يعتبرها العقل أمرا واحدا وإن لم تكن ۱ واحدا في الحقيقة كالعسكر، ولا ضير في كونه تعالى جزءً من هذا المركّب كالمركّب من الواجب والممكن الذي اعتبره العقل.
وقد سنح لي دليل على ذلك المطلوب وهو أنّه لو كان الواجب جزءً لغيره من المركّب الغير الاعتباري، فلا يخلو إمّا أن يكون ذلك الغير واجبا، أو ممكنا. لا سبيل إلى الأوّل؛ لامتناع تعدّد الواجب، ولاستحالة تركّبه؛ لما مرّ. ولا سبيل إلى الثاني؛ لأنّه حينئذٍ إمّا أن يكون جزءً مقداريا ـ أي وهميا تحليليا ـ ، أو جزءً عقليا، أو جزءً خارجيا، والكلّ باطل.
أمّا الأوّل، فلأنّ الجزء المقداري لا يكون إلّا جسما أو جسمانيا، وقد مرّت الدلالة على أنّه تعالى مجرّد ليس بجسم ولا جسماني.
وأمّا الثاني، فلأنّ الجزء العقلي مهيّة كلّيّة وهي ممكنة غير واجبة؛ لأنّ تشخّص الواجب عين ذاته، فلا يمكن أن يكون جزءً عقليا. وأيضا بناءً على مذهب المنكرين لوجود الكلّي الطبيعي في الخارج يلزم أن لا يكون الواجب بالذات موجودا في الخارج وهو محال، وعلى مذهب القائلين بأنّه موجود بوجود الكلّ واتحادهما في الوجود يلزم أن يكون الواجب موجودا بوجود غيره ومتّحدا مع غيره في الوجود، فيلزم أن يكون شيئا موجودا بوجود زائد على ذاته ـ كما هو شأن الأجزاء العقليّة ـ لا موجودا بحتا ووجودا بحتا، فيلزم أن لا يكون الواجب بالذات، واجبا بالذات ، بل ممكنا هذا خلف.
وأيضا يلزم امتناع الحمل الذاتي؛ لامتناع حمل الجزء الواجب ـ الذي هو عين الوجود ـ على الجزء الآخر الذي ليس عين الوجود، بناءً على وحدته تعالى، بل موجود بوجود زائد على ذاته، وعلى الكلّ الذي هو أيضا كذلك؛ لتغاير وجوديهما كما مرّ من المحقّق الدواني ۲ .
وأمّا الثالث فلوجوه:
الأوّل: لأنّ الواجب تعالى علّة فاعليّة لجميع الموجودات الممكنة إمّا بلا واسطة فاعل