583
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

۳.عليُّ بن ابراهيمَ ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونسَ ، عن أبي المَغْراءِ ، رَفَعَه ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال :«إنّ اللّه خِلْوٌ من خَلْقه ، وخَلْقُه خِلْوٌ منه ، وكلّ ما وقع عليه اسمُ شيءٍ فهو مخلوقٌ ما خلا اللّه » .

عن أنّه أيّ شيء هو في ذاته، أو في حقيقة صفاته الحقيقيّة؛ فإنّ الاكتفاء بهذا الإطلاق وعدم تجويز الفحص «يخرجه من ۱ الحدّين: حدّ التعطيل» كما مرّ «وحدّ التشبيه» بالممكنات؛ لأنّ كلّ ما يمكن ويجوز للممكن معرفة كنهه، أو معرفة حقيقة صفته الحقيقيّة الكماليّة فهو ممكن؛ لما مرّ، فعدم تجويز الفحص عن كنهه وكنه صفاته الحقيقيّة يخرجه من حدّ التشبيه بالممكن؛ فتدبّر.
والأولى أن يقال ۲ : معنى قوله عليه السلام : «نعم يخرجه» إلخ أنّه يجوز أن يقال للّه : إنّه شيء، ويجب أن يخرجه القائل من الحدّين، فحينئذٍ قوله عليه السلام : «يخرجه» إنشاء في قالب الخبر.
والمراد بحدّ التعطيل الخروجُ عن الوجود، وعن الصفات الكماليّة والفعليّة والإضافيّة كما ذهب إليه المعطّلة، وبحدّ التشبيه الاتّصافُ بصفات الممكن والاشتراك مع الممكنات في حقيقة الصفات كما ذهب إليه المشبّهة والمجسّمة والقائلون بزيادة الصفات. وعلى هذا لا حاجة إلى التكلّفات المذكورة في البيانين الأوّلين؛ فتدبّر.
قوله: (عن أبي المغرا)
بكسر الميم وسكون الغين المعجمة ثمّ الراء المهملة، اسمه حُميد بن المثنّى، ثقة.
وقوله عليه السلام : (إن اللّه خِلْوٌ من خلقه، وخَلْقُه خِلْوٌ منه، وكلّ ما وقع عليه اسم شيء فهو مخلوق ما خلا اللّه ) الخِلو ـ بكسر الخاء المعجمة وسكون اللام ـ : الخالي. والمقصود إقامة الدليل على أنّه لا يكون محلّاً لغيره، ولا يتقوّم به، ولا يكون حالّاً في غيره، ولا جزءً له، ولا متّحدا مع غيره؛ لأنّ كلّ شيء مغاير له مخلوق له؛ لامتناع تعدّد المبدأ الأوّل الواجب بالذات؛ لما مرّ، فكلّ موجود مغاير له تعالى ممكن محتاج إليه في وجوده مخلوق له، والخلط بمخلوقه الممكن نقص مستحيل يجب تنزيهه تعالى عنه كما يحكم عليه الفطرة

1.في النسخة: «عن».

2.قاله النائيني في الحاشية على اُصول الكافي، ص ۲۷۱.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
582

۰.شيء؟ قال : «نعم ، يُخرِجُه من الحَدَّيْنِ : حَدِّ التعطيل ، وحدِّ التشبيه» .

والتعطيل في اللغة الإخلاء عن الحُلي قال امرؤ القيس:

وجِيدٍ كجِيدِ الرَيْم۱ليس بفاحشإذا هي نَصَّتْه ولا بمُعَطَّلِ۲
والمراد به هاهنا الإخلاء عن الوجود، وعن الصفات الحقيقيّة الكماليّة التي هي عين ذاته تعالى كما ذهب إليه المنكرون لوجوده تعالى كالمعطّلة والملاحدة لعنهم اللّه تعالى. والمراد بالتشبيه التشبيه بالممكنات، واتّصافه بصفة الإمكان، فقوله عليه السلام : (نعم يخرجه من الحدّين: حدّ التعطيل، وحدّ التشبيه) معناه أنّه يجوز أن يقال له تعالى: إنّه شيء بقول مطلق، ولا يجوز تقييده ببعض القيود كموجود وعالم وقادر ونحو ذلك من الصفات الحقيقيّة؛ فإنّ الاكتفاء بهذا الإطلاق والكفّ عن تقييده به وعدم تجويز ذلك «يخرجه من الحدّين» أي الطرفين «حدّ التعطيل» ونفي وجوده تعالى ونفي صفاته الكماليّة اللازم من نفي وجوده؛ لأنّ كلّ شيء موجود، فالحكم بشيئيّته المساوقة لوجوده يخرجه من الحكم بنفيه ونفي صفاته، اللازِم من نفيه «وحدّ التشبيه» بالممكنات واتّصافه بصفة الإمكان؛ لأنّ كلّ شيء موجود، فهو ممكن؛ لزيادة وجوده وموجوديّته على ذاته، وذلك مستلزم للإمكان كما مرّ. وكلّ شيء عالم، أو شيء قادر، أو نحو ذلك شبيه بالممكن في النقص اللازم من زيادة صفاته الكماليّة على ذاته، وقد عرفت أنّه تعالى موجود بحت وعالم بحت وقادر بحت ، لا شيء موجود وشيء عالم وشيء قادر ونحو ذلك، فالاكتفاء بإطلاق الشيء عليه تعالى وعدم تجويز تقييده بهذه القيود يخرجه من حدّ التشبيه بالممكن والاتّصاف بالإمكان.
أو معناه أنّه يجوز أن يقال له تعالى: إنّه شيء والاكتفاء به، ولا يجوز الفحص والتفتيش

1.في هامش النسخة: الرَيْم: الظَبْيُ الخالص البياض (ق) [القاموس المحيط، ج ۴، ص ۱۷۳ (ريم)]. وضبطها في ديوانه: «الرِّئم».

2.ديوانه، ص ۴۴ من المعلّقة. وفي هامشه: «النصّ: الرفع، ومنه سمّي ما تجلى عليه العروس منصّة، ومنه النصّ في السير وهو حمل البعير على سير شديد. ونصصت الحديث أنصّه نصّا: رفعته. الفاحش: ما جاوز القدر المحمود من كلّ شيء، يقول: وتبدي عن عنق كعنق الظبي غير متجاوز قدره المحمود ، إذا ما رفعت عنقها ، وهو غير معطّل عن الحلي، فشبّه عنقها بعنق الظبية في حال رفعها عنقها، ثمّ ذكر أنّه لا يشبَه عنق الظبي في التعطّل عن الحلي».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125493
صفحه از 739
پرینت  ارسال به