585
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

ضرب من الإمكان. ومن ثمّة قيل: إنّ نسبة القابل إلى المقبول بالإمكان، فالفاعل من حيث إنّه فاعل يوجب وجود المقبول ويقتضيه، والقابل من حيث هو قابل لا يقتضي وجود المقبول ولا يوجبه، فلا يكون القابل بعينه فاعلاً؛ لتنافي لازميهما، وكيف يكون ذات واحدة بسيطة مقتضيا لأمر وغير مقتضٍ له معا، هذا.
واعترض عليه بعض المتأخّرين بأنّه إن اُريد أنّ الفاعل من حيث هو فاعل موجب لمفعوله أنّ نفس مفهوم الفاعل من حيث هو موجب، فهو باطل في جميع الصور قطعا بالضرورة.
وإن اُريد أنّ ذات الفاعل ـ مقيّدا بحيثيّة الفاعليّة أو معلّلاً بها ـ يكون موجبا فهو ممنوع، بل ظاهر أنّ التقييد بالفاعليّة أو التعليل بها لا مدخل لشيء منهما في إيجاب الفاعل له واقتضائه.
وإن اُريد أنّ ذات الفاعل ـ من حيث هو كالشمس بعينها ـ موجب، فهذا مسلّم لا شكّ فيه، ولكن لِمَ لا يجوز أن يكون ذات القابل من حيث هو كالشمس موجبا في بعض الصور؟ وهل هذا إلّا أوّل المسألة ۱ ، وليس يتصوّر في هذا التصوّر اجتماع المتنافيين؛ إذ ليس فيه إلاّ اقتضاء ذات ما من حيث هو لصفة ما في نفسه ۲ ، وكما أنّه ليس لصفة القابليّة مدخل في هذا الإيجاب والاقتضاء لا تقييدا ولا تعليلاً، كذلك ليس لصفة الفاعليّة مدخل فيه كذلك، فيؤول الأمر إلى أنّ نفس القابل لصفة ما موجبة لهذه الصفة فيها مع قطع النظر عن القابليّة والفاعليّة تقييدا وتعليلاً، وليس فيه محذور أصلاً.
وأقول: منشأ هذا الاعتراض والإيراد هو الغفلة عن تحقيق معنى الحيثيّة التقييديّة والمقصود منها، فلنحقّق ذلك أوّلاً ونقول: إنّ العقل إذا لاحظ شيئا واعتبره بوجه معيّن، كان ذلك الشيء مأخوذا من حيث ذلك الوجه ومقيّدا به.

1.كذا.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
584

السليمة والفطنة القويمة، فخلطه بغيره محال، فلا يكون محلّاً لغيره، ولا حالّاً فيه، ولا متقوّما به، ولا جزءً له، ولا متّحدا معه، فالنتيجة في كلامه عليه السلام مطويّة بعد الدليل وهي أنّه تعالى خِلْوٌ من غيره، وغيره خِلْوٌ منه.
ومناسبة هذا الحديث مع الحديثين المذكورين بعده للباب باعتبار اشتمالها على قوله: «ما خلا اللّه » فإنّه يدلّ على أنّه يقع عليه اسم «شيء».
فبيّن عليه السلام هاهنا خمس مسائل، وأقام دليلاً واحدا مشتركا على الكلّ، وبالحريّ أن نذكر هنا الأدلّة المخصوصة بكلّ واحد منها.
المسألة الاُولى
أنّه تعالى لا يكون محلّاً لغيره؛ ردّا على الأشاعرة القائلين بزيادة الصفات الحقيقيّة، أي الصفات الموجودة في الخارج، لا الإضافيّة والسلبيّة والاعتباريّة الانتزاعيّة، وعلى الكرّاميّة القائلين باتّصافه بالحادث، أي الموجود بعد العدم، فإنّ بعض الصفات الحقيقيّة عندهم حادثة، وعلى ما يفهم من ظاهر كلام بعض الصوفيّة من عروض المهيّات الممكنة للوجود القائم بالذات تعالى عن ذلك علوّا كبيرا كما قال السهروردي ۱ :

من و تو عارض ذات وجوديممشبّكهاى مشكات وجوديم
واستدلّ على ذلك بوجوه:
الأوّل: البرهان المشهور، وتقريره موقوف على مقدّمة وهي كما حرّره بعض الأفاضل أنّه لا يجوز أن يكون أمر واحد بسيط فاعلاً وقابلاً لأمر واحد؛ لأنّ وجود المعلول إن توقّف على كلّ واحد من علله لكنّ الفاعل هو الذي يقتضيه ويجعله واجب الحصول، ويوجده دون غيره؛ ولذلك يقال له: «المقتضي» و«الموجد» و«ما منه الوجود» و«الموجب» والقابل لا يقتضي المقبول، ولا يجعله واجب الحصول، بل ليس له إلّا استحقاق وجود المقبول وهو

1.كذا، والصواب: «الشبستري» كما ورد في منظومته گلشن راز في جواب سؤال: «كه باشم من مرا از من خبر كن؟چه معنى دارد اندر خود سفر كن؟»

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125480
صفحه از 739
پرینت  ارسال به