ» فإنّ الناظر إلى البناء المطوّل المستحكم العالي يعلم أنّ له بانيا وإن لم ير الباني ولم يشاهده.
وقوله: «فما هو؟» إمّا سؤال عن حقيقته بالكُنه كما هو الظاهر، وحينئذٍ ففي الجواب إشارة إلى أنّه لا يعرف بكنهه إنّما يعرف بوجه يمتاز به عن جميع ما عداه كما في قوله تعالى حكاية عن فرعون وموسى عليه السلام : «قالَ [فِرعونُ ]وَما رَبُّ العالَمِينَ قالَ رَبُّ السَّمواتِ وَالأَرْضِ.... * قالَ إِنَّ رَسُولَكُم الَّذِي اُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُون»۱ لتوهّمه أنّ الجواب غير مطابق للسؤال.
أو سؤال عن حقيقته بالوجه الذي يمتاز به عن جميع ما عداه.
وعلى التقديرين فالجواب بيان الوجه الذي به الامتياز ۲ عمّا عداه وهو أنّه «شيء بخلاف الأشياء» ليس مثل الحقائق الممكنة المعلولة لا في ذاته، ولا في صفاته الحقيقيّة، ولا في نحو اتّصافها بالصفات.
وقوله عليه السلام : «أرجع» على صيغة المتكلّم وحده.
وقوله: «بقولي» وهو أنّه شيء بخلاف الأشياء «إلى إثبات معنىً» أي إلى إثبات موجودٍ في الخارج ومقصودٍ باللفظ فيه «و» إلى «أنّه شيء بحقيقة الشيئيّة» يعنى أقصد بهذا القول أنّه ذات موجودة في الخارج، وشيء بحقيقة الشيئيّة؛ يعني أنّ حقيقة الشيئيّة عين ذاته تعالى، فهي شيئيّة قائمة بذاتها، كما أنّ حقيقة الوجود المجهول الكنه المعلوم بالوجه بديهة عينه تعالى وهو وجود قائم بنفسه، فهو تعالى شيء بحقيقة الشيئيّة التي هي عينه كما أنّه موجود بحقيقة الوجود الذي هو عينه بخلاف ما عداه من الممكنات المعلولة فإنّه شيء بالانتساب

1.الشعراء (۲۶): ۲۳ ـ ۲۴ و۲۷.

2.في المرآة: «يمتاز».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 144755
صفحه از 739
پرینت  ارسال به