577
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

وتأثيراتها بالوضع بل بالزمان أيضا، غير عالمة بالكلّيّات، بل بالجزئيّات أيضا بمحض ذواتها، متناهية في الكمال والمجد، متصوّر وقوعها على خلاف ما هو عليها في الصغر والكبر والقلّة والكثرة وغيرها من الأحوال والأوضاع، فلا تكون ۱ واجبة بالذات أصلاً كما توهّم. قال الشيخ في تعليقاته:
الإنسان لمّا اعتاد أن يدرك الأشياء بالحسّ، صار يعتقد أنّ ما لا يدركه حسّا لا حقيقة له، ولا يصدّق بوجود النفس والعقل وكلّ صورة مجرّدة؛ لأنّه اعتاد أن يرى الصور الجسمانيّة، ويراها محمولة في شيء غير مجرّد ۲ ، هذا مع ما يراه من فعل الطبيعة وفعل العقل والنفس اعتبارا، لكنّه بوجود الطبيعة أوثق منه بوجود النفس والعقل؛ لأنّه يشاهد الأجسام الطبيعيّة، ويرى الأفعال ۳ الطبيعيّة فيها ظاهرة، وفعل النفس أخفى من فعل الطبيعة؛ لأنّها أشدّ تجرّدا من الطبيعة، وكذا فعل العقل؛ لأنّه أشدّ تجرّدا منهما؛ فكلّ ما هو أظهر فعلاً في الأجسام فإنّه بوجوده أوثق.
وبالجملة، فإنّه يعتقد أن لا وجود لجوهر مجرّد ولا حقيقة له، وأنّ الحقيقة إنّما هي للجسم المحسوس؛ لأنّ الحسّ يدركه. ولعمري أنّ الحسّ لا يدرك المعقول؛ لأنّه مجرّد ۴ ، ولا يدركه إلّا مجرّد ۵ .
وأمّا غير ۶ المجرّد، فلا يدرك إلّا غير المجرّد، ويكاد يعتقد في الجسم أنّه واجب الوجود غير معلول لا سيّما الفلك الأعلى؛ لبساطته، فلا يجوز ۷ أن لا يكون معلولاً؛ لأنّه مركّب من هيولى وصورة. وهنالك ثلاثة أشياء: هيولى وطبيعتها العدم، وصورة يقيم الهيولى بالفعل ويظهر في الهيولى ويكون ۸ محمولة ۹ ، وتأليف. فلا

1.في النسخة: «فلا يكون».

2.في المصدر: «غير محدود».

3.في المصدر: «أفعال».

4.في المصدر: «محدود».

5.في المصدر: «محدودا».

6.في النسخة: «الغير». وكذا المورد الآتي.

7.في المصدر: «ولا يجوز».

8.في المصدر: «تقيم... وتظهر... وتكون».

9.في المصدر: + «فيها».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
576

نقول: هذا الاحتمال إنّما يجوّزه العقل إذا اعتبر استناد بعض الممكنات إلى بعض مفصّلاً بأن يلاحظ هذا من ذاك، وذاك من ذلك وهلم جرّا، فإنّ ۱ بهذا الطريق لا يحيط بجميعها؛ لعدم تناهيها، ولا يظهر الخلف عنده.
وأمّا إذا لاحظ جميعها إجمالاً وتذكّر أنّ شيئا منها لا يحصل بالفعل ما لم يحصل واحد آخر بالفعل، فلا يشكّ في أنّه مادام للطرف حكم الوسط لا يحصل شيء منها بالفعل حتّى يحصل منه شيء آخر، فلا يوجد شيء من الممكنات أصلاً؛ فافهم.
تذنيب: لمّا ثبت وجود الواجب بالذات الحقّ الأوّل، فنقول: إنّ الواجب بالذات لا بدّ أن يكون بسيطا؛ لأنّ كلّ مركّب ممكنٌ على ما مرّ، ويجب أن يكون غير متناهي الفعل والتأثير؛ فإنّ فعله تعالى لو لم يكن غير متناهٍ من جانب الأزل، فلا ريب في أنّه لا آخر ولا نهاية له من جانب الأبد، وأن لا يكون فعله زمانيا، وإلّا لما يصدر عنه ما يسبق وجوده على الزمان، وأن لا يكون متغيّرا، وإلّا لكان له مغيّر وهو محال، وأن لا يمكن معرفته، ولا يحصل حقيقته في ذهن من الأذهان على ما مرّ إليه إشارة، وأن لا يكون له مهيّة كلّيّة، وإلّا لكان ممكنا؛ لما مرّ، وأن لا يكون له بالقوّة أصلاً لا في ذاته ولا في صفاته، كيف؟ وهو الموجود البحت كما مرّ، وأن لا يكون له صفات زائدة على ذاته وإلّا لكان فاعلاً وقابلاً معا وهو ممتنع، وأن لا يكون تأثيره بالوضع، وإلّا لما صدر عنه المادّة والصورة الجسميّة كما مرّ، وأن يكون عالما بالكلّيّات والجزئيّات بوجه يليق بشأنه؛ لما حقّق في موضعه، وأن يكون غير متناهية في الكمال والمجد والعظمة؛ لما بيّن في مظانّه، وأن لا يتصوّر وقوعه على خلاف ما هو عليه في الواقع، وإلّا يلزم الترجّح بلا مرجّح.
ولا يخفى على اُولي النهى أنّ الأجسام مركّبة من المادّة والصورة متناهي الفعل ۲ والتأثير، متغيّر يمكن معرفتها، لها مهيّات كلّيّة ليست بالفعل في حدّ ذواتها، وصفاتها زائدة عليها،

1.كذا.

2.في النسخة: «العقل».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125501
صفحه از 739
پرینت  ارسال به