567
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

۰.الربِّ الظاهرِ ، ونورِ الربِّ الباهِرِ ، وبرهانِ الربِّ الصادقِ ، وما أنْطَقَ به ألسُنَ العباد ، وما أرسَلَ به الرُّسُلَ ، وما أنْزَلَ على العباد ـ دليلاً على الربّ» .

ويحتمل أن يكون المراد به كلّ موجود من المخلوقات عظيمها وحقيرها، كبيرها وصغيرها؛ فإنّ كلّ مخلوق من مخلوقات العالم برهان صادق، وحجّة ناطقة على وجوده تعالى.
وأقول: المراد بـ (ما أنْطَقَ به ألسُنَ العباد) اتّفاقهم وتواطؤهم بحكم بداهة عقولهم على وجود صانع العالم المتوحّد بالصانعيّة كما مرّ تفصيله، ۱ أو التجاؤهم إلى اللّه تعالى وتوسّلهم به في المضائق والمحن والمصائب كما مرّ. ۲
ويحتمل أن يكون المراد به اللغاتِ واللهجات المختلفةَ. والمراد بما أرسل به الرسل الشرائع المشتملة على الحِكَم والمصالح التي لا تحصى؛ فإنّ وضع أصل الشريعة المحكمة المتقنة الخارجة عن قدرة البشر دليل قويّ عند من له أدنى تميز على وجود الشارع الصانع للعالم المستحقّ للعبوديّة.
أو المراد به الآيات وخوارق العادات؛ فإنّها دالّة على الصانع قبل إخبار الرسل به.
والمراد بـ (ما أنزل على العباد) البلايا والمصائب النازلة على الاُمم عند خروجهم عن الإطاعة والانقياد وطغيانهم وعدوانهم من الاُمور الخارجة عن الأفعال الطبيعيّة والعاديّة كالطوفان وطير أبابيل وأمثالهما. وفيها من الدلالة على وجوده تعالى، وعلى إلهيّته متوحّدا ما لا يخفى.

تتميم

هذا ما وعدناك آنفا من الاستدلال على وجوده تعالى شأنه بوجوه برهانيّة غير إنّيّة، وفيه أنماط:
النمط الأوّل: وهو وجه وجيه اخترعته ـ ما نُظر فيه إلى حال الممكن، وأنّه محتاج إلى المؤثّر ـ فهو بعدما حقّقناه في إثباته تعالى من البراهين اللمّيّة أولى بأن يكون طريقة

1.مرّ في ص


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
566

كما مرّ منّا تحقيقه سالفا.
أو يكون إشارة إلى وجه آخر من وجوه براهين غير إنّيّة التي سيجيء ذكرها إن شاء اللّه تعالى.
والبرهان: الحجّة. والصادق صفته.
فيحتمل ۱ أن يكون المراد بالبرهان الصادق: حججه على خلقه من الأنبياء والأئمّة الصادقين في جميع أحكامهم، وحينئذٍ الاستدلال به على وجوده تعالى بوجهين:
أحدهما: إخبارهم بوجوده تعالى مع قطعنا بصدقهم من ظهور خوارق العادات في أيديهم، فإنّ المعجزة في نفسها تفيد الجزم بصدق صاحبها، ولا حاجة إلى الدليل على أنّها لا تجري في يد كاذب، ولا يتوقّف تصديق صاحبها على إثبات الواجب كما صرّح به بعض أجلّة الأفاضل ۲ - ۳ .
وثانيهما: أنّ أصل خلقتهم مع عِظم شأنهم، واتّصافهم بالكمالات الموهبيّة الجليلة، والأوصاف القدسيّة العظيمة، وخروج خلقهم عن مجرى أفعال الطبيعة والمادّيّة من أعظم الدلائل على صانع العالم البريء من كلّ نقص.
ويحتمل أن يكون المراد به ـ كما شرحه بعض الأفاضل ۴ ـ المقدّمات الحقّة الضروريّة التي يبتنى عليها إثبات الاُلوهيّة والتوحيد.

1.ذهب إليه المولى خليل القزويني في الشافي، ص ۳۲۹ (مخطوط).

2.في النسخة: «الفاضل».

3.قال الإسترآبادي في الحاشية على اُصول الكافي (ميراث حديث شيعه، ج ۸، ص ۲۹۹): «هذا الكلام ونظائره في كلامهم عليهم السلام دليل على أنّ دعوى النبيّ أنّه رسول الخالق، لدعوة الخلق ؛ إلى الإقرار ـ أي الاعتراف بأنّ في الموجودات خالقا واحدا ، والباقي مخلوق مع معجزته ـ دليل مستقلّ على أنّ لنا خالقا، وعلى علمه وقدرته. فما اشتهر عند علماء الكلام ـ أنّه لا تثبت النبوّة بالمعجزة إلّا عند أحد ثبت عنده أوّلاً أنّ له خالقا عالما قادرا على كلّ شيء ـ باطل».

4.هو الميرزا رفيعا النائيني في الحاشية على اُصول الكافي، ص ۲۷۰.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125398
صفحه از 739
پرینت  ارسال به