569
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

أمّا على الاحتمال الأوّل ـ وهو كون مفهوم الموجود ذاتيا لفرده ـ فيكون ذلك الفرد على هذا التقدير ممتنع الانعدام؛ لامتناع سلب الذاتي عمّا هو ذاتي له، وهو ظاهر، فيكون ذلك الفرد واجبا بالذات.
وأمّا على الاحتمال الأوّل من الثاني ـ وهو كون نفس ذات ذلك الأمر مصداقا لصدق مفهوم الموجود ـ فلأنّه إذا كان نفس ذاته مصداقا لصدق مفهوم الموجود عليه يكون لا محالة واجبا بالذات؛ لأنّ الواجب بالذات ما يكون ذاته بذاته مبدءً لانتزاع الموجوديّة، ومصداقا لصدق مفهوم الموجود على ما حقّق في موضعه.
وأمّا على الاحتمال الثالث ـ أي الأوّل من ثاني الثاني، وهو كون نفس ذلك الأمر الذي يصدق عليه مفهوم الموجود في نفس الأمر مبدءً لانتزاع ما هو مصداق صدقه ـ فلأنّه إذا كان نفس ذاته مبدءً لانتزاع ما هو مصداق لصدق الموجود يكون نفس ذاته في الحقيقة مصداقا لصدق مفهوم الموجود، فيكون واجبا بالذات أيضا بالضرورة.
وعلى سائر الاحتمالات الباقية يلزم التسلسل، أو الانتهاء إلى الواجب بالذات.
فإنّا نقول: صدق مفهوم الموجود على ذلك الأمر العيني الموجود في الخارج ـ الذي فرض أنّه مصداق لصدق مفهوم الموجود على ذلك الأمر الأوّل الذي صدق عليه هذا المفهوم، أو أنّه مبدأ انتزاع لما هو مصداق صدقه، سواء كان مباينا له ۱ أو حالّاً فيه ۲ أو محلّاً له ۳ أو حالّاً في محلّه ـ لا يخلو عن إحدى تلك الاحتمالات بالضرورة. وعلى الأوّل والثاني والثالث منها يلزم تحقّق الواجب بالذات وهو المطلوب. وعلى سائر الاحتمالات الباقية ننقل الكلام إلى ذلك الأمر العيني الموجود في الخارج أيضا وهكذا إلى غير النهاية حتّى يلزم التسلسل في تلك الاُمور الموجودة في الخارج، سواء كان مباينة لذلك الأمر الذي هو فرد الموجود، أو حالّة فيه، أو محلّاً له، أو حالّة في محلّه، والتسلسل محال، فلا بدّ أن

1.أي للأمر الأوّل.

2.أي في الأمر الأوّل.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
568

الصدّيقين من الوجوه المشهورة؛ فإنّها لا تخلو ۱ عن النظر إلى الممكن بوجه ما على ما لا يخفى.
فأقول: مقدّمة: كلّ مفهوم يصدق على أمر في نفس الأمر، فإمّا أن يكون ذاتيا لذلك الأمر، أو عرضيا.
وإن كان عرضيا فصدقه عليه إمّا باعتبار نفس ذلك الأمر، فيكون هو بذاته مصداقا له، أو باعتبار غيره. وذلك الغير إمّا أن يكون أمرا انتزاعيا، أو أمرا عينيا موجودا في الخارج، وإلّا لم يكن نفسَ أمريٍّ وهو ظاهر. وذلك الأمر العيني إمّا أن يكون نفس ذلك الأمر الذي يصدق عليه هذا المفهوم في نفس الأمر أو غيره. والأمر العيني الموجود في الخارج على التقديرين ـ سواء كان هو بذاته مصداقا لصدق هذا المفهوم، أو يكون مبدأ انتزاع لما هو مصداقه ـ إمّا أن يكون أمرا مباينا لذلك الأمر، بمعنى أن لا يكون بينهما تعلّق الحلول بوجه أصلاً، سواء كان بينهما ارتباط بوجه آخر أو لا، أو يكون أمرا مغايرا له [بمعنى أن يكون] بينهما تعلّق الحلول بأن يكون أحدهما حالّاً في الآخر، أو يكونا معا حانّين ۲ في ثالث.
وهذا حصر عقلي لا مجال لاحتمال آخر فيه أصلاً، وهو ظاهر بيّن.
وإذا عرفت هذه المقدّمة فنقول: صدق مفهوم الوجود على فرده الموجود في الخارج أيضا لا يخلو عن إحدى هذه الاحتمالات الضروريّة. وعلى بعض تلك الاحتمالات يلزم تحقّق الواجب بالذات، وعلى بعض آخر يلزم التسلسل وهو ممتنع، فلا بدّ أن ينتهي إلى بعض الاحتمالات المستلزمة لتحقّق الواجب بالذات. فعلى كلّ تقدير واحتمال يلزم تحقّق الواجب بالذات ووجوده، وهو المطلوب.
بيان ذلك أنّه على الاحتمال الأوّل، والأوّل من الثاني، والاحتمال الأوّل من ثاني الثاني يكون الواجب بالذات لا محالة موجودا.

1.في النسخة: «لا يخلو».

2.في النسخة: «أو يكون معا حالاً».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125448
صفحه از 739
پرینت  ارسال به