595
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

الثاني: أن تكون تلك الجهة موجبةً ومنشأ لاتّصاف الذات وحدها بتلك الصفة، فيكون الموصوف نفس الذات فقط، والجهة علّة وموجبة، ولم يكن موصوفه. والأوّل يسمّى بالحيثيّة التقييديّة والثاني بالتعليليّة.
ثمّ إنّ خصوصيّة بعض الصفات في الموصوف بالحيثيّة التقييديّة قد تكون ۱ مستلزمة لاتّصاف نفس الموصوف فقط بهذه الصفة أيضا، وذلك كالحلول في شيء والمقارنة له، فإنّ اتّصاف المقيّد مع القيد بالحلول والمقارنة لا يتصوّر إلّا باتّصاف كلّ من المقيّد والقيد بهما أيضا بالضرورة، فنفس ذات الحال ولو مع ألف قيد مقارن أيضا لذات محلّه.
الثانية: نسبةُ ذات الواجب إلى كلّ ما عداه من الممكنات نسبةُ الوجوب، وذلك إذا كان الممكن معلولاً له بانفراده بلا مشاركة غير ومدخليّته ظاهر لا يخفى. وأمّا إذا لم يكن معلولاً له بالانفراد، بل يكون له علّة اُخرى، أو يكون أمر آخر بمشاركة الواجب علّة له، فلأنّ كلّ ما يفرض أن يكون علّة لهذا الممكن، أو له شركة في علّيّته؛ لإمكانه وانحصار الواجب في واحد، يجب أن يكون معلولاً لذات الواجب أيضا ولو بالواسطة، فهذا الممكن أيضا وجب بإيجابه حقيقة؛ لأنّه موجب لموجبه بالاستقلال، فهو الموجب لكلّ ما عداه مطلقا، وتحقّق الواسطة بينهما لا ينافي ذلك.
نعم، لو جاز أن يكون علّة وجود ممكن، أو شريك علّته أمرا لا ينتهي إلى الواجب لا يكون نسبة الواجب إليه نسبة الوجوب لكن ذلك ممتنع؛ لأنّ كلّ ما سواه ـ وإن فرض أنّه صفة له ـ مستند إليه كما لا يخفى.
الثالثة: لا يجوز أن يكون أمر واحد بعينه إذا نسب إلى أمر آخر بعينه من غير اختلاف وتغيير فيهما موجبا له غير موجب أيضا؛ فإنّ ذلك بيّن البطلان بديهيّ الامتناع.
الرابعة: المقارن من حيث إنّه مقارن لا يوجب وجود المقارن الآخر؛ فإنّ نسبة المقارنة والحلول غير نسبة العلّيّة والإيجاد والإيجاب، وذلك ظاهر.

1.في النسخة: «يكون».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
594

فصل، فلا حدّ له؛ لأنّ المحدود يجب أن يكون مركّبا من جنس وفصل، ولمّا كان الواجب لذاته منفصل الحقيقة عمّا عداه، فلا يكون له لازم يوصل تصوّره العقل إلى حقيقته، فلا وصول للعقول إلى حقيقته من هذا الطريق، فلا تعريف له يقوم مقام الحدّ فاعرفه.
المسألة الثالثة
أنّه تعالى لا يكون حالّاً في غيره، فلا يكون عرضا ولا صورة، وذهب بعضُ المتصوّفة إلى أنّه تعالى يحلّ في العارفين، وبعضُ النصارى إلى حلوله في عيسى عليه السلام كما سيجيء نقله مفصّلاً.
قال بعض الأفاضل: المشهور عند الجمهور في الاستدلال على أنّه تعالى ليس بحالّ أنّ كلّ حالّ يحتاج في وجوده، أو تشخّصه إلى المحلّ ضرورة، والاحتياج في الوجود، أو التشخّص ينافي الوجوب الذاتي. وقد يمنع بداهة احتياج كلّ حالّ إلى المحلّ في الوجود، أو التشخّص.
فإن قيل: المشهور المقرّر عند الجمهور أنّ ثبوت شيء لشيء فرع لوجود المثبت، فيكون وجود كلّ حالّ متأخّرا عن وجود محلّه بالذات، محتاجا إليه.
قلنا: في المشهور قصور؛ فإنّ الفرعيّة غير مسلّمة، والاستلزام غير نافع.
فالأولى أن يستدلّ عليه بما يستفاد من كلام بعض الأعاظم، وتقريره يستدعي تمهيد مقدّمات:
الاُولى: أنّ الجهة التي تكون ۱
جهة لاتّصاف الذات بحالة، أو صفة، وبها يثبت للذات حالةٌ قسمان:
الأوّل: أن يكون شريكة للذات في الاتّصاف حتّى تكون تلك الصفة والحالة ثابتة للذات مع تلك الجهة، فيكون الموصوف تلك الذات والجهة معا.

1.في النسخة: «يكون».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125366
صفحه از 739
پرینت  ارسال به