وتأثيراتها بالوضع بل بالزمان أيضا، غير عالمة بالكلّيّات، بل بالجزئيّات أيضا بمحض ذواتها، متناهية في الكمال والمجد، متصوّر وقوعها على خلاف ما هو عليها في الصغر والكبر والقلّة والكثرة وغيرها من الأحوال والأوضاع، فلا تكون ۱ واجبة بالذات أصلاً كما توهّم. قال الشيخ في تعليقاته:
الإنسان لمّا اعتاد أن يدرك الأشياء بالحسّ، صار يعتقد أنّ ما لا يدركه حسّا لا حقيقة له، ولا يصدّق بوجود النفس والعقل وكلّ صورة مجرّدة؛ لأنّه اعتاد أن يرى الصور الجسمانيّة، ويراها محمولة في شيء غير مجرّد ۲ ، هذا مع ما يراه من فعل الطبيعة وفعل العقل والنفس اعتبارا، لكنّه بوجود الطبيعة أوثق منه بوجود النفس والعقل؛ لأنّه يشاهد الأجسام الطبيعيّة، ويرى الأفعال ۳ الطبيعيّة فيها ظاهرة، وفعل النفس أخفى من فعل الطبيعة؛ لأنّها أشدّ تجرّدا من الطبيعة، وكذا فعل العقل؛ لأنّه أشدّ تجرّدا منهما؛ فكلّ ما هو أظهر فعلاً في الأجسام فإنّه بوجوده أوثق.
وبالجملة، فإنّه يعتقد أن لا وجود لجوهر مجرّد ولا حقيقة له، وأنّ الحقيقة إنّما هي للجسم المحسوس؛ لأنّ الحسّ يدركه. ولعمري أنّ الحسّ لا يدرك المعقول؛ لأنّه مجرّد ۴ ، ولا يدركه إلّا مجرّد ۵ .
وأمّا غير ۶ المجرّد، فلا يدرك إلّا غير المجرّد، ويكاد يعتقد في الجسم أنّه واجب الوجود غير معلول لا سيّما الفلك الأعلى؛ لبساطته، فلا يجوز ۷ أن لا يكون معلولاً؛ لأنّه مركّب من هيولى وصورة. وهنالك ثلاثة أشياء: هيولى وطبيعتها العدم، وصورة يقيم الهيولى بالفعل ويظهر في الهيولى ويكون ۸ محمولة ۹ ، وتأليف. فلا
1.في النسخة: «فلا يكون».
2.في المصدر: «غير محدود».
3.في المصدر: «أفعال».
4.في المصدر: «محدود».
5.في المصدر: «محدودا».
6.في النسخة: «الغير». وكذا المورد الآتي.
7.في المصدر: «ولا يجوز».
8.في المصدر: «تقيم... وتظهر... وتكون».
9.في المصدر: + «فيها».