591
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

كمال يتعاقب أفراده بغير بداية ونهاية، ويكون حصول كلّ لاحق مشروطا بزوال السابق على ما ذكره الحكماء من حركات الأفلاك، فالخلوّ عن كلّ فرد يكون شرطا لحصول كمال، بل لاستمرار كمالات غير متناهية، فلا يكون نقصا ۱ .
وأقول: هذا مدفوع من وجهين:
أحدهما: أنّ هذا الدليل على طريقة المتكلّمين ومبنيّ على امتناع التسلسل مطلقا، سواء كان على سبيل الاجتماع في الوجود، أو على سبيل التعاقب، وقد مرّ الدلالة على ذلك.
وثانيهما: أنّ ۲ على هذا يلزم قِدَم نوع الكمال المغاير لذات الواجب، فيلزم القول بتعدّد القديم وهو باطل مطلقا بإجماع الاُمّة.
وإمّا ۳ أن يكون قديما، فيلزم تعدّد القدماء وهو كفر بإجماع المسلمين.
قيل: لا نسلّم أنّ القول بتعدّد القديم مطلقا كفر بالإجماع، بل إنّما يكون الإجماع على كفر من قال بتعدّد القديم الذاتي ـ أي ما لا يكون مسبوقا بغيره ـ لا بتعدّد القديم الزماني، أي ما لا يكون مسبوقا بالعدم. وذلك كما ترى؛ فتأمّل فيه.
المسألة الثانية
أنّه تعالى لا يكون متقوّما بغيره، وقد مرّ الدلالة على نفي تركيبه تعالى ببعض الوجوه، وقد استدلّ عليه بوجه آخر، وقيل: اعلم أنّ الجزء إمّا فعلي تركيبي، أو معنوي ذهني، أو تحليلي وهمي، والواجب ـ تعالى شأنه ـ منزّه عن جميع أنواعه.
أمّا أنّه منزّه عن الأجزاء التحليليّة الوهميّة، فلأنّ الواجب ـ على ما مرّ ـ ليس بجسم ولا جسماني، والأجزاء التحليليّة الوهميّة الوضعيّة مختصّة بالجسم والجسمانيات.
وأمّا كونه متنزّها عن الأجزاء المعنويّة الذهنيّة، فلأنّه عبارة عن الأجزاء المحمولة، وهي متغايرة في المفهوم، متّحدة بحسب الوجود، فيحتاج اتّحادهما في الوجود إلى علّة؛ ضرورة

1.شرح المقاصد، ج ۲، ص ۷۱.

2.كذا.

3.عطف على قوله في ابتداء الوجه الخامس: «إمّا أن يكون حادثا».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
590

الرابع: ما تفرّدت بتحريره وهو أنّ كلّ ما حلّ فيه لا يخلو إمّا أن يكون معلولاً له تعالى، أم [لا]؛
والأوّل مستلزم لكون الشيء الواحد من جميع الجهات فاعلاً وقابلاً لشيء واحد وقد مرّ آنفا استحالته.
والثاني مستلزم لأحد الاُمور الممتنعة من تعدّد الواجب، وخلاف الفرض، والتسلسل، والدور؛ لأنّ ذلك الحالّ إمّا واجب بالذات، أو ممكن معلول.
وعلى الثاني فإمّا أن يكون معلولاً لواجب آخر، أو لذلك الواجب الذي هو محلّ له سواء كان بلا واسطة أو بالواسطة، أو لا ينتهي سلسلة علله إلى واجب أصلاً. والحصر عقلي لا مجال لاحتمال آخر. وعلى الأوّل والثاني يلزم تعدّد الواجب. وعلى الثالث ۱ يلزم خلاف المفروض. وعلى الرابع يلزم التسلسل، أو الدور والكلّ محال.
الخامس ۲ : أنّ ما حلّ فيه إمّا أن يكون حادثا وهو محال لوجهين:
أحدهما: أنّ الاتّصاف بالحادث تغيّر، وهو على اللّه تعالى محال؛ لما سيجيء بيانه إن شاء اللّه تعالى.
وثانيهما: أنّه لو جاز اتّصافه بالحادث، لجاز النقصان عليه وهو باطل بالضرورة والإجماع.
وجه اللزوم أنّ ذلك الحادث إن كان من صفات الكمال الخلوّ عنه مع جواز الاتّصاف به نقصا ۳ بالاتّفاق وقد خلا عنه قبل حدوثه. وإن لم يكن من صفات الكمال، امتنع اتّصاف الواجب به للاتّفاق. على أنّ كلّ ما يتّصف هو به يلزم أن يكون صفة كمال.
واعترض بأنّا لا نسلّم أنّ الخلوّ عن صفة الكمال نقص، وإنّما يكون لو لم يكن حال الخلوّ متّصفا بكمال يكون زواله شرطا لحدوث هذا الكمال، وذلك بأن يتّصف دائما بنوع

1.في النسخة: «الثاني».

2.ذكره التفتازاني.

3.في شرح المقاصد: «نقصانا».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125375
صفحه از 739
پرینت  ارسال به