571
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

وهذا الوجه أحد ۱ الاحتمالات المذكورة في صدق مفهوم الموجود على فرده وهو ظاهر.
وأمّا على رأي الجمهور فيختار أنّ صدق مفهوم الموجود على الممكن الموجود باعتبار أمر انتزاعي هو الوجود ومبدأ انتزاعه هو الممكن لا من حيث هو، بل باعتبار نسبته إلى الجاعل الموجود المباين له؛ لأنّ موجوديّة الممكنات عندهم إنّما هو بجعل الجاعل وفعل الفاعل إيّاها، فهو أيضا من تلك الاحتمالات؛ فتدبّر تعرف.
النمط الثاني: وهو أيضا ممّا اخترعته، فأقول: لا بدّ أن يتحقّق في الموجودات ما يكون نفس ذاته بذاته مبدءً لانتزاع الوجود والموجوديّة؛ فإنّه لو انحصر الموجودات فيما لم يكن نفس ذاته من حيث هي هي مبدءً لانتزاع الوجود والموجوديّة، فلم يكن تلك الموجودات في حدّ ذواتها بذاتها موجودة، فإذا وجدت فقد صارت موجودة بعد ما لم تكن ۲ في أنفسها كذلك، وليس هذه الصيرورة لا تغيّر عمّا كانت هي في أنفسها عليه، لاحتاجت كلّ منها في صيرورته موجودا إلى ما به التغيّر من ضمّ ضميمة إليه أو ارتباطه بأمر آخر؛ لأنّه كما لا بدّ في كلّ تغيّر من مغيّر وفاعل له، ولهذا يحتاج كلّ ممكن موجود إلى علّة، كذلك لا بدّ فيه ممّا به التغيّر بديهة، والمنازع في ذلك مكابر مقتضى عقله، وما به التغيّر لا بدّ أن يكون موجودا، ولا يكونَ متغيّرا في ذاته أصلاً، وإلّا لاحتاج إلى أمر آخر به يتغيّر عمّا كان عليه في نفسه، فيلزم التسلسل، وهو محال. وإذا لم يكن متغيّرا يكون نفس ذاته من حيث هي هي مبدءً لانتزاع الوجود والموجوديّة بالضرورة، فقد تحقّق في الموجودات ما يكون نفس ذاته من حيث [هي] مبدءً لانتزاع الوجود والموجوديّة، وقد فرض أنّه ليس في الموجودات ما هو كذلك، هذا خلف. وكلّ ما يكون نفس ذاته من حيث هي مبدءً لانتزاع الوجود يكون واجبا بالذات، فالواجب بالذات موجود، وهو المطلوب.

1.في النسخة: «إحدى».

2.في النسخة: «لم يكن».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
570

ينتهي إلى إحدى الاحتمالات الثلاثة المذكورة سابقا، فيتحقّق الواجب بالذات قطعا كما ذكرنا آنفا.
فإن قيل: ترتّب الاُمور الغير المتناهية المجتمعة محال، والترتّب فيما نحن فيه ممنوع.
قلت: لا ريب في أنّ صدق الموجوديّة على ما هو مصداق لصدق مفهوم الموجود على هذا الأمر مقدّم بالذات على صدقه على ذلك الأمر بالضرورة؛ فإنّه ما لم يتحقّق أوّلاً مصداق صدق موجوديّة أمر لا يتحقّق ذلك الأمر بالضرورة، وهو ظاهر. على أنّ الترتّب والتقدّم الطبيعي بين الحالّ والمحلّ ضروري.
ثمّ إنّا نعلم بالضرورة أنّه لو كان صدق مفهوم الموجود على كلّ موجود باعتبار ارتباطه بالأمر المباين له، لم يصدق مفهوم الموجود على شيء أصلاً قطعا، فظهر وتبيّن أنّ وجود الواجب بالذات على كلّ احتمال من تلك الاحتمالات التي تجري في صدق مفهوم الموجود على الموجودات ضروري لازم قطعا وهو ما أردناه.
لا يقال: لو تمّ هذا الدليل لدلّ على عدم تحقّق الممكن مطلقا، وانحصار الموجود في الواجب بالذات؛ إذ الاحتمالات المتصوّرة في صدق مفهوم الموجود على فرده منحصر فيما ذكرت، وعلى بعض الاحتمالات ذلك الفرد الموجود واجب بالذات، وعلى بعض آخر من تلك الاحتمالات يلزم موجوديّة الممكن بكون الوجود حالّاً فيه، أو محلّاً له، أو بارتباطه بالأمر المباين له. وكلّ من تلك الاحتمالات ممّا تقرّر بطلانه عندهم على ما صرّحوا به في كتبهم، فيلزم انحصار الموجود في الواجب بالذات، هذا خلف.
لأنّا نقول: على ما اخترناه الممكن موجود بارتباطه بالأمر المباين له ارتباطا خاصّا غير الحالّيّة والمحلّيّة، وذلك الأمر المباين له هو الموجود الذي يكون ذاته مصداقا لصدق مفهوم الموجود، فهو الواجب بالذات. ولا محذور في ذلك أصلاً، ولا إشكال قطعا على ما حقّق في موضعه.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125391
صفحه از 739
پرینت  ارسال به