593
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

ويمكن أن تجعل المحذور في جميع الشقوق امتناع الحمل الذاتي كما لا يخفى على الفطن. انتهى.
قيل: الأولى أن يقال: إنّ الأجزاء المعنويّة المحمولة إمّا مأخوذة عن الأجزاء الخارجيّة ويلزم من نفي التركيب الخارجي ـ كما سيجيء ـ نفيها، وإمّا غير مأخوذة عنها بل يكون الكلّ بسيطا في الخارج، وحينئذٍ لا يتعلّق بنفيها عن الواجب غرض يعتدّ به؛ إذ مثل تلك الأجزاء ـ كما حقّق في موضعه ـ إنّما يؤخذ حقيقة من لوازم ذلك البسيط الخارجي، ولا مانع من أن يكون للواجب البسيط في الخارج لوازم كذلك على ما لا يخفى.
وأمّا أنّه تعالى منزّه عن الأجزاء التركيبيّة الخارجيّة، فلوجهين:
أحدهما: أنّ الأجزاء الخارجيّة ـ على ما هو المشهور المقرّر عند الجمهور ـ مقدّمة على الكلّ بحسب الوجود في الخارج، والكلّ في الوجود محتاج إليها، وتحقّق تلك الأجزاء في الواجب بالذات مستلزم لإمكانه وكون غيره مقدّما عليه بحسب الوجود الخارجي، والواجب يجب أن يكون مقدّما على كلّ ما عداه وجودا.
وثانيهماّ : أنّه لو كان للواجب أجزاء موجودة تركّب منها الواجب، فتلك الأجزاء إمّا واجبة، أو ممكنة، أو بعضها كواحد منها واجب، وبعض آخر ممكن. فعلى الأوّل ـ وهو أن يكون كلّها واجبة ـ لزم تعدّد الواجب وبرهان التوحيد ينفيه. وعلى الثاني ـ وهو أن يكون كلّها ممكنة ـ لم يكن المجموع واجبا؛ إذ الكلّ ليس إلّا جميع الأجزاء، وأيضا يمتنع تقدّم الكلّ على الجزء بالذات، فيمتنع أن يكون جزء الواجب ممكنا؛ لأنّ الواجب واحد مقدّم على كلّ ممكن بالذات.
وبهذا يظهر بطلان الثالث أنّه على هذا التقدير يكون الجزء الواجب هو المبدأ الأوّل، والجزء الممكن في سلسلة الممكنات، ومجموع الواجب والممكن يمتنع أن يكون مقدّما بالذات على شيء من أجزائه.
تفريع
إذا ثبت أن لا جزء للواجب تعالى في الأعيان ولا في الأذهان، ظهر أنّ لا جنس له ولا


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
592

أنّ كلّ أمر يغاير أمرا آخر فاتّحاده معه واتّصافه به، أو كونه هو يحتاج إلى العلّة؛ فإنّ توسّط الجعل بين الشيء ونفسه ممتنع بالذات. وأمّا كونه شيئا آخر، فيحتاج إلى علّة بالضرورة كما مرّ مرارا، فالواجب لو تركّب من الأجزاء المحمولة، لكان معلولاً ـ تعالى عن ذلك ـ ؛ لأنّ وجوده عين وجود الأجزاء.
والحاصل أنّ كلّ واحد من الأجزاء المحمولة عرضي للآخر، والعرضي مجعول معلول بالضرورة والاتّفاق، وإذا كان اتّحاد الأجزاء بعضها مع بعض معلولاً، لكان الواجب أيضا معلولاً، فيكون ممكنا، هذا خلف.
واُورد عليه بأنّه لا يلزم من معلوليّة الاتّحاد معلوليّة الواجب؛ إذ الاتّحاد نسبة، والنسبة متأخّرة عن الطرفين، خارجة عنهما.
واُجيب عنه بأنّه لا أعني بالاتّحاد هذا المعنى النسبي، بل المراد به الوحدة التي بينها في نفس الأمر.
وردّ بأنّه يجوز كون ۱ ذلك الوجود من حيث تعلّقه بالجزء معلولاً محتاجا إلى الفاعل وإن لم يكن من حيث تعلّقه بالكلّ ـ وهو الواجب ـ معلولاً ولا محتاجا أصلاً.
والجواب عنه أنّه لا يخفى على اُولي النهى أنّه لا معنى لمعلوليّة الوحدة والاتّحاد إلّا كون الوجود الواحد المتعلّق بالأجزاء أثرا للفاعل؛ وذلك الوجود بعينه وجود الكلّ، فيكون الكلّ أيضا أثرا للفاعل حقيقة. على أنّ إمكان الاتّحاد مستلزم لإمكان الواجب؛ لما لا يخفى على المتفطّن، هذا.
واستدلّ المحقّق الدواني قدس سره على نفي تلك الأجزاء بما ملخّصه:
أنّه إن كان كلّ من الجزءين عين وجوده، لم يصحّ حمل أحد الجزءين على الآخر؛ لتغاير وجودهما، ولا على الكلّ أيضا؛ لذلك. وإن كان أحدهما فقط عين وجوده، كان هو الواجب، فلا تركيب فيه. وإن كان كلاهما غير الوجود، كان الواجب ممكنا.

1.في النسخة: «أنّ».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 126290
صفحه از 739
پرینت  ارسال به