597
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

يعتبرها العقل أمرا واحدا وإن لم تكن ۱ واحدا في الحقيقة كالعسكر، ولا ضير في كونه تعالى جزءً من هذا المركّب كالمركّب من الواجب والممكن الذي اعتبره العقل.
وقد سنح لي دليل على ذلك المطلوب وهو أنّه لو كان الواجب جزءً لغيره من المركّب الغير الاعتباري، فلا يخلو إمّا أن يكون ذلك الغير واجبا، أو ممكنا. لا سبيل إلى الأوّل؛ لامتناع تعدّد الواجب، ولاستحالة تركّبه؛ لما مرّ. ولا سبيل إلى الثاني؛ لأنّه حينئذٍ إمّا أن يكون جزءً مقداريا ـ أي وهميا تحليليا ـ ، أو جزءً عقليا، أو جزءً خارجيا، والكلّ باطل.
أمّا الأوّل، فلأنّ الجزء المقداري لا يكون إلّا جسما أو جسمانيا، وقد مرّت الدلالة على أنّه تعالى مجرّد ليس بجسم ولا جسماني.
وأمّا الثاني، فلأنّ الجزء العقلي مهيّة كلّيّة وهي ممكنة غير واجبة؛ لأنّ تشخّص الواجب عين ذاته، فلا يمكن أن يكون جزءً عقليا. وأيضا بناءً على مذهب المنكرين لوجود الكلّي الطبيعي في الخارج يلزم أن لا يكون الواجب بالذات موجودا في الخارج وهو محال، وعلى مذهب القائلين بأنّه موجود بوجود الكلّ واتحادهما في الوجود يلزم أن يكون الواجب موجودا بوجود غيره ومتّحدا مع غيره في الوجود، فيلزم أن يكون شيئا موجودا بوجود زائد على ذاته ـ كما هو شأن الأجزاء العقليّة ـ لا موجودا بحتا ووجودا بحتا، فيلزم أن لا يكون الواجب بالذات، واجبا بالذات ، بل ممكنا هذا خلف.
وأيضا يلزم امتناع الحمل الذاتي؛ لامتناع حمل الجزء الواجب ـ الذي هو عين الوجود ـ على الجزء الآخر الذي ليس عين الوجود، بناءً على وحدته تعالى، بل موجود بوجود زائد على ذاته، وعلى الكلّ الذي هو أيضا كذلك؛ لتغاير وجوديهما كما مرّ من المحقّق الدواني ۲ .
وأمّا الثالث فلوجوه:
الأوّل: لأنّ الواجب تعالى علّة فاعليّة لجميع الموجودات الممكنة إمّا بلا واسطة فاعل

1.في النسخة: «لم يكن».

2.مرّ في ص ۵۷۸.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
596

وبعد تمهيد المقدّمات نقول: لا يجوز أن يكون الواجب حالّاً في أمر مقارنا له، وإلّا لكان حالّاً في ممكن، وقد مرّ أنّ الواجب بالذات موجب لجميع الممكنات، فلو حلّ في ممكن وقارنه، يتعيّن ۱ نسبته إليه؛ فإنّه من حيث إنّه مقارن له لا يوجبه، فيلزم أن يكون أمر بعينه ـ وهو الواجب ـ موجبا لمحلّه غير موجب له تعيّنه معا، هذا خلف.
ولا يخفى على المتأمّل في المقدّمات السالفة أنّ انضمام الاُمور المتعدّدة إلى الواجب ليختلف الحيثيّة لا يقدح فيما ذكرناه؛ فتأمّل.
فإن قيل: على ما ذكرت يلزم أن لا يكون الواجب الحقّ عالما لمعلوماته أصلاً، وإلّا يلزم تعيّن ۲ نسبته إليها.
قلت: كونه عالما بها لازم من لوازم كونه فاعلاً موجدا لها على ما حقّق في موضعه، فلا يلزم تعيّن ۳ النسبة أصلاً؛ فافهم.
اعلم أنّ هذا الدليل كما يدلّ على عدم حلوله في غيره حلولَ العرض في موضوعه، وحلول الصورة في مادّته يدلّ على عدم حلوله فيه أيضا حلول الجسم في المكان، ومن هذا القبيل حلول امتزاج كحلول الماء في الورد، فإنّ ذلك من خواصّ الأجسام، ومفضٍ إلى الانقسام، وعائد إلى حلول الجسم في المكان.
ثمّ اعلم أنّ أنّه ۴ كما يستحيل حلول ذاته تعالى في غيره يستحيل حلول صفاته الحقيقيّة أيضا فيه؛ لأنّها عين الذات على التحقيق. وأمّا على رأي من قال بزيادتها فلاستحالة انتقال الصفة كما ثبت في موضعه؛ فتأمّل.
المسألة الرابعة
أنّه تعالى لا يكون جزءً لغيره من المركّبات الغير الاعتباريّة، فإنّ المركّب الاعتباري ليس بمركّب حقيقة، بل إنّما يكون تركيبه بمحض اعتبار العقل بأن يكون هناك عدّة اُمور

1.في النسخة: «يتفنّن».

2.في النسخة: «تفنّن».

3.كذا.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125412
صفحه از 739
پرینت  ارسال به